تطبيق مواعيد الغلق الصيفية 2025.. وإطفاء اللافتات الإعلانية ترشيدا للاستهلاك    ترامب: سيكون هناك سلام قريب بين إسرائيل وإيران    «أردنا الفوز».. تعليق مثير من نجم إنتر ميامي بعد مباراة الأهلي    رسميًا.. جاتوزو مديرًا فنيًا ل منتخب إيطاليا    الآن رسميًا.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي في الإسكندرية 2025 بنسبة النجاح 85.5%    تأجيل أولى جلسات محاكمة المتهم بالانضمام ل " جماعة طالبان " الإرهابية ل 7 سبتمبر    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    غدا.. مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يعرض مجموعة أفلام للدورة ال11 بالمركز الثقافي الفرنسي    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى الجولان والجليل ومنطقة حيفا    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    رئيس الوزراء العراقي: العدوان الإسرائيلي على إيران يمثل تهديدا للمنطقة    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    السيسي يصدق على إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء الشهداء    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    نقابة المهن الموسيقية برئاسة مصطفى كامل تنعى نجل صلاح الشرنوبي    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حرائق جراء الهجمات الإسرائيلية على مخازن نفط غربي وجنوبي العاصمة طهران    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لم يفقد العرب إمكان الاختيار
نشر في محيط يوم 01 - 03 - 2008


لم يفقد العرب إمكان الاختيار
سليمان تقي الدين
مَنْ كان يتخيل أن فكرة سياسية مثل الصهيونية تجسدت في دولة “اسرائيل" خلال نصف قرن؟ من كان يتوقع أن أربعة ملايين يهودي واجهوا خلال ستين سنة ثلاثمائة مليون عربي يؤيدهم مليار مسلم في العالم؟
مَنْ كان يعتقد أن بضعة آلاف من المقاتلين في لبنان يستطيعون ان يهزموا جيش تلك الدولة وأن يطلقوا مساراً معاكساً للاحداث في منطقة ما يسمى “الشرق الأوسط"؟ هذه الأسئلة ليست في علم المستقبل بل هي في وقائع الأيام الماضية القريبة جداً من الذاكرة. ثمة أناس يعيشون حتى الآن شهدوا ولادة دولة “اسرائيل" الغاصبة لأرض فلسطين ولن يغمضوا عيونهم قبل ان يشاهدوا انكسارها وتراجعها وعجزها عن التحكم بتاريخ المنطقة. وراء كل هذه الاحداث كانت الإرادة والتصميم والتنظيم وروح التضحية زائداً توافر الامكانات المادية.
الامكانات المادية كانت دائماً متوفرة للعرب. هم الآن خلال شهور معدودة قرّروا ان يستوردوا سلاحاً بعشرات مليارات الدولارات.
الامكانات البشرية رغم كل ما يقال فيها من اعطاب، ميزانها راجح لمصلحتهم، التضحيات التي قدمها العرب بشعوبهم تضحيات هائلة. يخطئ من يقول خلاف ذلك. معارك الاستقلال والتحرر الوطني كلفت ملايين الشهداء. حروبهم الوطنية وآخرها حرب أكتوبر/تشرين 1973 كانت دليلاً إضافياً على العطاء وعلى التضحية وعلى احتمالات التقدم العلمي والتقني وعلى تحقيق انجازات. حجم التضحيات في العراق الآن وفي فلسطين ولبنان لا يمكن انكارها أو التقليل من حجمها وأهميتها.
ما ينقص العرب إذن الإرادة والقرار والتصميم والتنظيم. هذه العناصر المعنوية هي التي اجتمعت في لبنان لدى جماعة من الناس فحققت نصراً، للبنان وللعرب، ويمكن ان يوظف في رصيد كل من يريد أن يواجه مشاريع الهيمنة الأمريكية والغطرسة “الإسرائيلية". ورغم الدلالات الاستراتيجية لهذا الحدث، الذي وقفت “اسرائيل" أمامه في حالة دهشة وذهول، وهي تحاول الآن الاستفادة من دروسه، مازلنا نحن العرب نحاصره ونتنكّر له.
ليس جديداً ان يخوض العرب معاركهم بصورة متفرقة. فقد كانت ظروف القضية الوطنية العربية مختلفة. فلا أحد يبحث الآن عن توحيد أشكال المواجهة ووسائلها.
