باراك حسين اوباما؟.. يدخل التاريخ فائزا كان أو مهزوما!! رجا طلب اذا ما دخل باراك اوباما كأول رئيس اسود الى البيت الابيض فان هذا يعني وبكل بساطة زلزالا ضخما سيهز اميركا، وحدثا استثنائيا قد يغير وجه الولاياتالمتحدة، على غرار الاحداث التاريخية التى حولت مسار اميركا وعلاقتها بالعالم، مثل اختراع القنبلة النووية وضرب هيروشيما بها، والصعود الى سطح القمر، واحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001؟.. فوز اوباما لن يكون اقل من تلك الاحداث ليس لانه سيغير مسار اميركا البوشية الى مسار جديد فحسب بل لانه سيكون التعبير الامثل عن ارادة الشعب الاميركي في التغيير وانه يريد لاميركا القرن الحادي والعشرين صورة اخرى غير تلك الصورة التى اتسمت بالعنف والغزو والسيطرة والهيمنة بكل اشكالها خلال العقود الماضية، صورة جديدة تكون ابرز ملامحها من الداخل، ان كل اميركي هو اميركي وان اميركا للجميع وليست لعرق او لون او قومية فيما تكون ابرز ملامحها من الخارج ان اميركا تمد يدها للعالم اكثر بكثير مما تمد لسانها لوجهه واسلحتها لصدره او تدير ظهرها له؟. قد لا يفوز اوباما ولكنه سيدخل التاريخ الاميركي من باب انه الرجل الاسود الذي نافس بقوة حتى اللحظة الاخيرة كمواطن يثق بقدراته التي تؤهله لان يكون رئيسا للولايات المتحدة وممثلا لكل عرق وديانة وقومية تعيش فوق ارضها، وانه ليس زنجيا مضطهدا يحبو على ركبتيه يتوسل حقوقه او زنجيا غاضبا يريد تدمير اميركا لكي ينال السود حقوقهم، فهو ليس مالكولم اكس وليس مارتن لوثر كينج وليس القس جيسي جاكسون، انه الاسود الذي يعتقد انه الاميركي الكامل الذي يمثل كل الأميركيين؟. فالمتابع لمجريات معركته الانتخابية ضد منافسه جون ماكين يجد انه لم يقدم نفسه كرجل اسود للجمهور الاميركي ابدا، لقد تحاشى تماما ان يقدم نفسه رئيسا للسود من الاميركيين، حيث رفع شعار اميركا ليست مقسمة سوداء او بيضاء، اميركا هي اميركا وهو من بين الشعارات التى احرجت الماكينة الدعائية للجمهوريين، فاوباما لم يتحدث عن نفسه كأسود او زنجي اميركي الا مرة واحدة فقط، وذلك خلال كلمته أمام اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة، في الرابع من يونيو 2008، حيث قال ان هناك حلفا بين اليهود وبين السود في الولاياتالمتحدة، لأن كليهما تعرضوا للاضطهاد ؟. وقد اكثر اوباما من عملية الالتصاق بالصوت اليهودي ليس فقط لكسب هذا الصوت على اهمية ذلك، بل لكي يقدم نفسه متحررا من عقدة التحالف التاريخي في اميركا بين البيض من الانجلو سكسون وبين اليهود. (فمن المعروف للمتابع للتاريخ الاميركي ان اليهود انحازوا في الحرب الاهلية الى جانب الجنوب الزراعي المؤيد لاستمرار عبودية السود ضد الشمال الصناعي الذي أراد بقيادة لنكولن الغاءها)؟. ففي خطابه امام اللوبي الصهيوني الايباك المشار اليه قال اوباما انه لن يسمح لأي تراخ في الحلف الاستراتيجي بين اسرائيل والولاياتالمتحدة. وان القدس الموحدة ستكون عاصمة للدولة الاسرائيلية. وانه سيسعى لتعزيز أمن اسرائيل وهويتها القومية كدولة يهودية، ووصف الاسرائيليون هذا الخطاب بأنه الأشد تأييدا لإسرائيل في تاريخ الولاياتالمتحدة، وقال التلفزيون الاسرائيلي في ذلك اليوم ان أقوال أوباما كانت أكثر تحيزا لاسرائيل من الخطابات التي تسمع في مؤتمرات حزب الليكود، وبقية أحزاب اليمين الاسرائيلية. ولم يكتف بذلك بل عين السياسي المخضرم جوزيف بايدن بمنصب نائب الرئيس، وبايدن هو صاحب المقولة المدوية (ليس بالضرورة ان تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وانا اكبر مثال على ذلك)؟. لقد شعر الاميركيون السود ان اوباما منهم ولكن ليس لهم، وربما يكون انسب تعليق على حالة اوباما هذه هو ما قاله المعلق الاميركي كيفين الكسندر غراي (لا اعرف في الحقيقة اذا كان هو نفسه من السود)؟. ان اوباما يدرك ان الدخول الى لعبة السلطة تستوجب منه الشعور الكامل (بأمريكيته) ولذلك ابتعد عن عقد السود واقترب اكثر من المساحات الحساسة التى اعتاد دخولها السياسيون البيض من الانجلوسكسون، لقد وصف نجل جاكسون، نجا جيسي جاكسون حالة اوباما توصيفا دقيقا حين قال: (.. أي نوع من العلاقة نريد مع اميركا وأي نوع من العلاقة بيننا وبين أنفسنا. إن القسم الأكبر منا مثل جاكسون الاب رأينا انفسنا كغرباء نقاتل من اجل العدالة، من اجل مقعد على المائدة، وكان خطأنا اننا مارسنا الاحتجاج؟.. والاحتجاج اصبح باليا. هذا جزء من الاحباط الذي نشعر به ونحن نرى اوباما يتحرك نحو الوسط. ونحن لم نعتد ان نرى واحدا منا يلعب اللعبة الحقيقية، لعبة السلطة)؟. ان اوباما لا يريد ان يكون رئيسا لاميركا تقذفه الصدفة الى البيت الابيض او يمكن ان يلغيه اغتيال قادم ومحتمل، او ان ينتهي في حال عدم فوزه وخسارته السباق، انه يريد تغيير وجه اميركا ليصبح اقل بياضا واكثر ميلا الى السمرة، وهي مهمة لم يسبق ان اقترب منها رجل اسود في تاريخ اميركا، اكثر من باراك حسين اوباما؟. عن صحيفة الرأي الاردنية 3/11/2008