د.فاطمة الوهيبي ل (ثقافة اليوم): بعض هواة النميمة في المقاهي والمنتديات تحولوا (فجأة) إلى روائيين! حوار - محمد المرزوقي: لم تكن مجرد طالبة عبرت مقاعد الدرس الأكاديمي، لكونها استطاعت زراعة اسمها في المحيط الأكاديمي منذ أن كانت طالبة تلفت إليها الأذهان فيما تكتب.. لتواصل مسيرتها العلمية حاصلة على الدكتوراه في (الفلسفة في اللغة العربية) لتصبح اسما بارزا في الحقل الأكاديمي والمشهد الثقافي العربي.. لها حضور في الأنشطة الثقافية المؤسساتية فيما تراه في تقديرها يستحق الحضور والمشاركة، رشحت لجائزة الملك فيصل العالمية لعام 2004م عن كتابها(نقد النثر في القرنين الرابع والخامس الهجريين)كما فازت مناصفة بجائزة نادي الرياض الأدبي الثقافي، للدراسات النقدية، عن الشعر السعودي لعام 2005م، وذلك عن كتابها (دراسات في الشعر السعودي)لها سبعة مؤلفات كان آخرها صدورا عن الظل، فيما لاتزال تعمل على أكثر من إصدار قادم، قد يكون الأول ظهورا بعنوان (إرغامات النص) إنها الدكتورة فاطمة عبدالله الوهيبي، التي كان ل(ثقافة اليوم) معها هذا الحوار: @ كتابك الأخير (الظل.. أساطيره وامتداداته المعرفية) حقق نجاحا متميزا محليا وعربيا فما مقومات هذا النجاح في تصورك؟ - أكتب بالدرجة الأولى لنفسي معرفيًا، وحينما أنشغل بالكتابة يحدث ما يشبه التبتل المعرفي، ومع كتاب الظل لم أستطع مقاومة فتنة الدهشات المتتالية التي انغمرت بها وأنا أحرر فصول الكتاب، وأعتقد أن القارىء يستطيع أن يميز ويشعر بسمات التبتل وغواية الدهشة والمعرفة الشهية التي تحترم عقله. @ لديك تحفظ إلى درجة رفض مصطلح الخطاب الأنثوي، وتصفين ما حوله من دراسات بالبعد عن العمق وضعف الجدية العلمية.. من خلال كتابك (المكان والجسد والقصيدة) فهل سيكون إصدارك القادم(إرغامات النص) حول هذا الخطاب أيضا ؟ - مصطلح الخطاب الأنثوي مصطلح عميق ومعقد، وفي عالمنا العربي يستعمل باستخفاف وجهل دون تفريق أو انتباه لما يكتنفه من تعقيدات وتداخلات كخطاب يتعلق بما يسمى (تجوزًا)النظرية النسوية والنقد النسوي من جهة ويخلط بمقولات تتعلق به بوصفه خطابًا إبداعيًا، وبين المسألتين بون شاسع. ومنطقة النظرية النسوية ونظرية النقد النسوي منطقة غير مستقرة ومتغيرة ومتلونة بتلونات المدارس التي تقودها سواء أكان ذلك من جهة المدرسة الفرنسية أم البريطانية أم الأمريكية، ولذلك من الخطأ الحديث عنها وكأنها معطى قار أو كأنها كتلة متسقة ومنسجمة. أما كتاب (إرغامات النص) فقد يتداخل مع المصطلح ومقولات النقد النسوي لكنه ليس عنها. @المتابع لنتاجك الثقافي يتوقع ظهور إصدار معين قطعت معه أشواطا متقدمة.. ليجد إصدار آخر يسبقه بمثابة (المفاجأة) فكيف تفسرين هذا ؟ - ثمة أسباب كثيرة ومتداخلة قد تؤدي إلى ذلك، لكن لعل أبرزها بالنسبة لي أنني أعمل بشغف وصبر معًا، وأحيانًا انشغل بمسألة تفصيلية تتحول إلى كتاب يصرفني عن الكتاب الأصل. وأعتقد أنه من المهم أن تتوافر في الناقد روح الإبداع التي تشتهي الركض الحر. ومن جهتي أجد أن أول التحديات والتحققات هي لي كقارئة أولى لما أكتب، ولأني أحترم هذه الذات أفكر كثيرًا في طقوسها وما تهتم به وما تصطفيه من أولويات لتكتب؛ ولذلك أترك نفسي في معظم الأحيان لتقدّم وتؤخّر مما تصطفيه!! @هل ترين بأن لغة الجسد الفضائحية، وتهافت البناء الفني أول منحدرات الرواية السعودية ؟ - أنت ترى أن لغة الجسد الفضائحية وتهافت البناء أول منحدرات الرواية السعودية - حسب عبارتك - وأنا أتحفظ على إطلاق العبارة على هذا النحو. لكن أريد أن أقول إن سببًا كبيرًا لضعف كثير من تجارب الرواية العربية عامة والسعودية خاصة يعود إلى أن مزيفي الإبداع وضعيفي الموهبة لا يفرقون بين فنية السرد ورذيلة النميمة؛ فكثير من طبقات مجتمعاتنا العربية عندها شغف بالنميمة واجتراح الكلام لمجرد الكلام، وبعض هواة النميمة في المقاهي والمجالس والمنتديات يتحولون فجأة إلى روائيين مع سبق الإصرار والترصد!! @ التخبط في اللغة عند أغلب (جيل الشباب) أدى إلى تخبط في الأجناس الأدبية فهل ترينها ظاهرة؟ وما أبرز أسبابها ؟ - يبدو سؤالك وكأنه يصدر عن رؤية حريصة على نقاء الأجناس الأدبية وعدم تداخلها. والنقاء مسألة افتراضية، وعدم التداخل مسألة افتراضية أخرى. وأسباب الرؤية إلى النقاء وعدم التداخل لها دوافع ثقافية واجتماعية أقوى تأثيرًا من الأسباب الفنية. أما أسباب ما تشير إليه من تخبط فتلك مسألة أكبر وأبعد من مجرد التخبط في اللغة؛ فثمة أمور تتعلق بالشخصية وبالموهبة وبالاستعداد والقراءة والأسس المكتسبة، فضلاً عن الوعي بالشعرية (وليس الشعر) وفهم روحها وميكانزم عملها، وفوق هذا وذاك ثمة أمر مهم يتعلق بالاجتراء واجتراح الكتابة وفق مبدأ الديموقراطية؛ فقد وُظف البعد الديموقراطي في الخطاب السياسي في الخطاب الفني بطريقة مبتذلة وبطريقة (بلطجية) تجعل المتلقي يصدم بما تدفعه إليه المطابع والمواقع والمدونات والقنوات تحت اسم الفن والإبداع!! المصدر: جريدة الرياض السعودية بتاريخ 1 يوليو 2007