ساركوزي وصاحبة السروال ! / عادل عبد الرحمن عمر

ساركوزي وتأشيرة لصاحبة السروال !



*عادل عبد الرحمن عمر

-1-

لبنى احمد حسين الصحافية التي كانت قبل سنوات وعادت لمهنة المتاعب بقوة بعد اتهامها بارتداء زي غير محتشم وقضت المحكمة عليها بدفع غرامة مقدارها "200 دولار"او السجن لمدة شهر الا انها آثرت السجن على دفع الغرامة امعانا في مواصلة الكفاح ضد الحكومة الاسلامية "المتغطرسة" في الخرطوم التي تسن قوانين تستهدف المرأة السودانية.. واستغلت لبنى هذه النقطة لتحارب الحكومة سياسيا وبوسائل سلمية لا غبار في ذلك الا ان " لبنى" وبعد الضجة الاعلامية الغربية التي صاحبت القضية لم تكسب داخليا تعاطفا حزبيا ولا شعبيا يذكر لان العديد من الفتيات السودانيات يرتدين "السروال" الذي في حد ذاته لا يمثل ادانة او جريمة. هذه هي الواقعة بكل حذافيرها التي استدعت الرئيس »ساركوزي« ان يمنح الصحافية اقامة في بلاد »الجن والملائكة«.. حيث فاق كرمه الجليل حاتم الطائي في موروثاتنا العربية!


-2-


لا تستطيع ان تدرك ذهنية "النظام الغربي الحاكم" مع انه واضح - تماما - للعيان وهذه هي المفصلة.. حيث المصالح التي تحكم فيغض الطرف عن جرائم وفضائح هائلة وانتهاكات مأساوية ويتعاطف النظام الغربي كله مع مواطنة سودانية ادينت في محكمة لجرم صغير لا يتناسب ان يلتفت اليه رئيس دولة عظمى مثل " فرنسا " , الا ان كان حساسا وانسانيا الى درجة تجرح الماء.. في الوقت الذي يمارس فيه رئيس دولة " النور" ذات الارث الثوري الذي يناصر الحرية والمساواة التعسف على ارتداء الحجاب في بلاده ولا يتعامل مع هذه القضية ولو من باب الحرية الشخصية بينما يمارس الشواذ من كل لون حريتهم الى اقصى حدود!


-3-


الازمات تعصف ببلادنا العربية والاطماع تزداد على ثرواتنا المستخرجة والمدفونة في باطن الارض.. وحكامنا لا يهتمون كثيرا او قليلا بطموحات الشعوب.. وفي عالم يمارس مثل هذا الكيد نستغرق في عالمنا العربي في مشكلاتنا الصغيرة من حدود وتآمر اخوي وننسى القضايا الكبرى التي تبدأ من الحرية الى الوحدة والتكاتف الى ازالة الغبن البيني الذي يورث المرارة!!


قد تكون حادثة " لبنى" الصحافية التي تركت المهنة لسنوات وعادت اليها بقوة مؤشرا للافاقة من النوم العميق.. ليلتفت الجميع الى هذا التردي الكبير في الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. " سروال" لبنى قد يكون مهد الطريق للهجرة الشرعية من غير مخاطر دامية وبيع للاعضاء البشرية ومهانة من الذين ينضمون في جماعات وجمعيات تعمل ضد الملونين, لكن في ذات الوقت قد تكون اشارة صغيرة تحرك الاجيال الجديدة للانتباه للاخطار المحدقة بالامة حيث لم تؤثر الاشارات الكبرى مثل الهجوم الغاشم على غزة ومواصلة نزيف دارفور.. وحريق الصومال ولهيب صعدة الذي اكل الاخضر واليابس والكثير آت وسط منح صغيرة للدخول للمدة اللامعة.


هذه الحادثة الصغيرة توضح طرائف العولمة وتدخل السياسة الخارجية في سيادة الدول.. ومن المحتمل ان يناقش مجلس الامن الدولي " سروال" لبنى احمد حسين لانه يهدد السلم الدولي.. بينما الجرائم والابادة الجماعية واستخدام الاسلحة المحرمة دوليا في حرب غزة التي اهدرت فيها اسرائيل اكثر من " 6 مليارات من الدولارات"اضافة للحصار الخانق الذي يحصد الارواح ويقتل شكل الحياة تمضي ولا يحتاج الا لادانة خجولة من الاوصياء " العدول" على العدالة وحقوق الانسان والمساواة!

وكلما تمضي سنرى من عجائب الدنيا التي تجاوزت الارقام السبعة الى حالة كاملة من الاندهاش!0




* كاتب من السودان
Adel7omer@hotmail.com
Adel7omer@hotmail.com
صحيفة العرب اليوم
11/9/2009