«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل وآسيا الوسطى.. مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني؟ / علاء فاروق
نشر في محيط يوم 10 - 06 - 2011


إسرائيل وآسيا الوسطى..
مصالح متبادلة أم استغلال صهيوني؟


*علاء فاروق

علاء فاروق
تتمتع منطقة آسيا الوسطى المكونة من: "كازاخستان، أوزبكستان، طاجيكستان، تركمانستان، قرغيزستان" بأهمية استراتيجية وجيوسياسية كبيرة، وخاصة للمنطقة العربية.

إذ تعد المنطقة امتدادًا طبيعيًا للأمن القومي العربي، فضلاً عن ثرواتها الثمينة، سواء فيما يتعلق بإنتاجها من النفط أو المنتجات الزراعية.

ورغم هذه الأهمية إلا أن مستوى العلاقات بين المنطقة والمحيط العربي مازال ضعيفًا، والحضور العربي هناك باهت جدًا.

ولم يخرج عن إطار دبلوماسي في بعض البلدان هناك، وحتى التمثيل الدبلوماسي هناك لا يقوم بدور التقارب، وتعميق العلاقات بالقدر المطلوب.

ولم يتضح بعد لماذا هذا الحضور العربي الباهت في منطقة لها علاقات تاريخية وثقافية متشابهة ومترابطة، وبمنطقة أمدت هذا العالم بكنوز حضارية وثقافية لم تتكرر تاريخيًا، بل وأمدته أيضًا بكوكبة من العلماء كان لهم دور كبير في تأصيل العلوم المختلفة من حديث وطب وفلك وأدب...إلخ.

لكن يبدو أن هناك أمورًا كثيرة ومتشابكة لمحاولة استمرار هذا الضعف بين المنطقتين، بل والقطيعة إن لزم الأمر، ومن هذه الأمور ما يخص المنطقتين داخليًا، ومنها ما يتصل بالعالم الخارجي.

فمن الأمور الداخلية:

عدم التعرف عن قرب على المنطقة من قبل المستثمر العربي، ناهيك عن الباحث الذي لا يعرف إلا القشور عن هذه البلدان التاريخية، ما يجعل المستثمر يعزف عن هذه البيئة الاستثمارية.

كذلك الخمول العربي المعروف والمرتبط دائمًا بالسياسات العربية ذات الوجه الواحد غالبًا، أضف إلى ذلك ضعف الخطوط الجوية بين المنطقتين، ما يجعل الاستثمار هناك عبء لا طائل من ورائه من وجهة نظر المستثمر العربي، هذا بالنسبة للمنطقة العربية.

لكن بالنسبة لمنطقة آسيا الوسطى نفسها، فهي ما زالت بلاد حديثة الاستقلال– لم يمر على استقلالها أكثر من20 عامًا- وأنها عاشت ظروفًا صعبة من تحكم الشيوعية.

ومحاولة وضعها دائمًا تحت الوصاية القيصرية، ما عزلها نوعًا ما عن المنطقة العربية، كذلك هي منطقة مغلقة جغرافيًا، ما يساعد في إبعادها عن المنطقة العربية.

ومن الأمور الخارجية التي تعمل على إبعاد المستثمر العربي، أو تحجم تواجده هناك السياسات الغربية والإسرائيلية في المنطقة، والتي تنحصر في التواجد الأمريكي المبكر، والسعي الإسرائيلي لتثبيت الأقدام هناك بمساعدة أمريكية معروفة مهدت الطريق للشركات الإسرائيلية.

وعقدت الاتفاقيات بين هذه الدول، وعلى رأسها إسرائيل، وبين المنطقة فجر استقلالها، بسبق معروف وملحوظ للحضور العربي، ما جعل المنطقة، آسيا الوسطى، ترتبط أكثر وتتقرب إلى إسرائيل التي ساعدتها– من وجهة نظرها- اقتصاديًا في بدايات الاستقلال.

إسرائيل.. حضور دائم وقوي

أدى هذا الغياب العربي والإسلامي عن هذه المنطقة الهامة، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلى فتح الباب على مصراعيه لإسرائيل، في اختراق المنطقة من خلال إقامة مشروعات عملاقة.

وتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية، وتكثيف الزيارات الرسمية في سباق مع الزمن لتثبيت أقدامها في مشروعات استثمارية قوية وصلت لحد الهيمنة في أهم المجالات مثل:

الطاقة "النفط والغاز الطبيعي"، خاصة أن هذه المنطقة غنية جدًا بمصادر الطاقة، ولها تصنيفات عالمية في استخراج النفط والغاز الطبيعي.

