وداعا بوتين.. ومرحبا بمفاجآت العام الجديد د.هاني شادي ودع الروس عام 2007 وداعا صاخبا كالعادة في انتظار ما سيجلبه لهم العام الجديد عام 2008 من مفاجآت وخاصة على يد الخليفة ديميتري ميدفيديف الذي لا يشك أحد في أنه الرئيس القادم لروسيا. وكان الروس في وداعهم للعام المنصرم واستقبالهم للعام الجديد وكأنهم يودعون الرئيس بوتين الذي رفض الولاية الثالثة لعدم رغبته في مخالفة الدستور، والذي سيسلم زعامة الكرملين رسميا في مايو القادم إلى ميدفيديف وفقا لقواعد هذا الدستور. وفي سياق هذا الوداع للرئيس الذي يتمتع بشعبية كبيرة في روسيا لم يتمتع بها زعيم روسي من قبل بادرت مجموعة مكونة من أربعة جنرالات باقتراح منح فلاديمير بوتين لقب (بطل روسيا) ووسام (الاستحقاق) من الدرجة الأولى تقديرا لما فعله لروسيا على مدار ثمانية أعوام من حكمه. ويعتبر هؤلاء الجنرالات ما قام به بوتين من (المآثر السامية)، ويؤكدون أنه قام بعمل بطولي كبير في منصب الرئاسة على مدى ثماني سنوات، ولهذا فإن الشعب ملزم بتكريمه. ووفقا لقانون مكافآت الدولة الروسية من المفروض أن يقدم الطلب بشأن الترشيح للمكافأة إلى هيئات الإدارة الذاتية المحلية ومن هناك يرفع إلى هيئات السلطة الإقليمية ومنها إلى السلطات الفيدرالية. ويضع النقطة الأخيرة في هذه القضية رئيس الدولة إذ عليه إصدار مرسوم بهذا الشأن. وهذا بالذات ما يعقد تنفيذ مبادرة الجنرالات الأربعة، لأن بوتين سيبدو وكأنه يكرم نفسه. ولذا فإن أمر منح بوتين لقب (بطل روسيا) في الغالب سيرحل إلى الرئيس الجديد، أي إلى ميدفيديف المقرب من بوتين. وكانت مجلة (التايم) الأميركية اختارت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصية العام المنصرم في عددها الصادر 21/12/2007. ورأت المجلة الأميركية أن بوتين تقدم على غيره من المرشحين للفوز بهذا اللقب بمن فيهم النائب السابق للرئيس الأميركي البرت جور حائز جائزة نوبل للسلام، من حيث التأثير على الحياة البشرية. واعتبرت (التايم) أن بوتين أحرز انتصارين باهرين خلال العام المنصرم فوز مدينة سوتشي الروسية بشرف استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وحل قضية خلافته من دون تعديل الدستور. وعلل ريتشارد ستينجل، رئيس تحرير المجلة، قرار (التايم) بالقول إن بوتين حقق إنجازا عظيما بتأمين الاستقرار في بلد كاد يفتقد للاستقرار، وأعاد روسيا إلى مصاف دول العالم الرئيسية. ويرى رئيس تحرير المجلة الأميركية أن بوتين سيترك منصبه كرئيس للدولة في مارس 2008، ولكنه سيستمر في قيادة البلد بصفته رئيسا للوزراء وسيواصل بذل جهوده لكي تصير روسيا أمة من نوع جديد لا تدين بشيء إلى الشرق أو الغرب. ونتيجة لانتقادات أميركية كثيرة لمنح (التايم) بوتين لقب أبرز شخصيات عام 2007، أشارت المجلة الأميركية إلى أن منحها الرئيس الروسي هذا اللقب لا يعني أن بوتين ديمقراطيا أو رئيسا جيدا، ولكنه يعني الاعتراف بتأثيره على الداخل الروسي، وعلى الساحة الدولية. وهكذا يبدو وكأن الجميع في داخل روسيا وخارجها يودع بوتين الرئيس على طريقته، في انتظار الترحيب به من جديد كرئيس للوزراء. ولكن هناك من يتكهن بأن بوتين لن يعود مرة أخرى ولن يتولى رئاسة الوزراء في روسيا وسيفضل الابتعاد عن السياسية. ويعلل أصحاب هذا الرأي تكهناتهم بأن عملية اختيار ميدفيديف جرى التوافق عليها بين بوتين والغرب، وبين بوتين وبعض الرموز الليبرالية في روسيا، تلك الرموز التي كانت تتولى مقاليد الحكم في عهد الرئيس السابق يلتسين. ويرى الكثير من أنصار التيار القومي الراديكالي في روسيا أن اختيار بوتين لميدفيديف كخليفة له كان خطأ كبيرا لما يشاع في الشارع الروسي اليوم عن الأصول اليهودية لخليفة بوتين. كما أن هناك شائعات تدور في موسكو حاليا حول وجود خلافات داخل النخبة الحاكمة وتحديدا بين رموز الأجهزة الأمنية وبين ما يسمى بالتيار الليبرالي في هذه النخبة بشأن اختيار ميدفيديف خليفة لبوتين. وهكذا فإن مفاجآت عام 2008 لن تقل بأي حال من الأحوال عن مفاجآت 2007 في روسيا. عن صحيفة الوطن العمانية 3/1/2008