نائب رئيس جامعة القاهرة يشدد على الالتزام بالضوابط في ورقة الامتحان    فتح باب التسجيل امام المعلمين الراغبين في مد الخدمة لمدة عام .. مستند    «الجبهة الوطنية» يعرض رؤيته لخدمة المواطن بمؤتمر في القليوبية السبت    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    بعد فوزها افضل شركة طيران ..خطة مصر للطيران الجديدة لصالح المسافر المصري    لجان حصر بالمحافظات لتحديد إيجارات الوحدات وفقًا للمنطقة والمستوى والخدمات    يوم حقلي للتوعية بمكافحة سوسة النخيل الحمراء بالإسماعيلية    "فوربس" تختار مجموعة طلعت مصطفى كأقوى مطور عقاري في مصر    مواقع الطاقة الإيرانية والإسرائيلية المتأثرة بالصراع    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت 400 صاروخ حتى الآن    الأهلي يخوض مرانه اليوم في نفس موعد مواجهة بالميراس    امن الجيزة يضبط مالك كيان تعليمي وهمي بالدقي    "ماما وبابا".. فيلم يجمع توتا وياسمين رئيس في صيف 2025    مركز الأزهر العالمي للفتوى يحيي ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يقيم حوار مفتوح مع صُناع الأفلام    إقبال كبير على حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام بكفر الشيخ    نائب وزير الصحة: عدد سكان قنا بلغ 3.67 مليون نسمة    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "موقف السعيد وشيكابالا".. الغندور يكشف تقرير الرمادي لنادي الزمالك    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    5 فواكه يساعد تناولها على تنظيف الأمعاء.. احرص عليها    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع المنيا إلى 509 آلاف طن    تخصيص بالأسبقية.. مواعيد الحجز الإلكتروني لشقق صبا بأرقام العمارات    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    "هيخسر ومش مصرية".. حقيقة التصريحات المنسوبة للفنانة هند صبري    أحمد فتحي ضيف برنامج "فضفضت أوي" على Watch It    الأهلي يكشف تطورات إصابة «كوكا» قبل مباراة بالميراس    ضربة قوية لمنتخب السعودية قبل مباراة أمريكا بالكأس الذهبية    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء    معهد ستوكهولم: سباق تسليح مخيف بين الدول التسع النووية    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    قطر تدين استهدف إسرائيل للمنشآت النووية والنفطية الإيرانية: خطوة غير محسوبة تهدد أمن الطاقة    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    تأجيل محاكمة متهمين بإجبار مواطن على توقيع إيصالات أمانة بعابدين    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    بينها «شمس الزناتي».. أول تعليق من عادل إمام على إعادة تقديم أفلامه    طلاب الثانوية العامة بالفيوم: "امتحان اللغة الأجنبية الثانية فى مستوى الطالب المتوسط لكن به بعض التركات الصعبة جدا    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    جدول مباريات اليوم: مواجهات نارية في كأس العالم للأندية ومنافسات حاسمة في الكونكاكاف    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    CNN: ترامب يواجه ضغوطا متعارضة من إسرائيل وحركته الشعبوية    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    جامعة قناة السويس: تأهيل طبيب المستقبل يبدأ من الفهم الإنساني والتاريخي للمهنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 17-6-2025 في محافظة قنا    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    موعد مباراة الهلال ضد ريال مدريد والقنوات الناقلة في كأس العالم للأندية 2025    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخيار العسكري يتراجع السياسي يتقدم
نشر في محيط يوم 08 - 12 - 2007


الخيار العسكري يتراجع السياسي يتقدم
د. عصام نعمان
أن يكون جورج دبليو بوش كذّاباً، فهذا أمر ثابت. كذب على الأمريكيين والعالم في خصوص أسلحة الدمار الشامل التي كان “يملكها" العراق، كما كذب على الجميع أيضا في خصوص برنامج التسلح النووي الإيراني، الذي أجمع 16 جهازاً من أجهزة استخباراته على انه توقّف العام 2003.
بوش يكذب عن سابق تصوّر وتصميم من أجل ما يظّن أنه في مصلحة بلاده. وهو استعمل، ويستعمل الكذب في سياق ابتزاز خصومه. استعمله مع صدام حسين ونجح في ابتزازه حتى حدود احتلال العراق و... إعدام صدام. واستعمله مع إيران حتى حدود الإيحاء بأنه على وشك تسديد ضربة قاصمة لها، لكنه لم ينجح في ابتزازها. لماذا نجح كذب بوش في العراق وأخفق في إيران؟.
نجح بوش في العراق لأن صدام، الذي أنهك بلاده في حربه مع إيران واجتياحه الكويت، لم يكن يمتلك قدرة عسكرية وازنة يستطيع بها ان يردع بوش. لو كان يمتلك مثل هذه القدرة لكان بوش تفاهم معه على تقاسم نفط العراق وغير العراق. ووفّر على الجميع حرباً ما زالت نفقاتها وخسائرها وتداعياتها تأكل موارد أمريكا وشعوب ضحاياها ومواردها بعد أكثر من أربع سنوات على اندلاعها.