ولم تكتف إسرائيل بمجرد تواجد استثماري يشمل عدة شركات، لكنها سعت جاهدة إلى تواجد حقيقي ورسمي يسمح لها بتنفيذ أجندتها فيما بعد على كافة المستويات، ولتثبيت هذا التواجد أخذت حكومتها بعض الإجراءات، ومنها:

1- تنظيم هجرات يهودية من بعض تلك الجمهوريات إلى إسرائيل لاستغلال الموروث الديني في بناء جسور من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

2- تبادلت إسرائيل العلاقات على المستوى الرسمي، والتي بدأت بقيام الوفود الحكومية في إسرائيل بزيارات لتلك الدول، وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية معها لتفتح الطريق أمام الشركات الإسرائيلية لغزو تلك الجمهوريات.

3- ولم تكن هذه الاتفاقيات مجرد أوراق تنسى مع الزمن كعادة الوضع العربي، لكنها- الحكومة الإسرائيلية- أنشأت غرفة للتجارة والصناعة، خاصة فقط بالعلاقات مع دول آسيا الوسطى.

4- بل وأنشأت بنك المعلومات الاقتصادية، ودليلاً للمجالات التي يستطيع الإسرائيليون الاستثمار فيها.

5- سنّت قوانين حماية تلك الاستثمارات، والإعفاءات الجمركية، والازدواج الضريبي وغيرها.

كل هذا عمل على جذب الشركات الإسرائيلية ومعها– طبعًا- الأفراد اليهود من دول كثيرة لتلك الجمهوريات، واستطاع رجال الأعمال هؤلاء فتح مؤسسات ومكاتب تجارية تشتري وتبيع وتستثمر في كل مجال تطاله أياديها.

وتركز هذه الشركات أعمالها في مجالات هامة وحيوية- كما ذكرنا- ومن أهمها: الطاقة (النفط والغاز الطبيعي)، المعادن والثروة الباطنية، والزراعة والثروة الحيوانية، والصناعة، والاتصالات، والبنوك والأنظمة المالية والمصرفية.

والإدارة والتنمية البشرية، والطب والرعاية الصحية، والفضاء والأبحاث العلمية وغيرها، وخلال سنوات قليلة جدًا ارتفع حجم التبادل التجاري بين تلك الدول وإسرائيل.

وظل هكذا في ازدياد حتى اليوم، وأصبح هناك تناسب طردي كلما انسحب المسثمر العربي تواجد نظيره الإسرائيلي بقوة وباستراتيجية مستقبلية.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد الاقتصادي وفقط، لكن تم تنفيذ الأجندة الصهيونية المعروفة الأهداف والاستراتيجيات، فهي لم تأت من أجل "حفنة" بترول ومعادن.

بل الدور الأساسي الذي يساعد فيه جميع اليهود هو البعد العسكري الذي يصاحبه بعدًا استخباراتيًا، لاسيما وأن المنطقة قريبة من إيران العدو التاريخي لإسرائيل.

وساعد على هذا التواجد الاستخباراتي والعسكري ما قامت به الإدارة الأمريكية من حروب ضد ما أسمته "الإرهاب" أو الأصولية الإسلامية، ما عمل على توفير مظلة جديدة لإطلاق يد الكيان الصهيوني في نشاط عسكري استخباري محموم في آسيا الوسطى.

في وقت بدأت فيه واشنطن بتأسيس قواعد عسكرية في أوزبكستان وغيرها من هذه الدول ضمن استراتيجية تستهدف توسيع الهيمنة الأمريكية في آسيا وبسط نفوذها، واستكمال حلقات السيطرة والهيمنة العالمية.

استراتيجية التغلغل.. أوزبكستان نموذجًا

كما لاحظنا أن إسرائيل اهتمت منذ وقت مبكر باختراق دول آسيا الوسطى بأكملها، وكانت لديها استراتيجية متكاملة، لذلك تعتمد على التركيز في المرحلة الأولى على التغلغل الاقتصادي من خلال رجال الأعمال الصهاينة من شتى الجنسيات من جهة.

وتقديم إسرائيل نفسها كوسيط نشيط لجذب رؤوس الأموال الغربية والأمريكية إلى تلك البلدان، وفتح أبواب واشنطن وغيرها من العواصم الغربية أمامها من جهة أخرى.

