انتخابات مجلس النواب، الإدارية العليا ترفض 27 طعنا وتحيل 4 طعون لمحكمة النقض    استعدادًا لجولة إعادة انتخابات النواب 2025، محافظ الغربية يعلن جاهزية 642 لجنة    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 15 ديسمبر 2025    محافظ الإسماعيلية يتابع إزالة دورين مخالفين بعقار بحي ثالث    مباحثات في الرياض بين ولي العهد السعودي وعبدالفتاح البرهان حول الأزمة السودانية    ملك الأردن يدعو لتطبيق كامل لاتفاق غزة ووقف التصعيد في الضفة    تدريبات بدنية في مران الزمالك استعدادا لمواجهة حرس الحدود    طالع العام الجديد    محمد دياب يرد على محمد صبحي: صناع فيلم الست أحرار وشرفاء وليسوا جزءا من مؤامرة    فى معرض العراق للكتاب |تضافر سؤال الأدب والسياسة    بيت العائلة المصرية في زيارة تثقيفية لمركز الإسماعيلية للوثائق    مشروبات طبيعية تساعد على تقليل احتباس السوائل في الجسم    شيخ الأزهر يهنئ الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمناسبة اليوم الوطني للبحرين    رمضان 2026| ركين سعد تتعاقد علي «أب ولكن» ل محمد فراج    السيطرة على حريق بمخبز دون خسائر بشرية في أسوان    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء مساء الاثنين 15 ديسمبر    تصريحات حكومية تؤكد شراكة صحية جديدة مع «إيني» و«سان دوناتو» لإدارة وتشغيل مستشفيات كبرى    الحزن يخيّم على الأوساط الفنية العالمية لمقتل روب راينر وزوجته    رغم الأمطار.. توافد كثيف للمصريين بالسعودية في جولة الإعادة بانتخابات النواب    مثقفون وسياسيون فى حفل إطلاق كتاب درية شفيق.. امرأة مختلفة    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. أمين الفتوى يجيب    نائب رئيس جامعة عين شمس: تقديم أوجه الدعم والرعاية للطلاب الوافدين    وزير الأوقاف: الانضباط المؤسسي ومجابهة التطرف في صدارة أولويات المرحلة    مصر تعزي المملكة المغربية الشقيقة في ضحايا الفيضانات التي اجتاحت آسفي    ضبط المتهمين في مشاجرة دامية بالبحيرة| فيديو    نتنياهو يجتمع بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في القدس    الجيش الإسرائيلي يعتزم هدم 25 مبنى سكنياً في الضفة الغربية    البحيرة تستعد لأمطار اليوم: المحافظ ترفع درجة التأهب بجميع المراكز والمدن    أمن سوهاج يُعيد حقيبة سيدة تركتها سهواً داخل سيارة أجرة    تأجيل محاكمة 56 متهما بالهيكل الإداري للإخوان لجلسة 11 فبراير    محمد صلاح يخلد رقمه القياسي مع ليفربول    مساعي المغرب تنجح.. العيناوي يغيب عن مباراة روما أمام كومو    مكتبة الإسكندرية تحتفي بإبداعات الأطفال في ختام الدورة الأولى لمسابقة «عالم خيال»    ولي العهد السعودي والبرهان يناقشان جهود تحقيق الاستقرار بالسودان    ضبط تجار عملة خارج السوق المصرفية.. الداخلية تُشدد قبضتها على المضاربين    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    سعر طن حديد عز.....اسعار الحديد اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    شيخ الأزهر ينعَى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    وزير التعليم: إطلاق أول بنية وطنية موحدة لبيانات التعليم قبل الجامعي    اتحاد التمويل الاستهلاكي: نمو مستدام وتراجع ملحوظ في التعثر رغم زيادة عدد العملاء 208%    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    عصام الحضري يحيي الذكرى الأولى لوفاة والدته    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب دينية يشنها الملحدون / مالك التريكي
نشر في محيط يوم 19 - 04 - 2009


حروب دينية يشنها الملحدون !!


