لماذا نحتفل بانتصار أوباما؟! د. جيمس زغبي على عدة مستويات، مثل انتخاب باراك أوباما لكي يصبح الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة لحظة تحول فارقة في تاريخ بلادي. وأنا أدرك أن هناك العديد من المتشائمين والنقاد الذي سوف يجدون أسبابهم للتقليل من أهمية هذا الانتصار، ولكنهم كانوا مخطئين، وأنا أرغب في نقل بعض الانعكاسات والانطباعات الشخصية من الحملة الانتخابية التي تصف معنى هذه اللحظة الفارقة للعديد من الأميركيين. وخلال العام الماضي، زودتني سفرياتي حول الولاياتالمتحدة بفرصة استثنائية للتعرف عن قرب على مخاوف وتوقعات العديد من الأميركيين. وكانت هناك العديد من التجارب البارزة على طول الطريق. وإليكم عدد قليل من هذه التجارب: في يوم الأحد الذي سبق الانتخابات، بدأت يومي بإلقاء خطاب أمام مسيرة بنغالية يمنية مؤيدة لأوباما في قاعة اتحاد عمال شركة يونايتد أوتو بمدينة هامترامك في ولاية ميتشيجان. ومن بين الأعضاء الجدد في الجاليات المهاجرة بالولاياتالمتحدة، كانت هاتان المجموعتان تتعرضان لضغوط هائلة بفعل عاملين يجلبان الحظ العاثر وهما التراجع الاقتصادي والتعصب الأعمى ضد المسلمين الذي أثير بفعل المتعصبين في جناح اليمين واليسار. وبعد نظري في أعين الشبان الحاضرين، من كلا الجاليتين، واستماعي إلى كلماتهم، اتضح لي مدى أهمية هذه الحملة الانتخابية، وكيف أن إيمانهم بالحلم الأميركي سوف يعود مع انتصار أوباما. وكانت فكرة: "أنت أيضاً يمكن أن تتقدم لكي تصبح رئيساً للولايات المتحدة، مجرد فكرة مبتذلة في أعين العديد من الأميركيين. ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة للأشخاص الذين تجمعوا أمامي، وبالنسبة لهؤلاء المهاجرين الجدد، ما زال هذا المصطلح ومعناه العميق من القبول والفرصة يرن على مسامعهم. وكنت قد أنهيت ذلك اليوم بحفل العشاء السنوي للجالية المجرية الذي أقيم في كنيسة بمدينة توليدو في ولاية أوهايو. وكان معظم أنصار الحزب الديمقراطي في شمال غرب ولاية أوهايو مجتمعين هناك للحصول على دفعة من الطاقة قبل الاندفاع النهائي للمشاركة بالتصويت في الانتخابات. وكان هؤلاء المهاجرون من أصول أوروبية، الذين شكلوا أساسا وطيدا للحزب الديمقراطي هم ناخبو "الطبقة الوسطى البيضاء" الذين كان باراك أوباما في حاجة للحصول على تأييدهم من أجل تحقيق الفوز في هذه الانتخابات. ومن مشاعر الابتهاج التي رأيتها، اتضح أن أوباما فاز بأصوات هؤلاء الناخبين أيضاً. وبعد أجيال قليلة في الولاياتالمتحدة، شعرت هذه الجاليات بأنها أمنت مكانها في الطبقة الوسطى الأميركية الكبيرة؛ ولكنهم يمكن أن يشعروا الآن بأن البساط ينسحب من تحت أقدامهم، وكان البعض يخشى من أن هذا "الحلم" كان بعيداً عن متناول أبنائهم. ولم تكن مثل هذه المشاهد جديدة بالنسبة لي. وقد كرر الحضور ما شاهدته على مدار العام الماضي، منذ بداية شهر أكتوبر عام 2007 في ولاية أيوا حتى يوم الأحد الأخير قبل الانتخابات. وما نقلته هذه المشاهد لي هو ما حققه باراك أوباما، وهو تجديد الأمل والإيمان بالتغيير الذي تخطى حدود العرق والدين والأجيال. وبعد انتظاري خلال يوم الانتخابات في صف طويل للإدلاء بصوتي، شعرت مجدداً بقوة هذه اللحظة. وبعدما كنت جزءاً من الحملات الانتخابية لجيسي جاكسون في عامي 1984 و1988، أدركت كيف أن عددا كبيرا من الجاليات التي تشكل أقلية في الولاياتالمتحدة، وخصوصاً الأميركيين من أصل أفريقي تتفهم أهمية هذا اليوم. وبالنسبة لأفراد جيلي والأجيال الأقدم منها، جرفنا فيضان التاريخ. ونحن نتذكر في حياتنا الحقيقة القاسية للفصل العنصري والقوانين العنصرية التي منعت الأميركيين من أصول أفريقية من استخدام نفس السلع والذهاب إلى نفس المدارس وحتى منعهم من الحق في التصويت. وقد شاركنا في الحركة الرامية لتغيير قوانينا، وفتح العملية السياسية. وشاهدنا عددا كبيرا من الأشخاص يدفعون الثمن على طول الطريق. والآن، نحن نرى ثمار نضال هؤلاء المجاهدين يتم مكافأتها. وقد قطعنا رحلة طويلة على مدار أربعين سنة، وكنا جميعاً واقفين في الصف منتظرين التصويت لأول أميركي من أصل أفريقي يمكن أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة. وبعد مشاهدتي لنتائج الانتخابات الأميركية في حضرة أسرتي، بكيت في ظل وضوح تحقيق أوباما للنصر. وبطريقة أو بأخرى، كنا قد توقعنا هذا الانتصار، ولكننا كنا لا نزال منهكين بفعل هذه الحقيقة. وعندما ظهرت أسرة أوباما على خشبة المسرح، وتم الإعلان عن أن ميشال أوباما سوف تصبح سيدة أميركا الأولى وأن أوباما حقق الفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية، تم إغلاق فصل من فصول التاريخ الأميركي، وفتح فصل آخر. وفي هذا الصدد، يمثل انتصار أوباما لحظة تحول ممكنة. وسوف نتمكن الآن من النظر إلى أنفسنا بشكل مختلف، وسوف ينظر إلينا العالم بشكل مختلف أيضاً. وكان جون ماكين قد وصف الانتخابات في خطاب اعترافه بالهزيمة بأنها لحظة عظيمة للأميركيين من أصل أفريقي. وكان ماكين محقاً بشكل جزئي: لأن هذه اللحظة كانت لحظة عظيمة لنا جميعاً. وفي خطابه البارز بساحة جرانت بارك في ضاحية شيكاغو ليلة الانتخابات، أوضح أوباما أنه يتفهم أهمية كل هذه التطورات. وطالب الرئيس الأميركي المنتخب أميركا ودول العالم أيضاً بتعديل توقعاتها وفهم أن كل الأمور لن تتم بصورة مثالية. وسوف تكون هناك خلافات بفعل التعيينات التي سوف تتم والقرارات التي ستتخذ. ولكن أياًً من هذه الأمور لن تقلل من أهمية اللحظة التي نعيشها، ولا يجب أن تقلل من إيماننا بالتغييرات الحقيقية في السياسة والتوجه الذي سوف يحدث بلا شك. عن صحيفة الوطن العمانية 10/11/2008