هل هي نهاية طريق الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين؟
* جاسم الآلوسي
يمر الحزبان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهما من الشركاء في الإدارة الإقليمية الكردية في العراق، من أيام صعبة. وتهدد التكتلات المعارضة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني مستقبل الحزب. وكما هو معروف، إن أول علامات التحزب داخل الاتحاد الوطني الكردستاني ظهرت في تشرين الأول/أكتوبر 2008.
فقد تمردت "الحركة من أجل التغيير الديمقراطي" التي يقودها شخصيات بارزة في الحزب من قبيل الملا خضر، وهاوال كوستاني، وهوشيار عابد وشورش حاجي، ضد الإدارة في الحزب، وعقبها تم طردهم من الحزب. إلا ان الحدث لم يكن الآخر، فقد اكتسبت الحركات المعارضة زخماً أكثر.
وعقب استقالة نوشيروان مصطفى النائب السابق لرئيس الاتحاد الوطني الكردستاني من منصبه قبل حوالي عام، فقد جاءت استقالة كل من كوسرت رسول علي نائب الامين العام، وجلال جوهر عضو المكتب السياسي، وعثمان حاجي محمود وزير الداخلية من الاتحاد الوطني الكردستاني في شباط/ فبراير 2009، جاءت بمثابة قنبلة في الحزب. وعلى الرغم من سحب كوسرت رسول لاستقالته، فانه يتوقع استمراره على المعارضة داخل الحزب، وبروز نوشيروان مصطفى بحزب سياسي جديد أمام الاتحاد الوطني الكردستاني.
إذاً ما هي الأسباب التي زادت من حدة هذه المعارضة في الاتحاد الوطني الكردستاني؟... ان السبب الرئيسي للتوتر داخل الحزب هو الشعور بالقلق ازاء العلاقات مع الحزب الديموقراطي الكردستاني وإعلان البرزاني نفسه "زعيماً وحيداً للشعب الكردي". فضلا عن ذلك ، فإن هناك أيضا قلق ناجم عن صب الجزء الأكبر من الإيرادات التي تأتي من بوابة خابور الحدودية وكذلك الايرادات المكتسبة من حقل نفط بالقرب من أربيل، لصالح الحزب الديموقراطي الكردستاني. كما تتسبب محاولات منح وزارة البشمركة إلى الحزب الديموقراطي الكردستاني الى إثارة قلق آخر.
وعلى الرغم من كل الجهود الرامية إلى عدم إثارة مشاعر العداء بين الحزبين، إلا ان هذا المفهوم مازال مستمراً. ويفيد البشمركة التابعون للاتحاد الوطني الكردستاني انهم في حال أريد لها أن تخضع للحزب الديموقراطي الكردستاني، فإنها سوف تترك السلاح. والجدير بالذكر، ان كلا الطرفان وضعا قوات بشمركتهما في حالة تأهب بعد تصاعد الخلافات بينهما خلال شباط/فبراير.
ومن جانب آخر، تؤدي الجهود المبذولة من قبل كبار المسؤولين في الحزب الديموقراطي الكردستاني بهدف كسب المؤيدين من خلال تنفيذ مختلف المشروعات الخدمية في منطقة الاتحاد الوطني الكردستاني، الى عدم الارتياح لدى منتسبي الاتحاد الوطني الكردستاني.
وقد أدى قيام رئيس وزراء السلطة الإقليمية الكردية نيجيرفان البرزاني إلى تشييد 500 منزلاً في منطقة كرميان لذوي الذين لقوا حتفهم خلال أحداث الأنفال، واتخاذه قراراً بجعل هذه المنطقة ولايةً، فضلا عن تدخل الحزب الديموقراطي الكردستاني في منطقة السليمانية، أدى الى إغضاب الاتحاد الوطني الكردستاني. ومن جانب آخر، تم استخدام موضوع الإفراج عن اللواء الطيار طارق رمضان بأمر الطالباني، والذي كان قد تقلد مهاماً خلال الهجموم بالاسلحة الكيماوية على حلبجة في 16 مارس/آذار 1988، بلوغ العلاقات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني عتبة الانتهاء.
