محيط - مي كمال في الثامن عشر من مايو 1291 تمكن السلطان الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاون ثامن سلاطين الدولة المملوكية البحرية من تحرير مدينة عكا الفلسطينية من بين يدي الصليبيين، والقضاء على الوجود الصليبي في الشام. وقد تمكن الصليبيون من احتلال عكا في عام 1191 وأصبحت مع مرور الوقت واحدة من أهم مراكزهم على ساحل الشام والتي اعتبروها أولى الخطوات من أجل فرض سيطرتهم على بيت المقدس، وأصبحت مصدر لتهديد المسلمين. تمكن السلطان المنصور قلاوون الصالحي عام 1289من تحرير طرابلس من قبضة الصليبيين وعزم أن تكون عكا هي التي يتم تحريرها في العام التالي إلا أن القدر لم يمهله فتوفى قبل أن يحقق حلمه، وجاء بعد ذلك الأشرف خليل بن قلاوون ليتولى هذه المهمة. عقد الأشرف العزم على فتح عكا ولم تثنيه الهدايا التي أرسلها إليه الحكام الصليبيين ورسائلهم بالعدول عن قراره، فقام بتعبئة الجيوش من مصر والشام وجهزها بالآلات والمعدات الحربية منها 92 منجنيق، واحتشدت الجيوش عند قلعة الحصن في جبال الساحل السوري وخرج الأشرف بجيشه من مصر وانضم إليه أربعة جيوش يقودها نواب السلطان, وهم جيش دمشق يقوده حسام الدين لاجين، وجيش من حماة يقوده المظفر تقى الدين، وجيش طرابلس يقوده سيف الدين بلبان، والجيش الرابع كان من الكرك وعلى رأسه الأمير المؤرخ بيبرس الدوادار. أرسل الصليبيون في عكا إلى ملوك أوروبا أملاً في الحصول على الدعم والمساعدة في مواجهة جيوش المسلمين، إلا أنهم لم يجدوا الاستجابة الكافية منهم، حيث أرسل ادوارد الأول ملك انجلترا بعض الفرسان، بينما قام ملك قبرص هنري الثاني بتحصين أسوار عكا مع إرسال قوة عسكرية يقودها أخوه "أمالريك". وقسم الصليبيون أنفسهم إلى فرق كل واحدة لها مهمة محددة في حماية قسم من المدينة منها فرسان المعبد، الأسباترية، وفرسان التيوتون وغيرهم. غادر الأشرف القاهرة في السادس من مارس 1291 ووصل مع جيشه لعكا وحاصرها في إبريل من نفس العام، وبدأ المسلمون في الزحف على أسوار عكا حتى تمكنوا من السيطرة على حافتها، ومع كثرة عدد المسلمين وتلاحق هجماتهم تمكنوا من إحداث ثغرات في أسوار عكا الحصينة، ولم يتمكن الصليبيون من صد هجومهم، على الرغم من المحاولات المتكررة والتي باءت جميعها بالفشل. ومع وصول الملك هنري الثاني من قبرص على رأس أسطول يضم أربعين سفينة محملة بالعتاد تجدد الأمل في نفس الصليبيين لكي يواجهوا جيش الأشرف، إلا أنهم ما لبثوا أن أرسلوا فارسين منهم أملاً في طلب الهدنة والسلام ولكن الأشرف كان متمسكاً بتسليم مفاتيح المدينة إليه وليس أقل من هذا. استمرت هجمات جيوش الأشرف بن خليل على مدينة عكا والتي بدأت أبراجها تنهار الواحد تلو الأخر، وفي السادس عشر من مايو ركز المسلمون هجومهم على باب القديس أنطوان وتصدى لهم فرسان المعبد والأسبتاريه. إلا أنه مع حلول يوم 18 مايو 1291- 17 جمادي الأولى 690ه اندفعت الجيوش الإسلامية تحت قيادة أمراء المسلمين نحو باب أنطوان واستمات فرسان الصليبيين في الدفاع عن عكا، إلا أن جيوش المسلمين تمكنت من اختراقها ودار قتال عنيف بين الجانبين وكان النصر حليف المسلمين، وفر الملك هنري عائداً إلى بلاده، وولى الصلبيين الأدبار هاربين في مراكب التجار، ووقعت عكا في قبضة المسلمين بعد مائة عام من الاحتلال الصليبي لها. السلطان الأشرف هو صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي النجمي، وثامن سلاطين الدولة المملوكية البحرية، نصب سلطاناً في عام 1290 وبقي كذلك حتى تم اغتياله في ديسمبر 1293، ويعد من أبرز سلاطين الأسرة القلاوونية والدولة المملوكية، ومن أشهر إنجازاته فتح عكا والقضاء على آخر معاقل الصليبيين بالشام.