هذه إحدى لاءات آرييل شارون التي أعادها الى الاذهان الفلسطينية والعربية أمس خلفه ايهود أولمرت.
والمعنى واضح: فعندما يعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة خالصة لليهود فإن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى «فلسطين 48» يسقط تلقائيا.. بالتالي لا يصح ان يكون موضع تفاوض.
لكن عقم العملية التفاوضية لا يتوقف عند هذا الحد. فقد أعد الجانب الاسرائيلي نفسه جيدا فيما يبدو ليقود الجانب الفلسطيني الى طريق مسدود.. وذلك بناء على لاءات شارون التي أصبحت بمنزلة ثوابت اسرائيلية لا محيد عنها.
وتأسيسا على اللاءات فإن مصير القدس بات محسوما. فهي العاصمة «الموحدة والدائمة» للدولة اليهودية. وعمليا فإن التهويد الديموغرافي للمدينة المقدسة اكتمل تقريبا.ومن المفارقات في هذا الصدد انه عندما يرغب أولمرت في اجراء حديث مع رصيفه الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) فإنه يستضيفه ليس في تل ابيب وإنما في القدس، باعتبار انها العاصمة الاسرائيلية الرسمية. ويشخص أبومازن الى القدس في زياراته الرسمية وكأنه يعترف بمآلها الإسرائيلي.
من اللاءات الشارونية ايضا: لا عودة لحدود 67. ومثل مآل القدس فإن هذا المبدأ انتقل من دائرة التنظير الى دائرة التطبيق العملي. هذا هو مغزى بناء «الجدار الفاصل» الذي يمتد من شمال الضفة الغربية الى جنوبها واضعا بذلك خطا حدوديا جديدا يؤدي الى توسيع رقعة الدولة الاسرائيلية بنسبة كبيرة بحيث تمتد السيادة الاسرائيلية الى مصادر المياه الرئيسية في اراضي الضفة.
كما ان الجدار الفاصل يحسم مسألة مصير المستوطنات اليهودية الكبرى القائمة على أرض فلسطينية. فوفقا للخط الحدودي الجديد تدخل هذه المستوطنات ضمن السيادة الاسرائيلية ايضا. ويعزز من هذه النقلة «رسالة ضمان» خطية تسلمها شارون من جورج بوش.
واذا كانت اسرائيل قد حسمت سلفا كافة قضايا «الوضع النهائي» فماذا بقي للعملية التفاوضية الجارية بين الفلسطينيين والاسرائيليين؟ وما جدوى عقد مؤتمر دولي؟ وماذا يرجى ان تتضمن «الوثيقة المشتركة» التي يتجادل الجانبان بشأن محتوياتها تمهيدا لرفعها الى مؤتمر أنابوليس؟
يقول امين عام الجامعة العربية عمرو موسى نيابة عن الدول الاعضاء في الجامعة «اننا جميعا نحرص على حضور المؤتمر باعتباره فرصة لإحداث نقلة نوعية وتقدم حقيقي في عملية السلام».
والسؤال الذي يطرح هو: من أين للدول العربية بهذه النبرة التفاؤلية التي يعكسها تصريح الامين العام بعد ان حسمت القيادة الاسرائيلية كل شيء.
ولماذا تشارك الدول العربية في مؤتمر «دولي» تعلم علم اليقين انه ليس دوليا. فهو مشروع أميركي من أوله لآخره ليس للحكومات العربية رأي في تحديد جدول أعماله وطريقة ادارته وتوجيه مساره.
لكن علينا ان نقر بأنه حينما تطرح مثل هذه التساؤلات فإن لدى الحكومات العربية أجوبة جاهزة، فسيقولون لك ببساطة: نحن نتبع ما يريده الفلسطينيون - اصحاب القضية بالأصالة!
وهكذا سيسافر الممثلون العرب الى أنابوليس للمشاركة في المؤتمر الأميركي بذريعة «دعم» أبومازن.