كان في وسع المغرب تصنيف ديبلوماسيين في السفارة الإيرانية في الرباط على أنهم «غير مرغوب فيهم»، كما في أعراف الاحتجاجات الديبلوماسية، غير أنه تجاوز ذلك نحو قطع علاقاته مع إيران. وفُهم الموقف على أنه ينمّ عن انزعاج كبير ضيّق فرص اللجوء إلى غير هذا الموقف.
ويقول راصدون لتدهور العلاقات المغربية - الإيرانية إن العاهل المغربي الملك محمد السادس نأى بنفسه عن استقبال مسؤولين إيرانيين بارزين زاروا المغرب في الفترة الأخيرة قبل انهيار علاقات البلدين، لكنه شدد في مناسبات دينية وسياسية على وحدة المذهب والعقيدة ورفض الاساءة إلى الهوية الحضارية لبلاده، في ضوء توارد تقارير عن حملات تشيّع رعايا مغاربة في الداخل والخارج.
غير أن مسؤولين سابقين في السفارة الإيرانية في الرباط أكدوا عدم تلقيهم أي استفسارات أو ايضاحات رسمية حول ظاهرة التشيع. وبدا، في غضون ذلك، أن أكثر من طرف إقليمي وأجنبي اهتموا برصد تداعيات تفكيك خلية عبدالقادر بلعيرج وإعلان الرباط تورط زعامات أحزاب سياسية في خطة «انفلات أمني وروحي»، لا سيما في ضوء محاولات عدة للفصل بين ملف أولئك القادة الحزبيين وأعضاء خلية بلعيرج.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري، أمس، تحميله إيران المسؤولية الكاملة عن قطع العلاقات وتنديد بالنشاطات الدعوية لبعض الجمعيات المغربية الساعية إلى نشر المذهب الشيعي في المغرب بدعم من إيران.
وقال «إن المغرب لا يمكنه أن يقبل القيام بمثل هذه النشاطات (على اراضيه) وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عبر ما يسمى بمنظمات غير حكومية». وانتقد «المساس بأسس» المملكة الشريفية المغربية. واضاف أن «المغرب ليس الوحيد الذي يشهد» هذا النشاط الشيعي «الذي اكتشف وجوده ايضاً في افريقيا جنوب الصحراء وفي بلدان اسلامية اخرى» وحتى في أوروبا.
ولا يتحدث إيرانيون سوى عن وجود بضعة طلاب مغاربة يدرسون في الجامعات الإيرانية، ولدى عودتهم إلى المغرب غالباً ما ينزعون إلى تدريس المغاربة في الجامعات المغربية ضمن الانفتاح على الثقافة الإسلامية، إلا أن مظاهر التشيّع في المغرب برزت بوادرها في صفوف بعض التنظيمات الطلابية التي أظهرت ولاء للمرجعية الشيعية، في حين أن باحثين يربطون بين تقاليد احتفالية في مواسم دينية وطقوس شيعية.
غير أن خلافات حول استخدام الزوايا والطرق الصوفية لأهداف سياسية لم تقتصر على الموقف من المد الشيعي الإيراني، وإنما تناولت الخلافات ولاء تلك الزوايا، كما في الطريقة التيجانية التي كانت عاملاً إضافياً في تأزيم العلاقات بين المغرب والجزائر في فترة سابقة.
ويكشف الموقف المتشدد للرباط في مواجهة ما اعتبرته تدخلاً إيرانياً في الشؤون الداخلية للبلاد، عن مناطق ظل أكثر عتمة، لا سيما أن اندلاع الأزمة الحالية على خلفية الموقف الإيراني ازاء سيادة البحرين ومطالبة ايران بالبحرين باعتبارها جزءا منها يشير إلى مخاوف من استهداف أمن الخليج الذي ظل لفترة طويلة حكراً على دور متنام لقوات الأمن والدرك المغربي في حماية أمن دول المنطقة.
ولفتت المصادر إلى استهداف اثنين من العاملين في السفارة المغربية في العراق إلى الاختطاف منذ أكثر من عامين، وما زال مصيرهما مجهولاً على رغم كل المساعي التي بذلت من أجل الافراج عنهما.