ما الذي يحدث في لبنان؟ د. خالد شنيكات تسارعت وتيرة الاحداث في لبنان بشكل متصاعد وبات المشهد اقرب الى نمط المفاجأة من اي شيء اخر ،وربما يبدو للبعض ان تطور الاحداث يعكس بعدا منطقيا لتسلسل الاحداث ذاتها وتصاعد دورة الخلاف بين الفرقاء اللبنانيين ،وخاصة في ضوء غياب حل حقيقي للمشكلة منذ ان بدأت باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري . والخلاف بين اللبنانيين ليس على الاليات وانما على الاهداف الحقيقة ان رؤية متبصرة للوضع ستعطي نتيجة ان لبنان يواجه مشكلة تحتاج لجهد دقيق لحلها،فالفجوة تبدو متسعة الان اكثر من اي وقت مضى،وقد تفاقمت بالتطورات الاخيرة،فالازمة اذا جاز التعبير من وجهة نظر المعارضة وبشكل رئيسي حزب الله وحركة امل هي نتيجة لقرارات الحكومة اللبنانية والتي اصدرت قرارين مهمين هما اقالة مدير امن المطار وفك شبكة اتصالات حزب الله السلكية والتي يراها الحزب جزءا اساسيا من مشروعه المقاوم لاسرائيل لانه فيما اذا تم ازالة الشبكة فان هذا سيسهل استهداف قيادات الحزب وان الازمة ببعديها الواسع هي صراع بين مشروع المقاومة والمشروع الامريكي الاسرائيلي من وجهة نظر الحزب اما من وجهة نظر الحكومة اللبنانية فان الحكومة اتخذت قرارات سيادية تطالب بفرض السيادة على جميع الاراضي اللبنانية وان لا يكون هناك سلاح غير سلاح الدولة . وهذه الابعاد المباشرة للمشكلة الحالية ،لكن للكثير من المراقبين فان رؤية عميقة للامر ستوصل الى نتيجة مفادها ان هناك ابعادا اخرى للملف ،فالصراع العربي الاسرائيلي حاضر وتقسيم السلطة بين الفرقاء اللبنانيين والابعاد الاقليمية كإسرائيل وايران ، والابعاد الدولية كالولايات المتحدة وفرنسا وغيرها من الابعاد الاخرى. وتبدو الخطورة في الحالة اللبنانية حاليا هو في استخدام القوة في محاولة لحسم الصراع على عكس ما كان يجري في السابق ،فالذي كان يتم هو التعبير عن الخلاف عبر شاشات التلفزة والصحافة والاعتصامات ،وبالمجمل فان التعبير عن المشكلة كان سلميا فالتطور في الازمة عبر مظهره الاساسي هو استخدام القوة . وبالتالي فان الحالة قد انتقلت الى التطبيق الفعلي لمشروع الحرب الاهليه على الاقل الى الان وانه من الصعب جدا على اكثر المحللين فهما ورؤية بالمستقبل ان يتنبأ بالذي سيحدث في لبنان القوة على الدوام لم تؤد الى نتائج حاسمة وكثيرا ما تزيد الوضع تفاقما ،ان التاريخ الحالي فقط يخبرنا فداحة التفكير باستخدام القوة فالحالة العراقية والافغانية ماثلة امامنا والتدخل الاثيوبي في الصومال فالحرب متى بدأت لا احد يعلم متى تنتهي؟. لذا تبقى طاولة الحوار مخرجا للازمة فآليات الحل موجودة اذ ان الدستور والمؤسسات الدستورية تمنح فرصا حقيقية للحل ،والايمان بفكرة تداول السلطة امر اساسي ولاغنى عنه ،ومع ذلك فان هذه الاليات لا تساوي شيئا في غياب ارادة الحل. عن صحيفة الرأي الاردنية 14/5/2008