بمناسبة حديث السيدة الفاضلة / جيهان السادات في ذكري أكتوبر المجيد و الذي آثار لدينا الشجن ما بين تجدد الفرح بأول نصر عسكري للعرب علي إسرائيل و ما بين اغتيال زعيم في يوم احتفال مصر السنوي بجيشها المنتصر و على أية حال سيظل هذا اليوم من تاريخ مصر رمزا لانتصار أمة و شاهدا علي أن زعيمها لم يبخل حتي بحياته فداءا لها ... سيدتي أنت أول من يعلم أن لا شئ مهما كان حجمه و مبلغ شأنه يقام لتخليد ذكراه ممكن أن يضيف إلي تاريخه الوطني الطويل و الذي أمتد بقرار الحرب و النصر ثم السلام - فلا تمثال أو متحف أو فيلم يحدث فارقا – و لو أنه واجب علي كل مؤسسات الدولة أن تشجع من جانبها القيام بمثل هذه الأعمال كعرف سائد في جميع دول العالم تعبر عن نفسها بشئ من الوفاء و أيضا للأجيال الشابة لمعرفة تاريخهم بانتصاراته و انكساراته... لذا فالواجب علينا جميعا متطوعين أن نقوم بالمشاركة بمشروعات خيرية و تنموية كان يتمني أن يحققها في حياته – و إن حقق بعضها – إلا أن القدر لم يمهله لاستكمالها.
لذا أناديك كغيري من الغيورين علي مستقبل أمتنا المصرية أن تعيدي نشاطك الاجتماعي و الأهلي فقد كنت من رواد هذا المجال منذ نكسة 67 و كنت صاحبة السبق و الريادة للدور الاجتماعي لحرم رئيس الجمهورية فمن المؤكد أنه لم يغب عن ذاكرتك بأنه أطلق عليك خلال تلك الفترة " أم الأبطال " لما كان لكي من مواقف عدة مع الجنود وقت الحرب و مع الجرحى و المصابين خلالها و بعدها .
إن مصر في أشد الاحتياج لكل من يمد لها يد العون في الأزمات و الكوارث التي تمر بها و أنت قادرة بمشيئة الله أن ترتفعي بالبناء الذي كنت قد أرسيت قواعده يعينك علي ذلك ما تمثليه بشخصك و تاريخك من ثقل و احترام دولي.. إنني أدعوك كمواطنة مصرية لتواصلي المشوار الذي بدأته برفقة الزعيم الراحل و أسمحي لي أن أضع بين يديك تصورا لبعض المشروعات لتحقيقها من أجل التواصل مع جهودك السابقة.
أولا : مشروع منحة السادات العلمية
سيدتي تعلمين يقينا أن العلم هو قاطرة التنمية التي نعمل عليها جميعا منذ أكتوبر 73 و رفعنا الشعار الذي نادي بدولة " العلم و الايمان " لذا فإنني أناشدك في هذه الذكري العطرة أن تتبني مشروع خلق فرص لأبناء مصر من الشباب المتميز للالتحاق بشبكة دولية للدراسة الجامعية أو الدراسات العليا كمنح في شتي المجالات التي تحتاجها مصر ( تكنولوجيا / طاقة / تنمية / سلام ) ليتسلحوا بالعلم الذي هو المخرج الوحيد لما نحن فيه من أزمات و أعتقد بل و من المؤكد انك تملكين كل المقومات اللازمة لدعم هذا المشروع حيث تربطك صلات جيدة بالجامعات حول العالم .
ثانيا : مشروع صندوق السادات للعلاج ( بنك الدواء )
سيدتي طالما كنت الأم العطوف للمصريين حيث أرسيت المهام الاجتماعية للسيدة الأولي .. الشعب المصري الآن يعاني من ندرة العلاج و غلو ثمنه و هنا يجب أن يأتي دور المجتمع الأهلي و الخدمات الاجتماعية من المؤسسات المدنية لملأ هذه الفجوة ... أتمني أن تتبني فكرة انشاء " بنك الدواء " من أجل توفير الأدوية المجانية للمحتاجين و خاصة الباهظة الثمن و التي يمكن جمعها عن طريق التبرعات محليا أو دوليا.
ثالثا : مشروع تطوير معاش السادات
مازال الملايين يذكرون الزعيم الراحل بكل الخير شهريا من خلال " معاش السادات " و لكن مع ظاهرة الغلاء التي تتقدم بضراوة يوما بعد يوم ... فقد حان الوقت لتضمي صوتك لهؤلاء و تتبني الدعوة لزيادة المعاش الذي لم تتجاوز قيمته حتي الآن 100 جنيه للأسرة بالإضافة إلي تسهيل قبول و إدراج الأسر المحتاجة للمشروع ... و أعتقد ان ذلك يتماشي مع سياسة الدولة و الحزب الوطني من تحقيق العدالة الاجتماعية و محاربة الفقر.
إن الكادحين بطول البلاد و عرضها من دلتا الوادي الطيب إلي صعيد مصر المعطاء ينتظرون أن تعينيهم علي مقاومة مثلث الرعب الشرس من جهل و مرض و فقر و قد عاصرت ذلك علي أرض الواقع و عايشت الرجل الذي كان يفتخر بأنه من نفس تراب هذه الأرض و قد عانيت و كافحت معه طوال حياته و تفاعلتم مع هموم السواد الأعظم من الشعب المصري حتى و إن أختلف معه الكثيرين ففي النهاية لا يصح إلا الصحيح و إني علي ثقة بقدرتك للقيام بتلك المبادرات لرفع المعاناة عن كاهل الملايين من المصريين – الأمر بين يديك و أعلم ما يمكن أن يمثله ذلك من حساسية و حرج لكثيرين – يقيني بالله أنك ستستجبين لأن في هذا الشأن التكريم الأكبر و الأعظم لذكري الرجل الذي أحب الناس فأحبته و ما توفيقك و توفيق المخلصين للوطن إلا بالله .