على خلفية أعمال العنف والقتال والخطف والسلب والنهب التي قامت بها الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، أرسل ابو خالد السوري أحد قيادات الجهاد في سوريا وأحد أمراء الجبهة الإسلامية "جبهة النصرة" رسالة شديدة اللهجة إلي داعش، يوضح فيها فساد منهجهم واعتقادهم وإلزام المسلمين في جبهات القتال كلها بمقاطعتهم. رسالة أبو خالد السوري، الذي قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أرسله إلي سوريا لتسوية الخلاف مع الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا، تناولت عددا من الموضوعات والقضايا، من بينها الإشارة إلى أن الشّيطان يقعد لابن آدم كل مرصد، ومن بين تلك المقاعد التي يقعدها للمجاهدين في سبيل الله أن يوقعهم بفخاخ الغلو واستباحة دماء المسلمين. ولم تنس الرسالة أن تشدد على أن هذا المسلك دمر الجهاد في الجزائر وفي غيرها من الساحات الإسلامية, مطالبة قيادات "داعش" بألا يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا، ومن ثم يفسدوا الجهاد الشّامي بالوقوع فيها . تكفير داعش وتعرض أبو خالد لتكفير داعش لغيرها من كتائب القتال، لافتا إلى أن "إطلاق أحكام التكفير والردة، واتهام الفصائل بأنها صحوات إطلاقاً على جماعات بأسرها من غير تثبت وبينة لهو من أكبر الكبائر وأعظمها إثما وجرما"، مذكرا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما). وتساءلت الرسالة بتهكم عن موقف من يطلق هذا الحكم على جماعات مجاهدة بأسرها، تريد تحكيم الشّرع وإقامة الدّين كما عرفنا وخبرنا من أمرها. وتأخذ الرسالة بعد هذا الاستنكار منحى التأكيد علي "ضلال عناصر داعش وقتالها المسلمين والولوغ في الدماء"، وتبرئ قيادات الجهاد السابقة من الموافقه علي ما تقوم به داعش "إن ما نسمعه اليوم من جرائم وممارسات خاطئة ترتكب تحت اسم الجهاد وإقامة دولة الإسلام وانتسابا لمشايخ الجهاد كالشيخ أسامة رحمه الله والشيخ أيمن الظواهري حفظه الله والشيخ عبدالله عزام رحمه الله والشيخ أبي مصعب فك الله أسره والشيخ أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله ممن أمضوا أعمارهم جهاداً في سبيل الله، بعيد كل البعد عن المنهج السوي. وينتقل أبو خالد في رسالته بعد ذلك من موقف التهديد والتكفير إلى موقف الناصح الأمين لقيادات "داعش" : "خبري لكم خبر الناصح الذي أمضى عمره مع هؤلاء الأكابر وعرفهم حق المعرفة، فإنهم بريئون مما يُنسب لهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فلا يغرنكم تلبيس الملبسين ولا أخبار الكاذبين". دولة الأمير البغدادي الصراع على القيادة وتهميش الآخرين، لم يخل بدوره من رسالة أبو خالد، فراح يستنكر إصرار "داعش" على أنها هي "الدولة"، في الوقت الذي تعامل فيه المجاهدين الذين حرروا البلاد وقدموا الشهداء على أنهم "فصائل".. مشددا على أن مثل هذا الإصرار إنما هو بخس لحقِ الناس، بينما الله سبحانه وتعالى يقول : . هذا الصلف والتعالي الذي تتعامل به "داعش" مع باقي الفصائل، ومحاولة تقزيمها، اعتبرت الرسالة أنه السبب الرئيسي للأزمة التي تعيشها البلاد، وأنه أدخل الساحة في تعقيدات كانت في غنى عنها، معتبرة أنه لا سبيل للحل والخروج من تلك الأزمة إلا باعتراف كل فصيل بحجمه الحقيقي والعودة للحل القرآني (وأمرهم شورى بينهم)، وأن تهديد "داعش" بأنها إما أن تبيد أو تباد أو باستخدام الكيماوي فليس من الإسلام في شيء . وحذر أبو خالد دولة أو جماعة البغدادي (نسبة إلى أبو بكر البغدادي، المولود بالعراق العام 1971 ، وكان يلقب ب "أبو دعاء") من التمادي في هذه السياسات والتوبة منها، مختتما رسالته بالحديث النبوي الشريف "من خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشي من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني " .