الديموقراطية والانتخابات: الطائفية وحق المغترب في الاقتراع جورج فرشخ لمناسبة انفجار الحديث مجدداً عن قانون الانتخاب في لبنان، و«التقدم الى الخلف» بالرجوع الى قانون ,1960 ننشر مقتطفات من دراسة طويلة ستصدر في كتاب للزميل جورج فرشخ، حول قوانين الانتخاب في دول غربية عدة، وان كان قد ركز فيها على حقوق المغتربين في الاقتراع في موطنهم الأصلي. 1 خلاصة تجارب ثمانية بلدان أ حب عذري... حب على السمع... الاقتراع حق. وهو أيضا واجب. ولعله أهم الواجبات المدنية وأحبها الى قلب المواطن المستقر في الخارج. لأنه يوفر له الفرصة الوحيدة للمشاركة الفعلية في اختيار الأشخاص الذين يعتبر أنهم يمثلونه في رسم سياسة البلاد ومراقبة تنفيذها. المواطن المقيم عنده فرص أخرى لإعلان معارضته أو تأييده. بالاضراب، أو بالتظاهر، أو بالاعتصام، وقد يكون عنده سبيل الى وسائل الإعلام المكتوبة، أو المسموعة، أو المرئية. المغترب ليس في يده حيلة أخرى غير ورقة الاقتراع. لم تعتبر فرنسا، في يوم من الأيام، ان هجرة الفرنسي تجرده من جنسيته وتحرمه من المشاركة في الحياة الوطنية بجوانبها كلها، وفي مقدمتها السياسة. وكانت رائدة في الاحتفاظ لمواطنيها المقيمين في الخارج بحقهم في أن يصلوا الى البرلمان عن طريق مجلس الشيوخ. وتبعتها دول أوروبية عديدة، فاقتبست طرق المشاركة والتمثيل وكيّفتها، كل منها بحسب ما يتناسب مع طبيعة مؤسساتها ومع تقاليدها في التعامل مع مغتربيها، والمكانة التي تخصهم بها في حياتها الوطنية. ما هي خلاصة تجارب هذه الدول؟ هل يمكن الاستفادة من خبرتها في هذا المجال، إذا قرر لبنان أن يعيد لمغتربيه حقهم بالاشتراك بالانتخابات النيابية؟ التمثيل وطرق الاقتراع نستعرض هنا تجارب سبعة بلدان أوروبية، أتاحت لمغتربيها أن يمارسوا حق الاقتراع، وتحليل هذه التجارب وتقديم صورة واقعية ومختصرة عن الأساليب التي اتبعتها. لعل وعسى يكون فيها منفعة وفائدة. والبلدان المقصودة بالدراسة هي: اسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، البرتغال، بريطانيا، بلجيكا، سويسرا، هولندا. بنتيجة التحليل يتبين أن هذه البلدان تقسم الى قسمين كبيرين: القسم الأول لحظ لمواطنيه المقيمين في الخارج تمثيلا نوعيا في البرلمان بمجلسيه النواب و/أو الشيوخ: أ البرتغال عنده أربعة نواب هم أنفسهم مغتربون وينتخبهم مغتربون. ب فرنسا عندها 12 شيخا من المقيمين في الخارج ويختارهم مقيمون في الخارج. ج إيطاليا عندها 12 نائبا وستة شيوخ، كلهم مهاجرون ويقترع لهم مهاجرون. القسم الثاني ليس عند دوله تمثيل نوعي في البرلمان. يشترك المغتربون مع الناخبين المقيمين في التصويت للمرشحين المقيمين: اسبانيا، ألمانيا، بريطانيا، بلجيكا، سويسرا، هولندا. بتعبير آخر، في القسم الأول، تبقى أصوات المغتربين محصورة بهم، ولا تختلط بأصوات المقيمين. وبالتالي، يبقى تأثيرها على نتائج الانتخابات محدودا وتحت السيطرة الحكومية. بينما تختلط أصوات القسم الثاني بأصوات الناخبين المقيمين، ويكون لها تأثير على نتائج العملية الانتخابية ككل. ويخرج تأثيرها عن السيطرة. وإذا اقترع عشرون ألفا فقط من المغتربين يحدثون تغييرا في طبيعة النتائج النيابية. لكن الأصوات الآتية من الخارج لن تصب في دائرة واحدة ولا لمرشح واحد، الأمر الذي يخفف من تأثيرها دون أن يلغيه. وفي قراءة ثانية لتجارب الدول الآنفة الذكر، يتبين أنه يمكن تقسيمها بحسب الطريقة المعتمدة للاقتراع في كل بلد: 1 بالمراسلة ثلاث دول، وهي اسبانيا، ألمانيا، البرتغال. 2 بالتوكيل دولتان وهما بريطانيا وبلجيكا. 3 بالتوكيل و/أو بالمراسلة دولة واحدة وهي هولندا. 4 بالحضور شخصيا الى السفارات والقنصليات ومكاتب الاقتراع: دولتان هما فرنسا وإيطاليا. ولا بد من الإشارة الى طريقة خامسة لا تزال قيد الاختبار والدرس هي الاقتراع بواسطة الانترنت. وقد جربتها فرنسا في الانتخابات الأخيرة في دولة واحدة فقط هي الولاياتالمتحدة. الشرط الأول والأساسي لممارسة هذه الطريقة هو أن يمتلك الناخب المغترب كومبيوتر أو أن يكون بوسعه أن يصل الى كومبيوتر يوم الاقتراع. باختصار ودون الدخول في التفاصيل التقنية، تقضي هذه الطريقة أن يزوّد كل ناخب برمز يخوله الدخول الى سجل الانتخاب في دائرته، وهكذا يصبح بوسعه الاقتراع من منزله أو من أي مكان فيه كومبيوتر. للوهلة الأولى، يمكن القول إن التجربة أعطت نتائج مشجعة، لكنها لا تزال قيد التقويم والدرس، تحتاج الى تجربة ثانية وثالثة، وفي دول أخرى، غير الولاياتالمتحدة، لا تتوافر فيها النسبة المرتفعة من اقتناء الكومبيوتر، وفرص التعامل معه. ولا بد من الإشارة إلى أن الخطاب الذي ألقاه الجنرال عون، في ساحة الشهداء، يوم عودته في 7 ايار ,2005 وتشديده على دور المغتربين، ووعده بإشراكهم في الحياة السياسية الوطنية، يجيزان التفاؤل، لا سيما أن الجنرال ورفاقه يعودون من غربة قسرية كانت لهم فيها علاقات قوية مع المغتربين. غير أن «الوعود لا تلزم إلا مصدّقيها»، على حد قول فرنسي شائع، الأمر الذي يلقي المسؤولية على عاتق المصدقين، ويحثهم على الإصرار على المطالبة والمراجعة حتى التحقيق. 2 التجارب الأوروبية بلداً بلداً 1 اسبانيا اعترف الدستور الاسباني للمهاجرين أو المغتربين الإسبان بحق الاشتراك في الانتخابات التشريعية، لكنه لم يخصص لهم مقاعد في مجلسي النواب أو الشيوخ، بصفتهم تلك، كما فعلت فرنسا. ولم يعتبر أنهم يشكلون دائرة أو دوائر انتخابية محددة رغم عددهم الكبير في الخارج، اذ تحتوي اللوائح الانتخابية على أكثر من مليوني اسباني مسجلين ويحق لهم الاقتراع. ويقترع المغتربون الإسبان بالمراسلة، حتى حين يقصدون قنصلياتهم في المواسم الانتخابية. قالت السيدة فيفيس Mme. Vives من القنصلية الاسبانية العامة في باريس: «على المواطن الاسباني، حين يأتي الى فرنسا مغتربا، أن يتصل بالسفارة أو بأقرب قنصلية، ويسجل اسمه على اللائحة الانتخابية، ويختار الدائرة الاسبانية التي يريد أن يقترع فيها، دون أن يتقيد، بالضرورة، بمكان ولادته، أو إقامته، أو عمله في البلاد. «بفضل هذا التسجيل، ترسل له السفارة، في المواعيد المناسبة، المعلومات المتعلقة بالانتخابات، والوثائق التي تخوله ممارسة حقه الانتخابي، وبينها شهادة تثبت حقه بالاقتراع كمواطن مغترب، يسجل الاسم أو الأسماء التي يريد أن يصوت لها، ثم يضعها في المغلف الكبير الذي عليه رمزه ورقمه، وعنوان الدائرة المسجل فيها، في اسبانيا. وله الحق بأن يحضر الى القنصلية ويسلم المغلف ويأخذ وصلا بذلك، أو أن يرسله بالبريد المضمون مع إشعار بالاستلام، من مكتب بريد فرنسي، مباشرة الى دائرته، دون الحاجة للمرور بالعاصمة مدريد، ودون أن يدفع قرشا واحدا. الحكومة الاسبانية تعاقدت مع البريد الفرنسي وبالطبع مع سائر مؤسسات البريد في البلدان التي فيها مقترعون اسبان وتقوم بما