* مالك التريكي
عندما تعرفت على جون الاسكتلندي ذي الأصل الإيطالي، سرعان ما تبين لي أنه ينتمي إلى أقلية مسيحية في هذه البلاد. ليس لمجرد أنه كاثوليكي في مجتمع ذي تراث أنغليكاني. بل لأن المتدينين المسيحيين الذين لا يزالون يحافظون على دينهم هم أقلية ضئيلة في بريطانيا التي يجتاحها، مثل بقية بلدان أوروبا، طوفان عارم من المادية والدهرية والإلحاد.
فاجأ جون ذات مرة القس أثناء حديثه معه بعد قداس الأحد، فقال له ما معناه: إنه لم يبق لدينا دين يا أبانا. ما هذا الدين الذي يتقلب حسب تقلبات الرأي العام، مغيرا موقفه حتى في مسائل الحلال والحرام؟ فإذا أصبح الجمهور يرى مثلا أن الشذوذ الجنسي أمر طبيعي، حاولت الكنيسة التكيف مع هذه الحقيقة السوسيولوجية فقبلت الشاذين في صفوفها، بل ورضيت أن يكون منهم قساوسة ورهبان! أفلا نرى إلى المسلمين؟ إن الحلال في دينهم بيّن والحرام بيّن. أليس من واجبنا نحن أيضا أن نصدع بتعاليم المسيحية كما هي، بصرف النظر عن مدى 'شعبية' هذه التعاليم ومدى مصادفتها لأهواء البشر؟
لا يعني هذا أن جون اعتنق الإسلام، إلا أن المقارنة زادت من قلقه بشأن ما يعدّه تساهلا من الكنيسة في أصول الدين المسيحي. ولكن رغم هذا التساهل، ورغم إقفار كثير من الكنائس من المصلين إلى حد اضطرارها إلى نشر إعلانات تقول إن هنالك قرب الكنيسة مرآبا واسعا للسيارات وإنه يعقب القداس توزيع للحلويات والمشروبات، ورغم تضاؤل شأن الدين في الحياة الخاصة إلى حد عدم تردد نسبة كبيرة من المواطنين في تعريف أنفسهم بأنهم ملحدون، فإن نخبة الإلحاد، التي تضم مشاهير من المثقفين والعلماء والفنانين، قد بدأت منذ مدة في شن حملة ثقافية وإعلامية توهم بأن المجتمع البريطاني ينوء تحت نير دكتاتورية دينية متزمتة خانقة لحرية الرأي و التعبير.
وهكذا فإن ما يعرف منذ بضعة عقود في الولايات المتحدة باسم 'الحروب الثقافية' قد تحول في بريطانيا إلى طبعة 'ما بعد حداثية' من 'الحروب الدينية' التي عرفتها أوروبا من أوائل القرن السادس عشر حتى منتصف القرن السابع عشر. لكنها حروب دينية يشنها الملحدون لا المتدينون!

لقد اختفى الدين من الحياة العامة في بريطانيا إلى حد تجنب الساسة التعبير عن أية مواقف أو مشاعر دينية. حتى أن توني بلير كان يتحاشى، طيلة سيرته السياسية في المعارضة ثم في الحكم، الإشارة من قريب أو بعيد لعقيدته الدينية (بخلاف حليفه بوش مثلا). ولهذا عندما سئل بنوع من التهكم، قبيل غزو العراق، إن كان قد صلى مع بوش، بدا عليه الحرج وسارع إلى النفي. أما مستشاره الإعلامي فقد اشتهر بقوله للصحافيين: 'نحن لا نخوض في المسائل الإلهية'.

ولم يصبح بلير حرا في التعبير عن مشاعره الدينية إلا بعد مغادرته داوننغ ستريت، حيث أعلن تحوله من المذهب الأنغليكاني إلى المذهب الكاثوليكي. بل إنه أنشأ أخيرا 'مؤسسة بلير الإيمانية' وصار يلقي المحاضرات في الولايات المتحدة حول مسائل الدين والعقيدة!
كما أن التأويل الإلحادي للنظرية الداروينية (علما أن هنالك من يرى إمكانا لتأويل إيماني لها) هو الحقيقة الوحيدة التي تجلها النخبة حتى غدت المطلق الأوحد في ثقافة لا تؤمن عادة إلا بالنسبي، كما تشهد بذلك الاحتفالات الثقافية والإعلامية الكبرى هذا العام بالمئوية الثانية لمولد داروين. حتى أن فئة قليلة فقط ما زالت تجرؤ على الصدع بأن الله سبحانه هو خالق الكون والبشر، وبأننا كلنا من آدم وآدم من تراب، وحتى أن المدارس لم تعد تستطيع ذكر حقيقة الخلق الإلهي إلا بحسبانها قصة توراتية مجازية لا يجوز أن تفهم فهما حرفيا..
لقد تضاءل شأن الدين المسيحي في بريطانيا إلى حد أن كبير أساقفة كانتربري أدلى بتصريح لا سابق له أواخر الشهر الماضي أعرب فيه عن الامتنان لمسلمي بريطانيا لما لهم من 'دور هام في إعادة الدين إلى قلب الحياة العامة' في مجتمع 'تسوده المادية' وأصبح 'لا يتقبل المتدينين'. لكن رغم كل هذا، ورغم ما لثقافة الإلحاد من السطوة، فإن النخبة من المثقفين الملحدين مستمرة في شن حملتها الثقافية والدعائية التي بلغت حد تسيير قوافل مما أصبح يسمى 'أوتوبيسات الإلحاد'! وقد جابت هذه الحافلات مدن بريطانيا وإسبانيا وألمانيا ومن المتوقع أن تصل إلى إيطاليا وكندا وأستراليا.
*القدس العربي -19/4/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.