الاتفاق على ترتيبات المعسكر وموعد إعلان القائمة.. طولان يجتمع مع جهازه المعاون    أموريم يتحدث عن إهدار برونو لركلة الجزاء أمام فولام    " الشمول المالي وأهميته في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية " فى ندوة بثقافة البداري بأسيوط    مصر توزع 100 ألف سلة غذائية على أهالي غزة ضمن جهودها الإغاثية    "الحرس الوطني" في واشنطن يحمل أسلحة نارية لشن عملية "تجميل العاصمة".. تفاصيل    تزايد طلبات الحصول على الجنسية الإسرائيلية بين دروز سوريا ومباحثات التطبيع تدخل مرحلة جديدة    النعماني يفتتح معرض "أهلا مدرستي" لتخفيف الأعباء عن منسوبي الجامعة    محافظ الفيوم يبحث مع وفد الهيئة العامة للاستثمار إنشاء مجمع صناعي للملابس الجاهزة بكوم أوشيم باستثمارات 50 مليون دولار    نقل والدة أطفال دلجا بالمنيا إلى المستشفي بعد تعرضها إلى وعكة صحية    كشاف يحجب الرؤية.. القبض على السائق المتهور بشوارع العاصمة    عاجل.. المشدد 5 سنوات لمتهم في "أحداث السفارة الأمريكية" ووضعه تحت مراقبة الشرطة    طرح فيلم إسعاف لبسمة داود وإبراهيم الحجاج على منصة نتفليكس    بالصور.. أحمد سعد و"ديسكو مصر" يتألقون بحفل ضخم في مارينا بحضور فيفي عبده ونجوم الفن والإعلام    عمرو يوسف يكشف كواليس جديدة عن فيلم "درويش"    بدء تشغيل مركز طب الأسرة بزاوية الناعورة ضمن مشروعات حياة كريمة في المنوفية    مصدر ليلا كورة: الزمالك تعاقد مع بارون أوشينج.. وينتظر رد اتحاد الكرة لقيد اللاعب    هام من وزارة الكهرباء بشأن واقعة إصابة الوزير في حادث سير    كم فرصة امتحانية بالصف الأول الثانوي في نظام البكالوريا المصرية؟    بيان هام بشأن وظائف البريد المصري 2025    جامعة المنوفية تعتزم تحديث استراتيجيتها لمواكبة المستجدات المحلية والإقليمية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 25-8-2025 في البنوك    ختام ملتقى الفيوم للرسوم المتحركة وتوصيات لدعم صناعة التحريك    استعلم الآن.. نتيجة الشهادة الإعدادية الدور الثاني 2025 في القليوبية بالإسم ورقم الجلوس    انتخابات الشيوخ 2025.. استمرار فتح لجان الاقتراع للمصريين بالخارج في 24 دولة بأفريقيا وأوروبا | صور    25 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    العلاج الحر بالبحيرة يغلق 30 منشأة طبية مخالفة خلال أسبوع    بسمة وهبة توضح حقيقة القبض على حسام حبيب.. حملة ممنهجة    المفتي الأسبق يوضح حكم الوضوء للصلاة بعد الغُسل من الجنابة    الشيخ أحمد خليل: قتل الحيوان يعتبر قتل نفس    أسامة عرابي: فتوح قصر في حق نفسه.. وتعجبت من رحيل الدبيس عن الأهلي    4 علامات تحذيرية لسرطان البروستاتا على الرجال معرفتها    مصادر طبية بغزة: 11 وفاة بينهم طفلان نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال 24 ساعة    شيخ الأزهر يعزي أمير الكويت في وفاة الشيخة سعاد الأحمد الصباح    القاهرة الإخبارية: 13 شهيدا بنيران الاحتلال فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    وفاة خالة الكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال    مقتل 4 عناصر شديدة الخطورة فى مواجهات أمنية    مع بدء التصويت .. الهيئة الوطنية للانتخابات تتابع فتح لجان الإعادة بانتخابات الشيوخ فى 26 دولة    ما حكم شراء حلوى مولد النبى فى ذكرى المولد الشريف؟. الأزهر للفتوى يجيب    صندوق تطوير التعليم يطلق برنامجًا لتأهيل الخريجين للعمل فى السوق الألمانى    وزير الإسكان: طرح 79 فدانا بنظام المشاركة بالتجمع السادس في القاهرة الجديدة    الاعتماد والرقابة الصحية تستعد لإطلاق معايير المنشآت الصحية الصديقة للأم والطفل    إثيوبيا تفتح بوابات سد النهضة، وشراقي يكشف تأثير قلة الأمطار على حصة مصر    طبيب يحذر من الإفراط في