يلزم في نهاية العملية الانتخابية. المغلفات التي تستلمها القنصلية تضعها في كيس وتختمه بالشمع الأحمر وترسله الى المكتب المركزي للانتخابات في مدريد، الذي يتولى توزيع المغلفات على الدوائر المعنية. يوم الانتخاب وعند إقفال الصناديق، يفتح رئيس كل دائرة المغلفات الواردة من الخارج، ويتأكد من سلامتها ومن أنها تقترع في صندوقه، ثم يأخذ المغلفات الصغيرة التي تحتوي على ورقة الاقتراع ويرميها في الصندوق ويهزه بقوة، كي تختلط المغلفات بعضها ببعض حتى يستحيل التمييز بين المحلية والخارجية. ثم يقوم بعملية الفرز». ويتابع السيد دورادو من السفارة الاسبانية في باريس: «نظريا وبالحكي، كله سهل وميسّر. عمليا وبالفعل، كله صعب ومعسّر. تنبت تعقيدات ليست في وارد أحد. مثلا: يجري الفرز في اسبانيا كلها مساء الأحد بعد إقفال الصناديق. لكن النتائج الرسمية لا تعلن إلا بعد ثلاثة أيام، بانتظار وصول صناديق الخارج من مختلف أنحاء العالم. ومن يستطيع أن يضمن وصولها يوم الأربعاء، قبل بدء فتح المغلفات؟ وفي الساعة القانونية، تجتمع لجنة الانتخاب في كل دائرة تتوقع صناديق من الخارج، ويبدأ الرئيس بفتح الأكياس وفرز الأصوات التي تضاف الى الأصوات السابقة، وعندئذ تعلن النتائج الرسمية النهائية. «في الانتخابات الأخيرة، وصلت إرسالية من الأرجنتين فيها أربعة آلاف صوت بعد ساعة من بدء الفرز. رفض رئيس الصندوق استلام الإرسالية لأن القانون صريح ويمنع فتح المكتب بعد مباشرة الفرز. ووقعت حوادث مماثلة كثيرة، وقام نقاش في البلاد، وهناك شبه إجماع على ضرورة إعادة النظر بالقانون وتعديله في ضوء التجربة الماضية». ما هي نسبة اقتراع المهاجرين الاسبان المقيمين في فرنسا؟ قال السيد دورادو انها تتراوح بين 30 و33?... إنها نسبة أعلى من النسبة الفرنسية، مثلا، لكنها ليست بالأهمية التي يعلقها عليها كثيرون، ولا يمكن الحديث عنها بالحماسة الموصوفة. 2 ألمانيا الألمان المغتربون ليس عندهم تمثيل نوعي في البوندستاغ، البرلمان الألماني، لكنهم يستفيدون من حق الاقتراع منذ 1985 فقط، ويقترعون بالمراسلة. القانون الألماني العام يميز المغتربين الألمان بين مقيم في بلدان الاتحاد الأوروبي ومقيم خارج الاتحاد. المقيم في البلد الأوروبي يكفي أن يتسجل على اللائحة الانتخابية في آخر دائرة اقتراع فيها قبل مغادرته ألمانيا، كي يتمكن من ان يمارس هذا الحق. أما إذا كانت هجرته بعيدة فلا يحق له التسجيل على اللائحة الانتخابية وبالتالي لا يحق له الاقتراع إلا اذا كان غادر البلاد قبل أقل من 25 سنة. عام ,1998 أُدخل تعديل على قانون الانتخاب خفض المدة المذكورة الى أقل من 10 سنوات. ليس للمغتربين الألمان، أنى كانت غربتهم، مجلس أو هيئة أو اتحاد يمثلهم في ألمانيا ويدافع، حصرا، عن مصالحهم. 3 إيطاليا هي في الأساس بلد هجرة، ومن البلدان التي تفاخر بأن عدد الايطاليين في الخارج يساوي بأقل تعديل نصف الايطاليين في الداخل... في اتصال بغرفة التجارة الايطالية في باريس، قال المستشار جان بول مارا ان عدد الايطاليين المسجلين للاقتراع في مدينة ساوباولو في البرازيل أكثر من أربعة ملايين، أي ضعف عدد الناخبين المسجلين في العاصمة الايطالية روما. كم هو عدد اللبنانيين المغتربين منذ أكثر من مئة سنة في ثاني أكبر مدينة في القارة الأميركية التي فاز بحاكميتها، ذات يوم، اللبناني باولو سليم معلوف؟ وإذا جمعنا الاثنين، ماذا يبقى للآخرين؟ يمتاز التمثيل الإيطالي لمواطنيه في الخارج عن أي تمثيل لمغتربين أوروبيين آخرين، بثلاثة أمور: 1 أحدث تمثيل: تقرر في 18 تشرين الأول ,2000 . 2 إنشاء دائرتين للهجرة فقط: واحدة للمجلس النيابي والثانية لمجلس الشيوخ . 3 منحهم المشترع الايطالي أكبر عدد من البرلمانيين: 12 نائبا من أصل ,630 و6 شيوخ من أصل .315 لكل إيطالي مهاجر مسجل على اللائحة الانتخابية رمز ورقم. حين يأتي زمان الانتخاب، يتلقى في مقر إقامته في فرنسا، أو في البرازيل، أو في الولاياتالمتحدة، أو في الإمارات العربية المتحدة، الأوراق والوثائق التي تخوله ممارسة حقه. يوم الاقتراع، يرتدي المهاجر الايطالي ثياب الأحد ويتوجه الى القنصلية، أو الى أحد مكاتب الاقتراع. في باريس وحدها، فتحت السفارة الايطالية 13 مكتبا للاقتراع في الانتخابات الأوروبية الأخيرة. وبعد أن يدقق رئيس مكتب الاقتراع بالوثائق، ويتأكد من أنه إيطالي ومسجل على لائحة الانتخاب، يسمح له بأن يلقي ورقته في الصندوق. بعد إقفال الصناديق، تنقل كلها الى السفارة حيث يجري فرزها، ثم توضب النتيجة وسائر وثائق الانتخاب في أكياس، وتختم بالشمع الأحمر، وترسل الى روما بأسرع وأسهل وسائل النقل: الطائرة، تواكبها لحراستها مجموعة من رجال الأمن الايطاليين. وبالنسبة للبلدان البعيدة ولفارق الوقت؟ نيويورك، مثلا، أو ساو باولو؟ الانتخابات في إيطاليا تجري دائما على يومين، والقاعدة ان تجري يومي السبت والأحد، في يومين، تقطع الطائرة المسافة بين روما وأبعد نقطة عنها في الكرة الأرضية ذهابا وإيابا. وعندنا رحلات يومية بين معظم عواصم العالم والعاصمة روما. القصة محلولة. ونسبة الاقتراع؟ الناخبون الايطاليون المسجلون في باريس .000 انتخب منهم 30?. النسبة بنظري وبالمقارنة مع الانتخابات النيابية، ليست مرتفعة. لا أستبعد أن تتجاوز الخمسين بالمئة في الانتخابات المقبلة. تقديرك لعدد الايطاليين المسجلين على لوائح الانتخابات في المهاجر كلها؟ التقديرات الجدية تتحدث عن نصف عدد المقترعين الايطاليين المسجلين على اللوائح ذاتها. هذا عدد ضخم. إذا اقترع عشرون بالمئة منهم يغيرون نتيجة أي انتخابات من أي نوع كانت. وهذه مسألة فيها نظر. وهم ينظرون اليها بكثير من الاهتمام، ومن الريبة والتردد. المسؤولون في حيرة من أمرهم، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، والعقائدية، والدينية. ماذا تريد، إيطاليا بلد هجرة، ومن أكثر من مئة سنة وهي تصدر السواعد الصلبة والبطون الخصبة. والإيطاليون يظلون مرتبطين بوطنهم. عدد كبير من المسجلين لم يطأ أرض إيطاليا ولم يشمّ هواءها، ومع ذلك فهم يتحمسون وينفعلون ويزرّكون، ويتبادلون الشتائم، واللكمات، والقبلات، وينتخبون. وما دام القانون قد كرّس للمغتربين هذا الحق فيجب أن ينتخبوا، مما كانت نتيجة انتخابهم، وان كانوا لا يتحملون عواقبها. وربما لهذا السبب بالذات ترى المسؤولين في روما، مترددين في تشجيع المغتربين على ممارسة الحق الذي «ربّحوهم ألف جميل» بإعطائهم إياه... لكنهم حتى الآن لا يزالون يسيطرون على الوضع. والمشترع، بإعطائهم هذا العدد المحدود من المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ، حصر تأثيرهم... 