مع إيران، الوضع يختلف. ذلك لأنها تمتلك، إلى نفطها الغزير وعائداته الوفيرة، قدرة عسكرية وازنة ونوعية ومتقدمة من شأنها أن تلحق أذى بالغاً بمصالح أمريكا ومصالح شركائها وحلفائها وزبائنها في المنطقة. لذلك لم ترتعد إيران عندما رفع بوش في وجهها عصا التهديد، فقد كانت واثقة من ان الأمر لن يتجاوز حدود “الهوبرة"، حتى إذا استنفد بوش بعصاه كل تهديداته وابتزازاته الموجهة في واقع الأمر ليس ضد إيران فحسب، بل ضد حلفائه الإقليميين بالدرجة الأولى، عاد اليوم إلى التلويح بجزره. لماذا؟
لأن بوش يريد ان يوظف ما تبقّى من مدة ولايته، نحو 14 شهراً، في أمور نافعة له ولحزبه ولبلاده. ابرز هذه الأمور ثلاثة : تحسين صورته الكالحة في عيون شعبه وفي عين التاريخ، وتوظيف صورته الجديدة المسالمة لمصلحة حزبه الجمهوري في الهزيع الأخير من ليل ولايته الطويل من أجل تعزيز حظوظ الحزب في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، وترتيب أوضاع المنطقة على نحو يمكّنه من تعويض خسائره السياسية والمالية الفادحة بالحصول على الجائزة الكبرى: السيطرة على احتياط النفط العراقي الأكبر عالمياً، وذلك بسحب معظم قواته والإبقاء على ثلاث أو أربع فرق في صيغة معاهدة مع العراق تسمح للولايات المتحدة بإقامة قاعدتين عسكريتين أو ثلاث.
مخطط بوش هذا، بأغراضه الثلاثة، يتطلب تهدئة الجبهة الفلسطينية - “الإسرائيلية"، وعقلنة الصراع الأمريكي - الإيراني، وترطيب العلاقات الأمريكية - السورية. الجانب التنفيذي من المخطط بدأ فعلا بعقد مؤتمر انابولس لتهدئة طرفي الصراع في فلسطين المحتلة، من دون الالتزام بأيّ وعود أو عهود بالنسبة الى المحادثات التي سيباشرها الطرفان برعاية أمريكية.
وها هي بوادر تنفيذ المخطط في العلاقات مع إيران تبدأ بكشف مضمون التقرير الاستخباري الضخم والمؤتمر الصحافي الذي عقده بوش ليلوّح فيه بالجزرة بعدما لوّح كثيراً بالعصا. أما سوريا فقد كان باشر في تطبيع العلاقات معها باتصالات كواليسية مباشرة، ثم بوساطة فرنسية شبه علنية تسترت بدعوى التفتيش عن صيغ متوازنة لصراعات القبائل الطائفية اللبنانية.
باختصار، الخيار العسكري يتراجع ومعه مشروع تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، والخيار السياسي يتقدم ومعه اعتزام بوش زيارة المنطقة مطلع العام القادم. هذا لا يعني البتة ان الخيار العسكري قد طوي أو انه سيُطوى. كلا، لن يطوى أبداً، فهو جزء من “عدّة الشغل". ألم يقل بوش، بلا مواربة، ان استعمال العصا أفاد أمريكا، والآن الدور للجزرة؟ لكن العودة إلى التهديد بالعصا أمر وارد في كل آن. أليس بوش رائد الجهر باستخدام الحرب الاستباقية عندما تدعو الحاجة؟
أمر آخر يقتضي التنبيه إليه. ان يخطط بوش لمبادرة حرب أو سلم، لا يعني انه سينجح بالضرورة. التخطيط سهل، التنفيذ صعب. ثم من قال إن خصوم بوش، إيران وسوريا وحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، سيعطونه في السلم ما عجز عن ابتزازه منهم بالحرب؟ هؤلاء لا ينقصهم الذكاء السياسي والاستراتيجي والقدرة العسكرية الرادعة والدراية الفنية والكياسة الديبلوماسية و... موهبة التكشير عن الأنياب أو الابتسام بدماثة في الوقت المناسب.
محمود احمدي نجاد ابتسم بوداعة لقادة دول الخليج وردّوا عليه بابتسامات مماثلة، ولا يُستبعد ان تكون الابتسامات فاتحة تعاون اقتصادي. لكن، إذا عاد الأمريكيون إلى التهديد بالعصا فإن احمدي نجاد لن يتورع، كما يبدو، عن التكشير عن أنيابه والتلويح بالردّ الإيراني الرادع على الهجوم الأمريكي البشع.
بعد كشف التقرير الاستخباري الأمريكي الضخم والتداعيات التي نشأت وستنشأ عنه، ثمة مرحلة جديدة في علاقات القوى في المنطقة، لا يمكن التكهن بقوة انعكاساتها على الأوضاع الراهنة. ومع ذلك يمكن القول، من دون تحفظ، إن المعارضة في كل من فلسطين ولبنان والعراق لن تتراجع أمام قوى الموالاة المتحالفة مع إدارة بوش.
حماس والجهاد الإسلامي لن تتراجعا أمام حكومة عباس - فياض، ولن تخفضا وتيرة مقاومتهما المسلحة ضد “إسرائيل". والمعارضة في لبنان لن تنكفئ أمام قوى 14 آذار وحكومة فؤاد السنيورة. والمقاومة في العراق لن تتهاون في مواجهة حكومة نوري المالكي وفي مقاتلة القوات الأمريكية.
ثمة شعور جارف لدى القوى المناهضة لأمريكا في المنطقة بأن حدّة هجوم إدارة بوش الشامل عليها قد انكسرت، وأن الوجه الآخر للقمر، الأكثر بهاءً، قد بدأ يهلّ ويطلّ، وأن ليل الشعوب إلى انحسار بعد طول انتظار.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
8/12/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.