إدارة بوش تحيط خصرها بالأحزمة الناسفة غسان الإمام المسيحية والعلمانية، على حد سواء، تحرمان تعدد الزوجات. الرئيس بوش العلماني المحافظ والمسيحي الأصولي يمارس تعدد الزوجات في الشرق الأوسط. بوش يتعامل مع سبع زوجات شرق أوسطيات، بعضهن في جاذبية وإغراء هيفاء ونانسي، وبعضهن في جمال غولدا وشامير وأولمرت. زوجات لا هن في حالة طلاق بالثلاثة، ولا هن راضيات عن زوج «عاجز». لكن كلهن الآن خارج بيت الطاعة. إدارة بوش تضع أميركا في حالة انهزامية نادرة. أين؟ في اشد مناطق العالم اضطرابا، وأكثرها مفاجآت وتحولات غير متوقعة. بوش الزوج الضلِّيل حينا والمخدوع حينا يصب الزيت بنفسه على نفسه. يلف خصر إدارته بالأحزمة الناسفة. عليّ وعلى أعدائي وأصدقائي. لماذا تقع أقوى دولة ديمقراطية في العالم في هذه الأخطاء المروعة؟ السبب أن النظام الانتخابي الأميركي يخرج من كُمِّه أرنبا أو ثعلبا أو ذئبا رئاسيا يجهل تماما العالم. دابليو الآتي من مجاهل تكساس يتعامل مع العالم بلغة وأسلوب الكاوبوي. ريثما يتدرب الرئيس الجاهل على الإمساك بخريطة العالم، يكون قد ضيَّع على سياسة بلده مصداقيتها، ودمر الثقة الدولية بها، أو ورطها بحروب ونزاعات فوق طاقتها على خسارتها، وفوق قدرتها على كسبها. مورين داود الكاتبة الساخرة الأميركية تقدم وصفا لأسلوب بوش في إلحاق الهزيمة بأميركا. تقول افتراضا على لسانه في تهكم: «مصير الحرية في بلدنا يعتمد بشدة على قمع الحرية في بلدان أخرى». تضيف مقلدة منطقه: «الأمل الكبير في نشر السلام هو في توسيع (الاعتماد) على الطغاة». تسترسل مشيرة الى الرقابة الأمنية المفروضة على الأميركيين: «لخدمة شعبك عليك أن تتعلم كيف تسيء الظن به»... في حربه على جهادية ابن لادن الانتحارية، يفجر بوش الأحزمة الناسفة بنفسه وبزوجاته المشاكسات في المنطقة. لنأخذ الزوجة الباكستانية أولا. خلال الحرب الباردة دعمت «الجهادية» الأميركية جهادية الجنرال ضياء الحق، فشنق رئيسه علي بوتو الذي أزعج أميركا بحياده في لعبة الاستقطاب العالمي. أطلق الجنرال المؤمن العنان للمدرسة الدينية،فخرَّجت أجيالا من الأئمة المتزمتين والمعادين لعالم لا يعرفون شيئا عنه. ربى في ثكنته أجيالا أخرى من ضباط لا يقلون عنه صرامة وتزمتا. ما لبث هؤلاء ان تحالفوا بشكل وآخر مع الجهاديين، وخلقوا ميليشيا طالبان التي استعانت بها أميركا في أفغانستان. انتهت الحرب الباردة بانتصار «المؤمنين» واندحار «الكفار». أنهت أميركا حلفها الجهادي مع طالبان وابن لادن. مات ضياء الحق بسقوط غامض لطائرة هيلوكبتر. لكن تلامذته في الثكنة والمخابرات احتفظوا بنظام طالبان في أفغانستان، كعمق استراتيجي في المواجهة مع الهند، وكشريان اقتصادي يصل باكستان بنفط آسيا الوسطى. فشلُ ديمقراطية التسعينات الباكستانية بسبب الفساد وانعدام الكفاءة الإدارية والتناحر الحزبي بين بنازير بوتو ونواز شريف... كل ذلك أغرى العسكر بالاستيلاء على السلطة مرة أخرى (1999). ثم كانت عملية «القاعدة» في نيويورك (2001) فرصة للجنرال برفيز مشرف لاكتشاف نقطة الضعف في بوش الذي أعلن «الجهاد» ضد الإرهاب. دعم بوش نظام الجنرال. موّله الى الآن بعشرة مليارات دولار لمحاربة الإرهاب معه. ما زال ابن لادن حيا مقيما في أرض الجنرال. أميركا تفضل التعامل مع الأشخاص على التعامل مع المؤسسات. بات الجنرال مشرف التلميذ المخلص لضياء الحق الحليف الذي يفتخر به بوش. مشرف ضابط صارم غير فاسد بالقياس مع نظامي شريف وبوتو. لكن متعة السلطة أغرته بنكث وعوده في وضع باكستان على طريق الديمقراطية. بل ذهب الى الاعتماد على الجهاديين ضد الليبراليين. كانت النتيجة الوضع الذي انتهى إليه اليوم: جيش مهزوم في وزير ستان الحدودية (تورا بورا الباكستانية). طبقة وسطى ليبرالية نشيطة وحيوية متمردة وخائفة من تزمت جهادية ظلامية سريعة الانتشار. لاخضاع الزوجة الباكستانية