4 البرتغال البرتغال هي الدولة الأوروبية الثالثة، بعد فرنسا وإيطاليا، التي لها تمثيل نوعي لمواطنيها المقيمين في الخارج في «جمعية الجمهورية»، كما يسمى مجلس النواب البرتغالي. وهذا التمثيل مسجل في الدستور، حيث تنص المادة 150 منه على ان «جمعية الجمهورية هي الجمعية التي تمثل جميع المواطنين البرتغاليين»، دون تفريق ولا تمييز بين المقيمين والمغتربين. على غرار الدستور اللبناني. وبفضل هذه المادة، خصص القانون الانتخابي دائرتين للمهاجرين من أصل 22 دائرة تتوزع على مساحة الجمهورية البرتغالية، وقسمهما بالتساوي بين المهاجرين المقيمين في أوروبا، من جهة، ومن الجهة الثانية كل الآخرين. ولكل دائرة نائبان فيكون للمغتربين أربعة نواب من أصل .230 التسجيل على اللوائح الانتخابية إلزامي لكل مواطن برتغالي في الثامنة عشرة من العمر ومقيم على الأراضي البرتغالية. لكنه اختياري للبرتغاليين المقيمين في الخارج. ويستطيع المغترب البرتغالي أن يتسجل في أي وقت يشاء، شرط ان يبرز بطاقة الهوية الوطنية ووثيقة تثبت إقامته في البلد الذي ينوي أن يتسجل فيه، عندئذ يحصل على البطاقة الانتخابية. وقبل 60 يوما من موعد الاقتراع تقفل السفارات والقنصليات أبواب التسجيل، وترسل ما تجمع لديها من لوائح الى مكتب مركزي في لشبونة يعرف باسم «الأمانة التقنية لشؤون العملية الانتخابية». هذه الأمانة هي التي تتولى الإشراف على الانتخابات بكل تفاصيلها، في الداخل والخارج. تنظم الأمانة التقنية اللوائح وتوزعها على الدوائر كلها، بما فيها دائرتا المغتربين، وتعطي كل ناخب رمزا أو رقما، ثم ترسل له بالبريد المضمون مع إشعار بالاستلام مغلفا يحتوي على أوراق الاقتراع وأسماء المرشحين في دائرته. كما يحتوي ايضا على مغلف نموذجي (ستاندرد) يحمل عنوان الأمانة التقنية في لشبونة ورمز الناخب أو رقمه. وهذه الإرسالية يجب أن تصل الى أيدي المغتربين أينما كانوا قبل 20 أو 30 يوما من موعد الانتخاب. وحين يأتي اليوم الكبير، يوم الاقتراع، وبما ان المغتربين البرتغاليين يقترعون بالمراسلة، يبادر الناخب الى إرسال المغلف النموذجي بالبريد المضمون مع إشعار بالاستلام، في اليوم ذاته، كحد أدنى، وفي داخله ورقة الاقتراع، لا ينسى ان يكتب عليها الاسم أو الأسماء التي صوّت لها، وصورة عن بطاقة الانتخاب. وخلافا للناخب الاسباني، يدفع المهاجر البرتغالي ثمن الطوابع البريدية... يرسلها يوم الانتخاب؟ متى ستصل؟ قال السيد أندريه مارتينز، من السفارة البرتغالية، محاولا التخفيف من دهشة السؤال: نعم، يرسلها يوم الانتخاب، شرط أن تصل في الأيام العشرة التي تلي موعد الانتخاب... هذا يعني ان نتائج الانتخابات العامة سيتأخر إعلانها عشرة أيام؟ لا، أبدا. ستعلن النتائج في موعدها دون تأخير. لأن أصوات الناخبين المغتربين لا تدخل في حساب أصوات المقيمين، كما يحصل عند الاسبان. ومثلما ان المقيمين ينتخب كل منهم في دائرته: المسجل في العاصمة لشبونة ينتخب لمرشحي لشبونة، والمسجل في مدينة بورتو يصوّت لمرشحي بورتو، والمسجل في مدينة كوينبرا يصوّت لمرشحي كوينبرا. كما يعمل المغتربون، كل منهم ينتخب في دائرته: المهاجر في أوروبا يقترع لمن يريد من المرشحين عن دائرة أوروبا، والمهاجرون في أي مكان آخر من هذا العالم يقترعون لمرشحي دائرتهم. وهكذا، لا يتأخر إعلان النتائج العامة. أما نتائج دائرتي الاغتراب فتعلن بعد عشرة أيام من موعد الانتخاب. الناجحون الأربعة الذين أصبحوا نوابا مضطرون للسكن في لشبونة ليتمكنوا من القيام بواجباتهم، مثلهم مثل سائر النواب. عن صحيفة السفير اللبنانية 16/6/2008