والتاريخ يثبت ذلك، فمثلاً:

بعد أقل من ثلاثة أشهر على انهيار الاتحاد السوفيتي كانت إسرائيل قد نظمت في العاصمة الأوزبكية طشقند أول مؤتمر اقتصادي مشترك بينها وبين دول آسيا الوسطى في مارس 1992؛ لبحث احتياجات تلك الدول من المشروعات والمساعدات الاقتصادية.

والدور الذي يمكن أن تقوم به الدولة الصهيونية في تلبيتها، وخلال الشهور والأعوام التالية كانت هذه المشروعات قد بدأ يجري تنفيذها بالفعل، وبالنسبة لأوزبكستان.

فقد قام رئيسها، إسلام كريموف، بزيارة إلى إسرائيل في أكتوبر عام 1992، وقد تم الاتفاق على تطوير التعاون بين البلدين في شتى المجالات، وشملت المشروعات المشتركة في المجالات الحيوية التي ذكرناها سالفًا، وساهم فيها رجال الأعمال الجدد من يهود أوزبكستان.

وتم افتتاح فرع للوكالة اليهودية (سحتوت) في العاصمة الأوزبكية طشقند لتنظيم هجرة اليهود الأوزبك إلى إسرائيل، وكان عدد هؤلاء يبلغ نحو (120) ألفًا.

وتم بالفعل تهجير أكثر من سبعين ألفًا منهم، كما تم افتتاح مركز ثقافي صهيوني في طشقند يعمل بنشاط على الترويج للثقافة والأفكار الصهيونية بين اليهود وغيرهم من مواطني أوزبكستان، فضلاً عن تعليم اللغة العبرية.

وهكذا كانت إسرائيل تحقق تغلغلاً سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا متزايد الاتساع والعمق في أوزبكستان طوال التسعينيات، وضع أساسًا قويًا لقيام تعاون أمني واسع النطاق في النصف الثاني من العقد المنصرم وبرعاية أمريكية.

غير أن الكثير من جوانب هذه العلاقات ظل طي الكتمان إلى أن بدأت تتكشف في الآونة الأخيرة، والحقيقة لا نلوم على هذه الدول بقدر ما نلوم على السياسات العربية في تعاملها، وتعاطيه مع مثل هذا التواجد "الصهيوني" في منطقة تعتبر امتدادًا تاريخيًا وثقافيًا للعالم العربي الإسلامي.

عوامل ساعدت على التغلغل

وقد كانت هناك العديد من العوامل التي سهلت من مهمة إسرائيل في اختراق اقتصاديات مجموعة دول آسيا الوسطى، ونجمل هذه العوامل في:

- مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، وترحيبها بالدور الصهيوني في آسيا الوسطى، وتدعيمه سياسيًا وماديًا؛ لأن هذا الدور يخدم مصالحها، في الهيمنة على المنطقة كخلفية من خلفيات الاستراتيجية الأمريكية الهادفة لمحاولة الهيمنة على العالم.

- عدم وجود عداء تاريخي بين إسرائيل ومنطقة آسيا الوسطى، ما يجعل إمكانات التعاون المشترك بين المنطقتين ممكنًا جدًا، ولا غبار عليه.

- غياب الدور العربي، وخاصة الإسلامي عن المنطقة، ما جعلها فريسة صائغة للمستثمر والسياسي الصهيوني، خاصة أن هذا الغياب مازال مستمرًا وحتى الحضور هو باهت جدًا، كما أسلفنا.

- ضعف الهيكل الأمني والسياسي والاقتصادي للمنطقة، ما شكل الفرصة الذهبية السانحة أمام إسرائيل في زيادة تقاربها مع الدول، سواء من حيث التعاون العسكري أو الاستثمارات الاقتصادية، أو تزويدها بالمعونة الفنية التي هي في أمس الحاجة إليها.

كما أن البعثات التدريبية يمكن أن تساهم في وجود صهيوني في المنطقة؛ لأن هذه الدول تحتاج إلى متخصصين في الاقتصاد والقانون والإدارة المالية وغيرها من المجالات، ويمكن لهذه البعثات أن تكون خير سفير لدولة الكيان في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى.

- التقارب الإسرائيلي التركي الذي مهد الطريق لدخول تل أبيب بقوة إلى الساحة الآسيوية، خاصة أن أنقرة لديها علاقات قوية مع هذه الدول.

إذ تقوم الدولة العبرية ببيع منتجاتها العسكرية التي يتم تصنيعها وتجميعها في تركيا إلى جمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية السابقة ودول جنوب القوقاز (أذربيجان وجورجيا)، وكذلك أرمينيا.

وشكل هذا التقارب أيضًا التمهيد الأول الواضح والصريح لإسرائيل في تلك المنطقة، وخاصة في كازاخستان التي تمتلك ما يقارب ربع احتياطي العالم من اليورانيوم الخام.