المتمردة، لجأت إدارة بوش الى بنازير بوتو لتعويم الجنرال. انتهزت بوتو قمع الجنرال للمعارضة الليبرالية (نقابات. أحزاب. محامون. قضاة) فانضمت إليها ضده. وهكذا، انفجر الحزام الانتحاري بإدارة أميركية محرجة لا تستطيع الاستغناء عن جنرال يفرج عن الجهاديين ويكافح الليبراليين! الحجة هي الخوف من وقوع قنبلته النووية في أيدي نظام طالباني، ولا تستطيع استرضاء طبقة وسطى ناقمة على أميركا لدعمها الدكتاتورية العسكرية، على الرغم من رفعها شعار خدمة الديمقراطية في العالم. الزوجة الأفغانية في أسوأ حال. الزوج العاجز ورط حلف الناتو في مطارحة الزوجة الغرام، فداخ عسكر الناتو برائحة الحشيش التي تمول به طالبان حربها «الجهادية» على «الكفار». غرام بوش في العراق وأفغانستان كلف أميركا 400 مليار دولار الى الآن. المطلقة الإيرانية أكثرهن مكرا وخداعا. الزوج الغبي سلم الزوجة العراقية لأحزاب الشيعة الموالية لإيران، فحول البلد المنكوب الى «قاعدة» لابن لادن. انتهزت الزوجة الكردية الفرصة، فأعلنت استقلالها تحت المظلة الأميركية، وراحت تعيث فسادا واضطرابا في أراضي جيرانها الإيرانيين والأتراك والسوريين، فيما خرجت الزوجة الإيرانية باكرا من بيت الطاعة، لتملأ فراغ «العجز» الأميركي في المنطقة، امتدادا من دجلة الى المتوسط مرورا بسورية ولبنان وغزة. الزوجة التركية أشدهن غيرة وغضبا على زوج مخدوع يدعم انفلات الزوجة الكردية، في وقت كان عليه التزام الإخلاص لتركيا التي تمسك بالخناق التمويني لقواته في العراق. التركية لا تغفر. هي اليوم تهدد بغزو الزوجة الكردية، ربما وصولا إلى كركوك والموصل. برزاني وطالباني يلعبان لعبة (الاستغماية). يتعمدان بمكافحة أكراد أوغالان، فيما مراسلة «نيويورك» تفضح رياءهما وازدواجية أميركا. صوّرت حواجز أكراد تركيا داخل أرض العراق، وسيارات التموين التي تنقل لهم الغذاء، وربما السلاح، من أرض الزعيمين الكرديين العراقيين. الزوجة الإسرائيلية، على قبحها، فهي الأثيرة على قلب الزوج المخدوع. هي الوحيدة الباقية في فراش الزوجية. في ربع الساعة الأخيرة من ولايته، أفاق بوش على ضرورة استرضاء عرب فلسطين وتبديد قلق عرب الخليج من مطلّقة إيرانية ذات أسنان نووية. هُرع إلى جمع الأضداد في مؤتمر، متعهداً سلفا بعدم قدرته على النكث بوعده للزوجة الأثيرة: لا تفكيك لمستوطنات الضفة. لا عودة للاجئين. لا عودة لحدود 1967. إذا أخفق المؤتمر انفجر العنف والحزام الناسف في وجه الزوج. آه من الزوجة السابعة! بعد عناق وفراق مع لبنان منذ أوائل الثمانينات إلى الآن، يجد الزوج الغبي حزب إيران يحل محل ميليشيات عرفات وجيشي شارون والأسد. اهتدى بوش أخيراً إلى ساركوزي (الأمريكاني) لاختيار رئيس للبنان بلا بي... (التعبير للراحل ريمون إده)، رئيس يترأس الموارنة. يرضي السنة. يحالف الدروز. لا يغضب الشيعة. لا يزعج سورية. مسكين البطريرك الأعزب دهرا. عليه ان يرشح مع ساركوزي رئيسا للبنان يقبل بتعدد كل هذه الزوجات. العرب الذين يمارسون تعدد الزوجات، لا فرق إن كن جميلات أو قبيحات، يتعرضون لإغراء الإسرائيلية التي تحاول القفز فوق الفراش الفلسطيني للوصول إلى فراش التطبيع العربي. هم في الوقت ذاته يخشون أن «يعتدي» بوش على مطلقته الإيرانية. لأميركا 166 ألف جندي في العراق. أربعون ألف جندي في أطراف الخليج. 25 ألف جندي مارينز على ظهر حاملتي طائرات. إذا قصف بوش مطلقته الإيرانية، فسترد بقصف «ضرتها» الإسرائيلية، وبمهاجمة القوات الأميركية في العراق، وبعمليات انتحارية في الخليج. عندئذ، إما أن يترك بوش الداء والدواء لرئيس جاهل آخر، وإما أن يشعل حربا عالمية ثالثة. مساكين العرب! هم بين زوجات يتمردن على زوج «عاجز». الأمل الوحيد في الإنقاذ هو انتخاب هيلاري التي أحسنت حكم العالم عندما كان كلينتون مشغولا بأخرى في البيت الأبيض. عن صحيفة الشرق الاوسط 13/11/2007