وترى الغالبية العظمى باستثناء المعارضين الذين برزوا إلى الواجهة في الاتحاد الوطني الكردستاني أن جلال الطالباني قد خُدع من قبل الحزب الديموقراطي الكردستاني. كما ان كون فترة منصب رئاسة الجمهورية محدودة، في حين أن الرئاسة الإقليمية للسلطة الكردية هي على مدى الحياة، فانها تثير القلق وتسخر الساحة للبرزاني، وحتى انها تمنح الحزب الديموقراطي الكردستاني فرصة تمثيل الأكراد لوحده.
في غضون ذلك، فان المشاكل الداخلية في الحزب أيضا تتسبب الى انزعاج لدى منتسبي الاتحاد الوطني الكردستاني باستثناء العلاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. كما ان انتهاك المبادئ الرئيسية للديمقراطية، وسوء الأداء لدى آلية التنفيذ في الحزب، والفشل في إضفاء الطابع المؤسسي، وعدم القدرة على ضمان الوحدة والاتساق، وزيادة عدم الثقة وغياب الشفافية في الإدارة والمالية هي أيضا من العوامل التي تزيد من الاضطرابات.
ومع كل ذلك ، فإن حرص عائلة الطالباني على الحصول على منافع مادية، وعدم انفتاح الحزب على إجراء التعديلات والإصلاحات، وكذلك الفساد جميعها تؤثر على مستقبل الحزب. كما ان منتسبي الاتحاد الوطني الكردستاني أيضا قلقون إزاء التدخل المستمر لشركات الحزب في السوق والفشل في ضمان حرية وسائل الإعلام. ففي حين يشهد الاتحاد الوطني الكردستاني اضطرابات داخلية، يشعر الحزب الديموقراطي الكردستاني وبلا شك بالامتنان من ذلك.
فقد صرح مسعود البرزاني، خلال اجتماع عقد في أربيل مؤخراً، بانه " ينبغي على الحزب الديموقراطي الكردستاني الاستفادة من النزاعات التي يمر بها الاتحاد الوطني الكردستاني". ان منتسبي الحزب الديموقراطي الكردستاني يبدون موقفاً الى جانب انهاء التحالف السياسي المبرم خلال الانتخابات الماضية مع الاتحاد الوطني الكردستاني، وذلك بعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 19 مايو 2009.
في غضون ذلك، تخيف حركة المعارضة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، البرزاني، حيث يقلق مسعود البرزاني من انتقال مثل هذه المعارضة إلى داخل حزبه أيضا. هذا ومهما حاولت أسرة البرزاني إسكات الأفكار المعارضة في الحزب باستخدام القمع والعنف، إلا ان الانشقاقات باتت على وشك ان تتحقق داخل الحزب الديموقراطي الكردستاني.
لقد ادلى زعماء كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني، وحزب العمال الكردستاني، وحزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية الكردستانية، بتصريح في شباط / فبراير الماضي، أشاروا فيه إلى أن "جميع الأنشطة التجارية في شمال العراق هي في يد أفراد عائلة البرزاني، وانه لا يمكن دخول أية امتعة تجارية من والى المنطقة دون الحصول على إذن من مسعود البرزاني ونيجيرفان البرزاني، وانه يتم استهلاك السلع التجارية الموجودة في المنطقة حسب المصالح الشخصية لعائلة البرزاني، كما ان الاتحاد الوطني الكردستاني أخذ ينأى عن مطاليب الشعب الكردي، وانه لا يتم تقدير بقية الأحزاب الكردية التي تنشط في المنطقة"، معلنة أنها تخطط للانسحاب من الإدارة الإقليمية.
ومما لا شك فيه، ان غالبية الشعب الكردي يتقاسمون نفس الاراء. وقد أجاب 59? من المشاركين ب"نعم" على سؤال لدراسة استقصائية عامة أجرتها قبل فترة جامعة صلاح الدين، مفاده : "هل يميز مسعود البرزاني بين أنصار الحزب الديموقراطي الكردستاني وأنصار الأحزاب الكردية الأخرى؟".
كما أجاب 51% من المشاركين ب"كلا" على سؤال آخر مفاده : "هل نجح رئيس وزراء الإقليم نيجيرفان البرزاني في مهامه؟" ولما كان الأمر هكذا، فإن الحديث عن مستقبل الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني لا جدوى له...