المحال التجارية الكبرى تكتسي بلون الحب عراقيون: نبحث منذ زمن عن مخرج من الحزن أحداث الأنبار والفلوجة ..دماء على نهر الحب
مع تشابه اللون الأحمر بين الدم والتعبير عن الحب، تخطى العراقيون حاجز الدم والقتل والتفجيرات التي يعيشونها كل لحظة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، إلى الاحتفال بالحب وإقامة مراسم "الفالنتين" التي يميزها اللون الأحمر أيضا. رداء الحب الأحمر وعباءة الدم رغم التفجيرات وحالة التناحر بين الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش من جهة والقوات العراقية من جهة آخري، ابتعد العراقيون عن كل هذه الأجواء، وغطوا محالهم التجارية الكبرى في الشوارع الرئيسية في أحياء المنصور والكرادة والحارثية وشارع فلسطين والكاظمية، في العاصمة بغداد بهدايا عيد الحب. اكتست المدن برداء أحمر من الهدايا، دمي (دباديب) ووسائد وزهور والشموع وأكواب وبطاقات تهاني وبالونات، في حين حرصت متاجر الملابس والأحذية وحقائب النساء بعرض نماذج مميزة، أيضا باللون الأحمر أجنبية المنشأ. حلويات بلون الحب تعرض محال بيع الحلويات والمعجنات نماذج كعكة وشرائط ومواد إنارة وإكسسوارات وشموع، كلها باللون الأحمر؛ وكذلك الحال في المطاعم الكبرى ومطاعم الوجبات السريعة التي زينت واجهاتها بشرائط حمراء، فيما تستعد منظمات مجتمع مدني عراقية ولجنة المرأة بوزارة الثقافة لإقامة احتفاليات تكرس لحب العراق. إقبال من العشاق وتحدي للانفجارات ويقول أحمد وليد 34عاما صاحب محل تجاري في بغداد، إن "هناك إقبالا كبيرا على اقتناء هدايا عيد الحب من شتى الفئات العمرية وخاصة العشاق، لافتا إلى أن دوي الانفجارات في شوارع بغداد ومدن أخرى هذه الأيام والزحام المروري الخانق جراء أوضاع الأمن غير المستقرة وانتشار نقاط التفتيش والأنباء التي يتداولها العراقيون حول القتال الدائر، لم تمنعهم من التسوق وشراء مستلزمات عيد الحب وتبادل الهدايا فيما بينهم لإضفاء حالة من الفرح والسرور في بلد أنهكه العنف والانفجارات. كيوبيد الحب للخروج من الحزن من جانبها، تقول أم شيماء 58عاما متقاعدة، "أحرص على اقتناء هدايا الفلانتين؛ لأنها تضفي البهجة والسرور وهي فرصة للخروج من حالة الحزن والكآبة التي خلفتها ماسي الدمار والانفجارات والقتل". وأضافت: " اشتريت مجموعة من الدباديب والزهور لأقدمها هدايا إلى أحفادي وأفراد عائلتي وهم بالتأكيد سيقدمون لي هدايا من نوع آخر ". بينما يشير زهير فارس 37عاما موظف حكومي إلى أن "الأحداث في الأنبار والفلوجة تقلقنا كثيرا لكن عيد الحب فرصة طيبة لاستعادة الذات وتحريك المشاعر ". استعداد عائلي مبكر وتابع العائلة استعدت مبكرا للاحتفال داخل المنزل وتم شراء جميع مستلزمات الاحتفال حتى أن فضاء البيت من الداخل طغى عليه اللون الأحمر". أما بان فرنسيس 42عاما، مسيحية ، رأت أن "الفلانتين بالنسبة لنا مناسبة عظيمة لأنها تتعلق بالمشاعر والأحاسيس والحب ورغم أنها تطل على العراق وهو يعيش حالة القتل والانفجارات، لايعني هذا أننا لانحتفل به ولو على مستوى محدود ولساعات قليلة ". وأضافت: "نبحث عن أي مناسبة من شأنها أن تخرجنا من أجواء الحزن والكآبة ... نحن أمة تعشق الحياة والحب وخاصة حب العراق الكبير معارك في الأنبار ومع تلك الروح المحبة للحياة، والمواطنين الحالمين بالتغيير ، نجد أنواعا شتى من العنف تجتاح محافظة الانبار، ذات الغالبية السنية، غرب العراق، حيث تدور فيها معارك بين الجيش العراقي المجهز بالدروع والدبابات والمروحيات بمساندة العشائر من جهة، وعناصر تنظيم "داعش" من جهة أخرى. يأتي ذلك وسط حالة من الغموض حول طبيعة المعارك وحجم الخسائر وإلى أين آلت الأمور بعد أن فرضت الحكومة العراقية تعتيما إعلاميا وأوقفت أجهزة الاتصال والانترنت. وهكذا يعيش شعب العراق ما بين حرقة دماء القتل، والرغبة في استعادة الحب وسط تزاحم أعمال العنف، والخروج من مأساة السياسة إلى سماحة الود، فهل سيستطيع العراقيون تناسي الدمار والاكتفاء بساعات يعيشون فيها ذكريات ومعاني الحب الجميل؟.