مما دفع إسرائيل إلى النظر لهذه الثروة على أنها من الثروات المهددة نوويًا في ظل وجود دول وتيارات إسلامية في تلك المنطقة، فسعت إسرائيل مباشرة إلى شراء مجمع لمعالجة اليورانيوم في كازاخستان، والذي يُعدّ من أكبر مجمعات اليورانيوم في العالم.

- الفراغ الذي أحدثه الانهيار المفاجئ للاتحاد السوفيتي، وسارعت إلى الاعتراف بدول آسيا الوسطى، وركزت خلال المرحلة الأولى من تاريخ علاقاتها بتلك الدول على الجانب الاقتصادي.

وسعت إلى السيطرة على مقومات دول آسيا الوسطى الاقتصادية كمرحلة أولى، ثم ربط اقتصادياتها بالاقتصاد الإسرائيلي، مما يجعل انفصاله عنه صعبًا للغاية إن لم يكن مستحيلاً، لذلك لا توفر إسرائيل أي فرصة للالتفاف الاقتصادي على تلك الدول.

تأثير الثورات على التواجد الإسرائيلي

ومؤخرًا اندلعت موجة ثورات عربية أسقطت أنظمة، ومنها ما هو ما زال قائمًا في الشارع، ولا شك أن هذه الثورات بزخمها الموجود أثرت على السياسة الإسرائيلية على الأقل في الشرق الأوسط.

ولكن هل يمكن لهذا التأثير أن يمتد إلى علاقات إسرائيل الدولية بالمناطق الأخرى البعيدة عن العالم العربي، ومنها علاقاتها بآسيا الوسطى.

أرى أن هذه الثورات ستؤثر على علاقات إسرائيل بآسيا الوسطى على الأقل على المستوى السياسي لانشغال إسرائيلي بقراءة جديدة لتاريخ المنطقة العربية بعد الثورات، وإسقاط أنظمة كانت حليفة لتل أبيب.

وطالما مكنت لمشروعاتها على أرضها، ما يجعله تغض الطرف بعض الوقت عن منطقة كآسيا الوسطى ليس لها أهمية بالنسية لإسرائيل كما هي المنطقة العربية.

أما على الجانب الاقتصادي لا أظن ستؤثر مثل هذه الثورات على التواجد الاستثماري هناك لانفصال رجال الأعمال– نوعًا ما- عن الأجندة السياسية، وتغليب "البراجماتية" عن الإشكاليات السياسية.

لكن يمكن أن تتأثر العلاقات، بل وتنقطع أيضًا على كافة تنوعاتها السياسية والاقتصادية إذا اندلعت ثورات في منطقة آسيا الوسطى على أيدي الإسلاميين الذين تتفق أيديولوجياتهم جميعًا على كراهية إسرائيل.

واعتبارها كيانًا غاصبًا يجب إبعاده من المنطقة، وهنا لا تستطيع إسرائيل فرض نفسها كعادتها حتى لو ساعدتها الإدارة الأمريكية؛ لأن السلطة وقتها ستكون مع الشعب الذي يدين أغلبيته بالإسلام.

وخلاصة القول:

إنه لولا الغياب العربي البائن ما استطاع اللوبي الصهيوني أن يمد نفوذه في هذه المنطقة، ما يؤكد ضرورة التحرك على المستويين العربي والإسلامي لإنقاذ هذه المنطقة من تمدد "السرطان" الإسرائيلي الذي يتذرع بالعلاقات الاقتصادية.

لذلك، فإنه من أجل مواجهة ذلك المخطط الصهيوني الخاص بالسيطرة على دول آسيا الوسطى وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، يتعين على الدول العربية والإسلامية مجتمعة إيجاد استراتيجية أمن قومي، أو مشروع قومي عربي، باعتبار أن وجود مثل ذلك المشروع الآن يمثل ضرورة وجود وبقاء.

حيث إن هذا التغلغل الصهيوني لا يقصد من علاقاته هذه نهب الثروات فقط، بل يسعى لقتل الهوية الإسلامية في نفوس أبناء هذه الدول.

ولابد للدور العربي أيضًا ألا يتوقف عند حد الحماسة والعاطفة فحسب، بل لابد أن تكون هناك تحركات مدروسة ومخططة لتوثيق العلاقات مع هذه الدول، وخاصة الاقتصادية والاستثمارية.


* رئيس وحدة دراسات آسيا الوسطى بمركز القاهرة للدراسات التركية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.