انتهت الانتخابات؟ عاطف عبد الجواد لو جرت الانتخابات الرئاسية الأميركية اليوم لفاز المرشح الديموقراطي باراك اوباما. لكن الانتخابات سوف تجري في الرابع من نوفمبر ، ورغم ان الكثير قد يتغير ما بين اليوم وهذا التاريخ فليس مرجحا ان تتغير النتيجة المتوقعة. ويمكن تلخيص الوضع الانتخابي الراهن على النحو التالي: هناك خمس ولايات اميركية سوف تحدد نتيجة السباق اليوم. لكي يفوز المرشح الجمهوري جون ماكين بالرئاسة فإن عليه ان يفوز بهذه الولايات الخمس جميعا. أما باراك اوباما فيحتاج الى الفوز بولاية واحدة فقط منها لكي يفوز بالبيت الأبيض. والمرشح الديموقراطي اوباما تلقى دفعة كبيرة من الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة في الولاياتالمتحدة. هذه الأزمة دفعته امام ماكين بفارق حوالي تسعة في المائة. ولكن اوباما ما زال يواجه عقبات محتملة. من بينها حقيقة ان عددا من الناخبين البيض يقولون قبل الانتخابات إنهم سوف يصوتون لأوباما ولكنهم يوم الانتخابات لا يصوتون له. هؤلاء الناخبون لا يصوتون لمرشح اسود ولكنهم يخشون التعبير عن حقيقة مشاعرهم علنا. غير ان هؤلاء لا يتجاوز عددهم 2 في المائة فقط من اجمالي الناخبين الأميركيين. فلنستقطع هذه النسبة من اجمالي معدل تقدم اوباما على ماكين وهو تسعة في المائة. هذا يعني ان اوباما لا يزال متقدما على ماكين بنسبة سبعة في المائة. العقبة الثانية امام اوباما هي المرشح المستقل رالف نادر وهو من اصل لبناني. نادر رشح نفسه مرارا وتكرارا في الانتخابات السابقة وحصل في كل مرة على عدد متناقص من الأصوات. وكل الاصوات التي حصل عليها نادر استقطعت من اصوات الديموقراطيين. اي ان رالف نادر سوف يأخذ بعض الاصوات بعيدا عن اوباما. غير ان نسبة اصوات نادر لن تتجاوز 2 في المائة في انتخابات نوفمبر. في انتخابات العام 2004 حصل رالف نادر على 3 في المائة من الاصوات. ولكن تناقص التأييد له سوف يقلص النسبة الى 2 في المائة هذا العام. فلنستقطع 2 في المائة من اجمالي التقدم الذي يحرزه اوباما على ماكين. هذا يعني ان اوباما يتقدم على خصمه الجمهوري بنسبة خمسة في المائة. ولأن استطلاعات الرأي لها هامش خطأ هو في هذه الحالة اثنان ونصف في المائة فإن المعدل الحقيقي لتقدم اوباما على ماكين هو في النهاية اثنان ونصف في المائة. في انتخابات العام 2004 فاز جورج بوش على خصمه الديموقراطي السناتور جون كيري بنسبة 51 في المائة مقابل 49 في المائة. هذه المرة سيفوز اوباما على ماكين بمعدل اكبر من معدل فوز بوش على كيري ولو بنصف الواحد في المائة. كل الظروف والاستطلاعات والعوامل تشير اليوم الى ان اوباما يمكنه تحقيق فوز ساحق على الجمهوري ماكين لولا انه رجل اسود اسمه باراك اوباما. اي انه لو كان السناتور اوباما، هو هو بلحمه ودمه، وشكله وافكاره، رجلا ابيض البشرة ، اسمه رون سميث، لكان اليوم قد اكتسح ماكين في معدل التقدم. لكن البعض يقول ايضا إن كون اوباما رجلا اسود هو جزء كبير من الجاذبية والشعبية التي يتمتع بها لأن عددا كبيرا من انصاره يرون فيه رمزا على تغيير تاريخي في النزعات العرقية والعنصرية والاجتماعية في اميركا. ومن الغريب ان هذا الرجل الاسود الذي يعطيه لون بشرته ميزة وعيبا في آن واحد، يتمتع ايضا بتفوق من نوع آخر هو المال. لقد رفض اوباما اخذ اموال فيدرالية تمنح بالتساوي لمرشحي الرئاسة، وقرر ان يعتمد تماما على التبرعات الخاصة. اليوم يتمتع اوباما بتفوق مالي على خصمه ماكين بفارق 3 الى واحد في الأسابيع الأخيرة للحملة الانتخابية. هذه الأموال ينفقها اوباما في اعلانات انتخابية متلفزة تربط ماكين بجورج بوش وتصوره ايضا على انه مرشح فقد اتصاله بمشاكل الناس خاصة في المجال الاقتصادي. وقد تزامن هذا الانفاق مع تفجر الأزمة المالية والاقتصادية في الولاياتالمتحدة التي جعلت الناس يركزون على الاقتصاد وعلى همومهم المعيشية. هذا التحول هو الذي اعطى اوباما التقدم الذي يتمتع به اليوم. ولو استمر التقدم بالمعدل نفسه حتى الرابع من نوفمبر فالارجح هو ان الرئيس الأميركي الجديد سيكون اسمه: باراك اوباما. عن صحيفة الوطن العمانية 14/10/2008