أوباما بين الماضي والمستقبل محمد صالح ** طريق كله أشواك واضطهاد ومهانة قطعه الأمريكيون السود علي مدي قرنين حتي استطاع واحد منهم هو السيناتور الديمقراطي باراك أوباما أن يرشح نفسه للرئاسة, وليكون إذا ما نجح في الانتخابات خلال نوفمبر المقبل أول رئيس أسود للدولة المتسيدة علي العالم, ومن المصادفات أن يوافق ترشيح مواطن أمريكي أسود للرئاسة, مرور40 سنة علي سقوط القس الزنجي مارتن لوثر كينج صريعا برصاصة أطلقها عليه متعصب عنصري أبيض. وإذا أردنا أن نعرف من هو أوباما بعيدا عن أبيه الكيني الأصل وأمه البيضاء وزوجها الأندونيسي الذي رباه كمسلم حتي السادسة من عمره, ثم تكفلت أمه عالمة الإنثروبولوجي العلمانية غير المتدينة بتربيته, وليتم تنصيره وهو في عنفوان الشباب.إن أوباما في حقيقته وبما حققه في حياته العملية وحتي ترشيح نفسه للرئاسة, هو حصاد أو نتاج لمناهضي التفرقة العنصرية وعلي رأسهم كينج, وأيضا حصاد لروايتين أمريكيتين. هؤلاء هم أصحاب الفضل الحقيقي علي باراك أوباما والذين مهدوا له الأرض حتي يستطيع أن يرشح نفسه ليكون أول رئيس أمريكي أسود, إذا ما نجح. وليتحقق الأمل الذي أعلن بعد مرور سنة علي نجاحه كسيناتور أنه يحلم بتحقيقه, وليتضح أنه كالقس كينج الذي تحمل أهم خطبة عنوان أنا أحلم. القس الذي أشرنا إليه: كينج, وقد لا يعرفه الكثيرون من أبناء الأجيال الجديدة,هو أشهر زعماء مناهضة التفرقة العنصرية وأهم قادة المطالبة بالحقوق المدنية للسود منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي وحتي مصرعه عام1968, بعد أعوام ثلاثة من نيله جائزة نوبل للسلام لدعوته لمناهضة التفرقة العنصرية دون اللجوء للعنف, وقد كان أوباما في السابعة من عمره عندما سقط كينج صريعا برصاصة من متعصب عنصري. في تاريخ الأدب الأمريكي روايتان تعبران ببلاغة عن الظلم والاضطهاد العنصري الذي عاشه السود في أمريكا والروايتان لأديبتين وهو ما قد شهد للمرأة بأنها أرقي حسا وأعلي انسانية من الرجل في مناهضة التمييز العنصري, ولكن قد يكون ذلك لأنها هي الأخري كانت تعاني من التمييز بينها والرجل.. ولاتزال؟ الرواية الأولي هي( كوخ العم توم) للأديبة هارييت بيتشر, وقد نشرت لأول مرة منتصف القرن التاسع عشر وتصور مدي الرحمة والانسانية التي تعيش في كوخ العم توم رغم ما يعانيه أهله من اضطهاد وخلل وعبودية, أما الثانية فقد نشرت عام1960, أي قبل سنة واحدة من مولد أوباما وهي( قتل طائر ساخر) للأديبة هاربر لي, والتي تعتبر من أشهر النصوص الأدبية في الولاياتالمتحدة, حيث تغوص في النفوس البشرية لكل من البيض والسود داخل المجتمع الأمريكي الذي يعاني من التمييز والتفرقة, وتحلل صراعات النفس الانسانية ومدي بشاعة الممارسات ضد الزنوج, ثم ما يبدو من تعاطف معهم لدي قلة لا تكاد تذكر في ذلك الحين ممثلة في محام من صنع خيال المؤلفة سمته لاتيكوس فينسن وقد تحولت الرواية بعد قليل من صدورها إلي فيلم عالمي اخرجته هوليوود من منطلق ما كانوا يرددونه في الولاياتالمتحدة عن تلك الرواية وأهميتها كعمل أدبي يجب أن يقرأه الإنسان قبل أن يموت. تري هل يستطيع أوباما إذا ما أصبح رئيسا لأمريكا أن يحقق شيئا ولو بسيطا من العدالة والانصاف لمن ظلمتهم بلاده وخربت بلادهم خاصة في عهد بوش الابن؟ هل يستطيع, وهو الذي عمل لفترة في مساعدة الفقراء والمهمشين وتنمية احياءهم داخل أمريكا محتذيا في ذلك بالقس الصريع كينج, إن يحقق شيئا يسيرا من هذا لفقراء العالم الذين يعانون من أزمات الغذاء ونقص الموارد خاصة ان بيد المتحمسين له والمتبرعين لحملته الانتخابية عددا من أبناء تلك الدول المقيمين في أمريكا وبينهم مصريون. عن صحيفة الاهرام المصرية 26/6/2008