لهنّ - التوتر جزء من الحياة لا يمكن تجنبه، قد ينشأ من أشياء عديدة سواء كانت جسدية أو نفسية، وهناك مصادر واضحة للتوتر مثل ضغوط العمل ومشكلات الأعزاء، أما المصادر الأقل وضوحا فتشمل المواجهة اليومية مع الزحام والضجيج وتغيرات درجات الحرارة، وحتى الأحداث المفرحة مثل ميلاد طفل أو بداية وظيفة جديدة.. فكلها عوامل تضع الضغط على الإنسان.
ينظر إلى التوتر على أنه مشكلة نفسية أو عقلية غالبا، فإن له تأثيرات جسدية حقيقية؛ فجميع أعضاء الجسم تقريبا ووظائفه تتفاعل مع التوتر، فالغدة الكظرية تزيد إنتاجها من الهرمون الكظري القشري الذي ينبه لإطلاق هرمونات الكورتيزون والكورتيزول كما تزيد إنتاجها من هرمون "أدرينالين"، لذلك يطلق على مجموع هذه الهرمونات اسم "هرمونات التوتر" التي يؤدي ارتفاع مستوياتها بالجسم إلى ارتفاع ضغط الدم، وتسارع دقات القلب، وزيادة توتر العضلات، وتباطؤ الهضم، وإطلاق الدهون والسكريات من خزائنها بالجسم، وارتفاع مستوى الكولسترول، وتغير مكونات الدم ليكون أكثر عرضة للتخثر، بالإضافة إلى ضعف الاستجابة المناعية، واستنفاد معادن الجسم مثل الفسفور والمغنسيوم والكالسيوم.
وأكدت العديد من الدراسات على العلاقة بين التوتر المزمن وبين تدمير الكروموسومات الجينية وحدوث سلسلة طويلة من الأمراض التي تصيب الإنسان، بدءا من مشيب الشعر، وتجاعيد البشرة، وظهور علامات الشيخوخة المبكرة، والصداع، والإعياء، والقلق، وتغيرات الشهية، واضطرابات الهضم، وضعف الذاكرة، وبرودة اليدين، والتنفس السطحي، وانخفاض الكفاءة الجنسية، واضطرابات النوم، والاكتئاب، وانتهاء بأمراض القلب والشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وحتى السرطان، حسب ما ورد بصحيفة "الشرق الأوسط".
هرمون التوتر
في دراسة هي الأولى من نوعها، كشف فريق بحثي بالمركز الطبي بجامعة ديوك الأميركية سر هذه العلاقة التي حيرت العلماء لفترات طويلة، حيث قام الباحثون بحقن فئران التجارب بمادة شبيهة بهرمون التوتر المعروف باسم هرمون "الأدرينالين".
وأكدت نتائج الدراسة أن ارتفاع مستويات هرمون الأدرينالين نتيجة التوتر المزمن هو المسبب الأساسي لتدمير المادة الوراثية للحمض النووي DNA، حيث يؤدي ارتفاعه بالجسم إلى تنشيط مسارات حيوية معينة تؤدي إلى الإقلال من مستويات «بروتينp53» المسؤول عن حماية الجينوم (الأطلس الوراثي) من التغيرات والتحورات التي يمكن أن تطرأ على جزئياته، ولذا يطلق عليه "حارس الجينوم" ويؤدي نقص مستويات هذا البروتين إلى حدوث سلسلة من الطفرات الجينية المسببة لقائمة طويلة من الأمراض الناجمة عن التعرض للتوتر المزمن.
وقد أشارت دراسة نشرت للفريق البحثي نفسه عام 2010 إلى أهمية الإقلال من التأثيرات السلبية لهرمون الأدرينالين بالجسم، من خلال الإقلال من ارتباط الهرمون بمستقبلاته الخاصة التي يطلق عليها اسم «مستقبلات بيتا الأدرينالينة الموجودة على السطح الخارجي للأغشية الخلوية بالجسم. ورجح الباحثون في هذه الدراسة فائدة استخدام مجموعة العقاقير المثبطة لمستقبلات «بيتا» Beta blockers، التي تستخدم حاليا على نطاق واسع لعلاج أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والحساسية والقرحة الهضمية وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بالتعرض للتوتر المزمن.
تخلصي منه
هذه نصائح للتخلص من التوتر المزمن يقدمها لك الخبراء:
- احرصي على اتباع نظام غذائي يحتوي على نسبة 50 إلى 75 في المائة من أطعمة نيئة، فالخضراوات والفاكهة الطازجة لا تمد الجسم بالفيتامينات والمعادن فقط، ولكنها غنية بمركبات تسمى أشباه الفلافين التي تكتسح وتعادل الجذور الحرة المدمرة.
- تجنبي الأطعمة المصنعة ومواد التحلية الصناعية والمشروبات الغازية الكربونية والأطعمة المقلية والسكر المكرر ومنتجات الدقيق الأبيض والأطعمة المحتوية على مواد حافظة والشرائح والوجبات السريعة.
- تجنبي الكافيين والتبغ والأدوية المعدلة للمزاج، فبينما تقدم هذه المواد تخفيفا مؤقتا للتوتر، فإنها لا تفعل شيئا حقيقيا لحل المشكلة، كما أنها ضارة بالصحة وسوف يظل التوتر مستمرا هناك إلى اليوم التالي.
- تعلمي تقنيات الاسترخاء والتأمل الإيجابي وممارسة التنفس بعمق ومراقبة أحاديثك الذاتية والتخلص من الأفكار السلبية واستبدال أفكار إيجابية بها.
- احرصي على ممارسة هواية وأعط لنفسك وقتا لتفعل ما يمتعك.. لا تشعري بالخجل لقضاء الوقت في أداء شيء ما لنفسك إذا كانت صحتك تستحقه.
- تجنبي المشاحنات واحرص على عدم كبت أو إنكار مشاعرك، فالحفاظ على الأحاسيس القوية مكبوتة يجعلها تطفو على السطح بعد ذلك في شكل أمراض.
- لا تخافي من البكاء، بل احرصي على تعلم البكاء لأنه يمكن أن يساعدك في التغلب على التوتر لأنه يخفف من الانفعال ويسمح للمشاعر المكبوتة بالتحرر.
- اعملي على تهيئة بيئة خالية من التوتر، حافظي على مستوى منخفض من الضجيج، فالضجيج يساهم في زيادة حدة التوتر. واحرصي على إضافة الألوان الطبيعية إلى بيئتك للمزيد من الراحة والاسترخاء.
- ابحثي في طرق العلاج بالزيوت العطرية، التي تتميز بقدرتها على تخفيف التوتر النفسي مثل اللافندر وزيت خشب الصندل والمردقوش الحلو وزيت العلى الرغم منوت. أضيفي بضع قطرات من هذه الزيوت إلى ماء المغطس (البانيو) أو استنشقي رائحتها على منديل أو قطعة نظيفة من القماش على فترات منتظمة خلال اليوم وقبل النوم.
- حاولي أن لا تتعاملي مع الحياة بقدر مبالغ فيه من الشدة والصرامة، وحاولي أن تتعلمي كيف تضحكين!
لا تترددي!
هناك أمور بسيطة أو عادات يومية قد تسبب لك الشعور بتوتر شديد وتفاديها يجعلك تتمتعين بحياة سعيدة هانئة ، وكل ما عليك الانتباه إلى النقاط التالية: