أزاح احد اعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي الستار عما يتم و يدور في المفاوضات الروسية – الأمريكية، تلك المفاوضات التي تتناول موضوع تسوية تتضمن استعداد واشنطن لتجميد نشر عناصر من جهازها للدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية نظير تعاون روسيا مع الولاياتالمتحدة اتجاه الأزمة النووية في إيران وزيادة العقوبات على إيران لاخضاعها وتحقيق الرغبة الأمريكية في التخلي عن مشروع تخصيب اليورانيوم وقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن السبيل الوحيد لحل الأزمة الإيرانية حول الملف النووي هو التفاوض السلمي مشيراً إلى أن استخدام القوة العسكرية سيعمل على تفجير الموقف والوضع في المنطقة كما أنه أشار أيضاً إلى أن الصواريخ الإيرانية التي أجريت تجارب إطلاقها لم يزيد مداها على ال 2000 كم.... وهذا ينفي سلامة الحجج الأمريكية في نصب الدرع الصاروخية.
مرت الأعوام الثمانية على ولاية الرئيس الأمريكي بوش ولم يتمكن خلالها من الوصول إلى أي تقدم فعلي حول حل أزمة الملف النووي الإيراني بدءًا بتلويحه توجية ضربة عسكرية ضد إيران مروراً بتشجيع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات وعقوباتٍ ضد إيران وصولاً إلى التفاوض المباشر مع القيادة الإيرانية.
كان اصطدام الوسطاء الدوليين بتعنت الموقف الأمريكي تارةً واصرار الإيرانيين على مشاريعهم تارةً أخرى قد دفع موسكو إلى طرح التفاوض المباشر بين إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية لإنهاء الخلاف بينهما ويتجلى الدور الروسي للحل كون روسيا شريك لإيران في مشاريع عديدة وإن مواصلة هذا التعاون الروسي الإيراني سيفقد العقوبات الدولية فاعليتها وتأثيرها ويجعلها محدودة التأثير والكفاءة والفاعلية وهو ما يفسر الدوافع للعرض الأمريكي الجديد فالصفقة لم تقتصر على ملف الدرع الصاروخية بل تضمنت أيضاً فتح الأسواق الأمريكية أمام اليورانيوم الروسي الذي تقوم الولاياتالمتحدة باستخدامة في العديد من منشآتها الحيوية الصناعية.
رغم ذلك كله لا تزال الأمور معقدة نوعاً ما بالنسبة لموسكوفإيران ليست مجرد سوق لمنتج روسي بل هي شريك استراتيجي مهم في عدة ملفات حيوية تتعلق بالسياسة الروسية في القوقاز ووسط أسيا.ففي تلك الساحة لعبت إيران دوراً هاماً مع روسيا في منع التواجد الأجنبي في حوض بحر قزوين رغم اختلافهما حول أسلوب اقتسام ثروات البحر كما أننا لانستطيع أن نتناسى إيران كقوة إقليمية في المنطقة تشكل عامل لجم أساسي في مواجهة الزحف الأمريكي للمنطقة فهي تفرض على أصدقاء الولاياتالمتحدة عدم اتخاذهم أية إجرءات في هيكل تعاونها مع واشنطن من شأنها أن تقلق طهران وهذا بالتالي يعني تقليص التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة.
مازالت موسكو حائرة وتائهة حيث تعتقد مجموعات المال المؤثرة والمشاركة في صناعة القرار السياسي أن تمسك الكرملين بدعم طهران قد يؤدي إلى تهديد المصالح الإقتصادية للبلاد ولهذه المجموعات لأنه سيؤدي إلى تجيمد نشاطها في أسواق أمريكا والغرب عموماً.
ومما لابد من ذكره أن موسكووواشنطن لا يتنافيان في موقفهما اتجاه البرنامج النووي الإيراني وإنما هي بدايات المنافسة للهيمنة على السوق الإيراني في الوقت الذي ترى فيه دوائر صناعة القرار الروسي أن التحالف مع إيران ذو أهمية كبيرة للمصالح الاستراتيجية الروسية.