تناول أدوية حموضة المعدة    صحيفة أمريكية: الاتحاد الأوروبي يناقش خيارات استخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة    "فليتنافس المتنافسون".. اليوم انطلاق اختبارات مسابقة "الأزهر - بنك فيصل" للقرآن الكريم بالجامع الأزهر    2228 منفذًا ومعرضًا لخدمة المواطنين ضمن مبادرة "كلنا واحد"    ننشر أسماء مصابي حريق جامعة قناة السويس بالإسماعيلية    استمرار ارتفاع درجات الحرارة على مراكز محافظة الشرقية    الدفاع الروسية: تدمير 21 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات خلال الليل    25 صورة ل كريستيانو رونالدو وجورجينا على البحر في المصيف.. ما وجهتهما المفضلة؟    حظك اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025.. توقعات الأبراج    الوداد ليلا كورة: المترجي وقع على عقود انضمامه إلى الفريق لمدة موسمين    في شهر عيد مولد الرسول.. تعرف على أفضل الأدعية    إيدي هاو: نيوكاسل لن يدخل الموسم بدون مهاجم    سموتريتش: سنواصل تعزيز الاستيطان في جميع أراضينا.. ولن نقيم دولة عربية إرهابية على أرض إسرائيل    ميلود حمدي: أهدى نقاط المباراة للجماهير.. وهذا ما أتمناه ضد غزل المحلة    «الصحي المصري» يعتمد وحدتي الأبحاث العلمية والنشر والتعليم الطبي المستمر بكلية طب جامعة الأزهر    وكيل الصحة ببني سويف يتفقد وحدة الإسكان الاجتماعي الصحية بمنطقة ال 77 فدانًا شرق النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحر المتوسط‏..‏ مستقبل شمال إفريقيا
نشر في محيط يوم 12 - 12 - 2007


البحر المتوسط‏..‏ مستقبل شمال إفريقيا
د‏.‏ خالد عبدالعظيم
انعقد مؤتمر برشلونة في عام‏1995‏ للبحث في آليات ممكنة للمشاركة الأوروبية المتوسطية ولكن الآمال المرجوة من هذا المؤتمر لم تتحقق تماما‏,‏ لاسباب من ابرزها ان الأوروبيين في ذلك التاريخ كانوا ينظرون وبحنين غامر إلي شرق أوروبا الذي انفصل عن غربها لقرابة اربعين عاما‏,‏ وبالتالي لم يكن من الممكن للمشاركة الأوروبية المتوسطية ان يكون لها الاولوية علي ادماج شرق اوروبا في الاتحاد الأوروبي وهو ما معناه أنه باكتمال البنيان المؤسسي للاتحاد الأوروبي شرقا وغربا تعود الاولوية والأهمية لتعاون أوروبي متوسطي‏.‏
ولكن علينا ان ندرك ان مشروع الاتحاد المتوسطي محل الدراسة حاليا يعكس صراع نفوذ محتدم بين أكبر ثلاث دول داخل الاتحاد الأوروبي‏,‏ اذ ان فرنسا تحاول موازنة النفوذ الاقتصادي الهائل لالمانيا الموحدة وبريطانيا الاطلنطية التوجه‏,‏ اذ تسعي السياسة الفرنسية إلي تجميع دول جنوب أوروبا وهي دول أوروبا المتوسطية في تكتل اقتصادي واحد يستثمر في منطقة شمال افريقيا‏,‏ وهو ما معناه صراحة ان أوروبا‏2008‏ ليست أوروبا‏1995,‏ وهو ما معناه في التحليل النهائي أن منطقة البحر المتوسط وربما للسنوات العشر المقبلة يمكن ان تكون مركز الثقل في السياسة الخارجية الفرنسية وهو امتداد زمني يسمح ببناء تعاون اقليمي متوسطي مستقر وراسخ‏.‏
وبذلك وقد اقترب ميعاد أول زيارة دولة لمصر يقوم بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيكون من فطنة السياسة المصرية التعامل ليس فقط علي اساس ترتيبات برشلونة الاقتصادية ومبادرة الجوار المتوسطي التي اطلقها الاتحاد الأوروبي وانما كذلك علي اساس ان الاتحاد المتوسطي هو مشروع مستقبلي واعد وربما أكثر رسوخا لانه لاينبني علي هياكل تفاوضية مبعثرة وانما علي اساس ارادة سياسية موحدة تتسم بالاصرار والاستمرار عبر آلية قرار وتشاور علي اعلي مستوي سياسي هو قمة دورية للتشاور بين رؤساء دول مع وجود كذلك سكرتاريات للمتابعة التفصيلية للمشروعات‏.‏
وبذلك فنحن امام ارادة سياسية موحدة تنمو وتتطور باصرار في البحر المتوسط وركائزها زعماء دول‏,‏ وذلك هو الجانب الاقوي والابرز في هذا المشروع الاقليمي الكبير‏.‏