ولا أحد يطمح إلى إزالة كل التباينات بين المواقع والمصالح والمواقف. لكن ثمة تحديات مشتركة تترتب على إعادة تشكيل النظام الاقليمي كدائرة من دوائر النظام الدولي الجديد. فما يسمّى “الشرق الأوسط" الذي يشكل العالم العربي قلبه هو نظام يختل التوازن الاجمالي فيه أمنياً واقتصادياً وثقافياً على حساب العرب. فركائز هذا النظام الاقليمي هي الدول ذات القدرات العسكرية المتقدمة (“اسرائيل" تركيا ايران باكستان) لكن الأخطر انه يهدف إلى إعادة تشكيل الكيانات العربية نفسها على قواعد سياسية جديدة. إن إلغاء الهوية القومية العربية للنظام الاقليمي كما تشكل بعد الحرب العالمية الثانية هو المقدمة لتفكيك الهويات الوطنية.
إن هذا ما يبرر الآن تقسيم العراق والسودان والسعي إلى تعميم النموذج الفيدرالي على عدد واسع من الكيانات لن تنجو منه دول تعتقد أنها تتعاون مع الاطار الاقليمي الخارجي.
وبالفعل ان اسقاط الهوية العربية ومن ثم العمل على تفكيك الرابطة الدينية الاسلامية وتشظيتها على اساس المذاهب والفرق هو مسار لن تصمد أمامه الكيانات الوطنية القائمة.
لن يؤسس ذلك إلى الحروب الأهلية الداخلية وحسب، بل ستمتد آثار ذلك ونتائجه إلى العام الإسلامي كله ولا سيما الخط الممتد إلى وسط آسيا والدول التي كانت جزءاً من النظام السوفييتي السابق. إن وظيفة هذا التفجير لبنية المجتمعات الشرقية هو جزء من أمن النفط العالمي ومن السيطرة على هذا المورد الحاسم لمجمل النظام الصناعي، ومن خلاله يتم تطويع كل الدول السائرة الآن نحو الشراكة الاقتصادية وبالتالي إلى البحث عن نظام متعدد الاقطاب.
إن تكوين وعي تاريخي عند العرب، انطلاقاً من التحديات السياسية الراهنة هو شرط استمرار هذه الأمة التي يتم استهداف مكوناتها الموحدة كأمة بالنظر إلى الثلاثي الذي يعطيها أهميتها بنظر الغرب الصناعي المتقدم أي، النفط والموقع الجغرافي و"اسرائيل". وليس العرب وحدهم في هذه المواجهة أبداً، بل إن مصالحهم تلتقي بقوة مع المدى الآسيوي والإفريقي، كما يمكن أن تلعب دوراً مهماً في إذكاء تناقضات أوروبا نفسها وعلاقتها بالولايات المتحدة.
إن شبكة أمان العالم العربي ليست وحيدة الجانب، بل ربما كان الجانب العسكري منها الآن هو الوجه الأضعف من زاوية المنافسة والمقارنات مع القوى الدولية والقوى المحيطة. لكن شبك المصالح الاقتصادية واشكال التعاون مع الاقتصاديات النامية يساعد على تشكيل الجبهة التي تُسهم في إعادة بناء التوازنات في النظام الدولي نفسه. هذا الخيار يفتح أمام العرب آفاقاً واسعة. إن فوائض النفط كانت ومازالت تستخدم لدعم سياسات الولايات المتحدة على نفس المستوى مع النفط نفسه. كما أن سياسات التسلّح العربية غير المندرجة في إطار خطة الأمن القومي العربي هي مصدر استنزاف أيضاً للامكانات العربية.
نحن في عالم لا تصمد فيه إلاّ التكتلات الاقتصادية الكبرى، بل في عولمة اجتاحت كل الحدود والسدود، فمن البديهي ان نبحث عن التكامل الاقتصادي في البيئة التي تحتاج إلى التنمية. فالشراكة الاقتصادية طبعاً يجب أن تكون في كل الاتجاهات لكن المدى الحيوي الفعلي المتوازن هو في العلاقة مع اقتصاديات بحاجة إلى النمو وليس بعلاقة الخضوع والتبعية للاقتصاديات المتقدمة. ان ملايين الشباب العربي يتجه الآن “شمالاً" إما بسبب البطالة وغياب فرص العمل وإما بسبب انخفاض مستوى البنيات الاقتصادية الانتاجية والتكنولوجيا. ان الثروة البشرية هي الأساس والأكثر ثباتاً واستقراراً. بل إن جزءاً أساسياً من المشكلات السياسية تتبع مستويات التطور الاجتماعي.
إن فكرة سياسية صنعت دولة من دون جذور تاريخية أو مقومات مادية. قامت هذه الدولة غصباً لأرض شعب كامل وتحدياً لجميع شعوب محيطها.
لماذا لا يجدد العرب فكرة اتحادهم بناء على معطيات التاريخ وإلحاح المستقبل. فلا مستقبل للعرب إلى التقدم ما لم تتضافر جهودهم في سبيل ذلك.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
1/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.