ليفني خسرت الحكومة.. والانتخابات ستأتي بالليكود! د. محمد ناجي عمايرة باتت المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية على مفترق طرق من جديد، بعد تفاقم الأزمة السياسية في إسرائيل إثر فشل وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، في تشكيل الحكومة الجديدة، ودعوتها إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعد لقائها الرئيس الإسرائيلي بيريز. وإذا كان الكثيرون ينظرون إلى تلك المفاوضات بعين الريّبة والشك في قدرتها على التوصل إلى نتائج مفيدة، فإن أطراف العملية السلمية أنفسهم باتوا أكثر تشاؤماً من المراقبين المحايدين، نظراً لعدم وجود طرف إسرائيلي قادر على التفاوض الجدّي الذي لا يشكل مضيعة للوقت، وبعيداً عن وعود الرئيس بوش الذي يستعد للرحيل من البيت الأبيض دون أن يقترب من الوصول إلى رؤيته بحل الدولتين والمجيء بالسلام المفقود، فإن المفاوض الفلسطيني ليس أحسن حالاً في ظل الصراع بين فتح وحماس. الوزيرة المكلفة بتشكيل حكومة جديدة تسيبي ليفني، انتهت إلى الاعتراف بالفشل، في مهمتها التي وصفناها في مقال سابق عشية استقالة أولمرت بأنها (صعبة جداً)، إن لم تكن مستحيلة، ولم يكن أمامها إلاّ خيار الذهاب إلى الانتخابات المبكرة، غير أن أمام الرئيس الإسرائيلي بيريز خيارات أخرى، بينها تكليف شخصية سياسية أخرى بالمهمة التي فشلت فيها ليفني، أي تشكيل الحكومة، قبل أن يدعو إلى انتخابات مبكرة، وهو خيار يبقى قائماً، ويبدو أن بيريز - هو الآخر - لم يكن يريده، لأن نتائج الانتخابات لن تكون في مصلحة حزبه أي ''كاديما''. ليفني اتهمت الأحزاب وأصحاب المواقف المتطرفة بالابتزاز، وهي تعني حزب شاس الديني الذي أصرّ على استبعاد قضية القدس من جدول المفاوضات مع الفلسطينيين، وهذا الابتزاز السياسي ليس جديداً، في العمل السياسي والعام الإسرائيلي، ومن الطبيعي ان تساوم الأحزاب التي تريد المشاركة في الحكومة رئيس الوزراء المكلف على الحقائب وعلى مواقف سياسية تشترطها لتلك المشاركة، ومن الملاحظ أن الأحزاب الصغيرة هي التي تتحكم بالأحزاب الكبيرة في الكنيست وفي تشكيل الحكومة الإسرائيلية بل هي التي تقرر مصير الدولة العبرية ومستقبلها في كثير من الأحيان، وهذا ما عبرت عن رفضه زعيمة حزب ''كاديما'' الذي أسسه أرئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي يغرق في غيبوبة مستمرة منذ ما يقرب من العامين، وهذا الرفض دعاها إلى التخلي عن جهود تشكيل الحكومة. وإذا اصطدمت ليفني بحائط الصد هذا؛ فإنها اختارت التوجه إلى انتخابات مبكرة، ترى معظم استطلاعات الرأي أن المستفيد الأول منها سيكون حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو الذي يخطط للعودة إلى رئاسة الحكومة من جديد بعد أن تولاها بين عامي (1996 - 1999) ثم تبعه شارون بين عامي (2001 - 2005) قبل أن ينشق عنه ليشكل حزب كاديما الذي يرأسه حالياً أولمرت المستقيل تحت طائلة اتهامات بالفساد. وعدم مشاركة بعض الأحزاب السياسية - خاصة حزب شاس - بحكومة ليفني، تعود حسب مصادر المراقبين الى انها ''تريد التفريط بالقدس وترفض زيادة مخصصات الأطفال والشرائح الاجتماعية الفقيرة'' وهذا ما حاول مسؤولون في الليكود تضخيمه لدى الأحزاب الصغيرة، خاصة منها الدينية المتطرفة، مما جعلهم يتجهون الى المطالبة بانتخابات جديدة (مبكرة). وتراهن الأحزاب الصغيرة مثل (شاس) على ان تعود اقوى في الانتخابات الجديدة خاصة انها تتطلع إلى حكومة برئاسة ''الليكود'' يشكلها نتنياهو الذي تلتقي معه على التشدد في المواقف السياسية، وبالتحديد الموقف من المفاوضات مع الفلسطينيين ومع سوريا ولبنان، معا. وتبدو خسارة ليفني وحزبها واضحة منذ الآن، لكن حزب العمل الذي تعرض لانشقاقات عديدة في السنوات الأخيرة، لن يكون أفضل حالاً، فهو بعيد عن السلطة منذ عام (2001) وقد لا تعيده الانتخابات القادمة شريكا فيها كما كان عام (1990) مع الليكود. عن صحيفة الرأي الاردنية 28/10/2008