من هذا المنظور الرئاسي الذي يعكس اعلي درجات التفاعل السياسي بين الدول يتم الاعداد حاليا بتمهل وموضوعية لتأسيس اتحاد متوسطي ليس ببنود نظرية منصوص عليها مسبقا في أوراق معاهدة سوف تئول إلي الإدراج لانها لن تصمد لآليات التجرية والواقع الميداني‏!‏ وإنما التأسيس يتم دونما نص مكتوب وانما عبر إطار تفاوضي مرن وحيوي يبني التوافق بشكل ديمقراطي متدرج زمنيا ويراعي التوازن بين مصالح الاطراف المعنية‏,‏ إذ إن نجاح المشروعات الاقليمية الكبري مرتبط اساسا ببناء التوافق السياسي‏,‏ وهو أمر يحتاج وقتا وتشاورا ومهارة عالية لتفادي العوائق التي يمكن ان توقف المشروع في بدايته أو في بعض مراحله وهذا هو ما تدركه تماما الدبلوماسية الفرنسية التي تتحرك بحذر واضح لانها علي دراية كاملة بخلافات النظم السياسية من منطقة شمال افريقيا‏.‏
من الجدير بالذكر في هذا السياق ان الاتحاد الأوروبي يوشك قبل نهاية هذا العام ان يقوم بتوقيع اتفاقية متكاملة للتجارة الحرة مع منطقة مجلس التعاون الخليجي‏,‏ وهو ما سوف يؤدي إلي ازدهار حركة التجارة بين الخليج وأوروبا عبر البحر المتوسط‏,‏ وهو تطور لاشك ان مصر معنية به وفي الصميم باعتبارها دولة الممرات المائية بين الشمال والجنوب‏.‏
وبذلك ولاعتبارات فترة التأسيس الأولي فلا يمكن منطقيا صياغة النص التشريعي المؤسسي للاتحاد المتوسطي إلا بعد فترة من التفاعل والتجربة‏,‏ وذلك كان نهج الاتحاد الأوروبي ذاته وهو نهج تجريبي تفاوضي ديمقراطي مثمر‏,‏ ويتسق ذلك النهج مع موقف الدبلوماسية الأوروبية بشكل عام والتي لم تعد تميل إلي التسرع في صياغة المعاهدات المكتوبة فاحيانا يكون نص المعاهدة المكتوبة هو العقبة الرئيسية كما حدث إبان صياغة معاهدة الدستور الأوروبي التي رفضت عام‏2005,‏ وهو الرفض المدوي الذي ادي بخبراء القانون الدولي العام الأوروبيين إلي صياغة الخطوط الرئيسية للمعاهدة الجديدة عام‏2007‏ باعتبارها وثيقة جامدة وانما باعتبارها وثيقة حية مرنة جدا بما يسمح بادخال العديد من التعديلات بعد مفاوضات ماراثونية في بروكسل الصيف الماضي‏,‏ وكان هذا الاسلوب الحذر والمرن والذي لايخلو من درجة ما من الدهاء السياسي هو الاسلوب الارجح اذ تم بالفعل القبول بالمعاهدة من جانب جميع الشركاء الأوروبيين وتفكير الرئيس ساركوزي ذاته يسير في نفس هذا الاتجاه الذي يتلافي مشكلات النص المكتوب حينما يكون هناك توتر في العلاقات بين دولتين‏,‏ اذ رفض إبرام معاهدة صداقة مع دولة ما لانه يعتبر ان الصداقة ليست كلمات علي الأوراق وانما مواقف فعلية علي ارض الواقع توثق أواصر الصداقة بين الدول‏.‏
وبذلك فنحن امام نهج دبلوماسي مؤداه ان عدم وجود معاهدات مكتوبة حتي الآن شارعة لآليات الاتحاد المتوسطي لايعني غموضا ولا ابهاما ولا افتقادا للرؤية والارادة‏,‏ بل ان العكس هو الصحيح‏!‏ اذ ان ذلك هو نهج الدبلوماسية الأوروبية المعاصرة حينما تحرص علي تحقيق نجاح لمشروع يهمها نجاحه رغم وجود عوائق وعراقيل تماما كما حدث بالنسبة للاتحاد الأوروبي‏,‏ اذ إن العقلية الأوروبية هي عقلية تجريبية منهجية تقيس النجاح ميدانيا وخطوة بخطوة بناء علي مفاوضات مكثفة وتشاور مستمر‏,‏ وحينما تتهيأ تماما اجواء التوافق السياسي بين شركاء المشروع الاقليمي تبدأ صياغة نص المعاهدة‏,‏ نص يلتزم به الجميع عن اقتناع كامل‏.‏
ان الاتحاد المتوسطي هو حقيقة فرصة قد لاتتكرر للشروع في تحديث نظم الادارة والانتاج والتسويق في مؤسسات القطاع الخاصة في منطقة شمال افريقيا بأكملها‏,‏ وهو ما يدعو إلي الاعتقاد اننا قد نكون حقا امام لحظة من لحظات التاريخ السياسي تبدو فيها منطقة شمال افريقيا بأكملها مرشحة لطفرة تحديث اقتصادي ومؤسسي‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
12/12/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.