نتائج مدمرة لثلاث معارك حمادة فراعنة لا ذنب للفلسطينيين في إدارة الحرب الباردة بين السوفييت والأميركيين 19501990، وبالتالي لم يكن لهم ذنب في هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفييتي، سواء في المباراة الاقتصادية أو في سباق التسلح بين موسكو وواشنطن أو في الحرب الأيديولوجية بينهما، أو الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، ولذلك كانت نتائج الحرب الباردة لمصلحة أميركا واسرائيل، وعلى حساب المصلحة الفلسطينية، حيث فقد الفلسطينيون بسبب تلك النتائج، التوازن الدولي وصديقا قويا كالاتحاد السوفييتي ومنظومة البلدان الاشتراكية التي انعكست قوتها على مجموعة قرارات الأممالمتحدة التي أعطت اعتباراً واحتراماً لحقوق الفلسطينيين ولجعل منظمة التحرير عضواً مراقباً فيها في مواجهة المعسكر الأميركي الاسرائيلي الذي كان يقف طوال مراحل الحرب الباردة ضد هوية الفلسطينيين الوطنية وضد حقوقهم الشرعية وضد تطلعاتهم الإنسانية في العودة والاستقلال والمساواة، بينما كان السوفييت يتعاطفون معهم ويؤيدون حقوقهم في الهوية والدولة وتقرير المصير. ولم يكن هناكذنب للفلسطينيين في خطيئة الرئيس الراحل صدام حسين في اجتياحه الكويت يوم 2/8/1990، وتمزيق التضامن العربي على أثر ذلك الاجتياح وتداعياته، ومنذ بدايات الاجتياح وقف الفلسطينيون ضد احتلال الكويت ونادوا بالحل العربي الذي يعيد الكويت للكويتيين ويحمي العراق من التدخلات الأجنبية والحرب الأميركية الدولية المخطط لها ضده والتي استهدفت تحقيق ثلاثة أغراض بائنة، هي أولاً تدمير قدرات العراق العسكرية، وثانياً: استنزاف واردات الخليجيين المالية وثالثاً ارتهان النفط العربي للسياسة والمصالح الأميركية. ولذلك عمل الرئيس الراحل ياسر عرفات مع الراحل الملك حسين على بلورة موقف عربي يحمي العراق ويحافظ على الكويت معاً، وقد كان آخر جهد مشترك لهما بالتعاون مع نائب الرئيس اليمني آنذاك علي سالم البيض في زيارتهم لبغداد وعقد قمة رباعية مع الرئيس العراقي يوم 4/12/1990 بعد الاجتياح العراقي للكويت يوم 2/8/1990 وقبل شن الحرب عليه يوم 17/1/1991، ولكن عناد صدام حسين وسوء تقديراته أفشلت مهمة عرفات والحسين والبيض في بغداد. لم يكن للفلسطينيين ذنب في خيارات حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في العراق في سلسلة حروبه البينية التي خاضها، ولذلك لا يتحملون مسؤولية تردي التضامن العربي وفي تغيير بوصلة الاهتمامات الرسمية العربية، بدلاً من أن تتركز وتتواصل نحو العدو القومي الاسرائيلي المشترك الذي احتل أراضي فلسطين والأردن ومصر وسورية ولبنان ولا يزال يحتل أراضي ثلاث منها، فبدلاً من تركيز الاهتمام بهذا العدو وضده، تحول الاهتمام العربي نحو الخليج العربي ونحو المخاطر التي تواجهه وتراجع الاهتمام العربي ومن ثم الدولي بما يجري على أرض فلسطين وما حولها. لقد أدت سلسلة الحروب الخليجية لتغيير موازين القوى وخاصة بعد سقوط نظام حزب البعث والرئيس الراحل صدام حسين لمصلحة العدو الاسرائيلي، مصلحة مباشرة وخالصة، وفقد الفلسطينيون على اثر ذلك التضامن العربي بلداً عربياً كان يقف بقوة الى جانبهم، وتحول الفلسطينيون ليكونوا أسرى النتائج المدمرة لحروب الخليج البينية. مثلما لم يكن للفلسطينيين ذنب في خيارات السادات في الحل المنفرد مع اسرائيل وفي تقزيم جبهة المواجهة العربية ضد اسرائيل وفتح الأبواب على الحلول الانفرادية التي أضعفت الفلسطينيين وجعلتهم فاقدين للقدرة على المناورة بسبب النتائج التي أسفرت عنها مجموعة الوقائع المتتالية: الحرب الباردة وحروب الخليج البينية وكامب ديفيد في الحل المنفرد. الفلسطينيون، يدفعون ثمن هذه النتائج على الرغم من عدم تحملهم مسؤولية الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج من وقائع واستخلاصات لا ذنب لهم فيها، وموازين القوى التي أسفرت عن هذه النتائج تقف ضد مصلحتهم وضد خياراتهم وهذا هو مركز ضعفهم وسوء وضعهم الذي لا يحسدون عليه، ومن هنا يحتاج الفلسطينيون الى دعم وإسناد الكتاب والمعلقين والحزبيين والبرلمانيين والنقابيين والى كل من يهتم بالعمل العام ويؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وهم لا يحتاجون لمن يزايد عليهم ويعلمهم أين تكمن مصالحهم وكيف يناضلون من أجلها ومن أجل استردادها، فالظروف الموضوعية المحيطة بفلسطين وشعبها وقيادته صعبة قاسية وموازين القوى مكسورة بقوة لمصلحة العدو الاسرائيلي، فهل ندرك ذلك ونتصرف مع الفلسطينيين على هذا الأساس؟؟ عن صحيفة الايام الفلسطينية 17/11/2007