روسيا والقلق الغربي احمد عمرابي «انهيار الاتحاد السوفييتي هو الكارثة الجيو سياسية العظمى للقرن العشرين»، صاحب هذا القول التاريخي هو الرئيس الحالي لروسيا فلاديمير بوتين الذي تولى السلطة منذ عام 2000 والذي أصبح في حكم المؤكد الآن انه سيبقى في دائرة السلطة لبضع سنوات مقبلة على الأقل.
ورغم ان بوتين لم يكن ماركسيا خلال العهد السوفييتي فإنه كان من ألمع رجال ال «كي جي بي» KGB جهاز الاستخبارات الخارجية الذي كان ولا يزال يتمتع بشهرة عالمية أسطورية، ومنذ أن آلت إليه رئاسة الدولة الروسية فإن الرئيس بوتين ظل على مدار السنوات الثماني الأخيرة منهمكا في تنفيذ سياسة طموحة لإعادة إحياء الاتحاد السوفييتي تحت اسم آخر.
وهذا هو السبب الجذري لحالة التوتر المتصاعد بين روسيا والغرب بقيادة الولاياتالمتحدة، ومما يضاعف من هذا التوتر ان على رأس أجندة بوتين تصفية نفوذ الأثرياء اليهود في مختلف قطاعات الدولة الروسية.
عملية تفكيك الاتحاد السوفييتي في مطلع عقد التسعينات كانت من تخطيط وتنفيذ العناصر اليهودية الروسية المرتبطة بدوائر الحكم في الغرب من ناحية والحركة الصهيونية العالمية من ناحية أخرى، ولب العملية كان تدمير مؤسسات السلطة الخاضعة تماما للحزب الشيوعي السوفييتي الحاكم خاصة في القطاع الاقتصادي، لكن صمدت مؤسسات فشل التنظيم اليهودي في تدميرهما: الجيش وال «كي جي بي» في روسيا.
وبعد خروج ميخائيل غورباتشوف من السلطة كآخر رئيس للاتحاد السوفييتي أتت التنظيمات اليهودية برئيس ضعيف هو بوريس يلتسين، لكن استسلام يلتسين لإدمان الخمر اضطر القيادات اليهودية إلى البحث عن شخصية روسية منضبطة لتشغل منصب رئيس الوزراء تحت إشراف الرئيس المدمن، ووقع الاختيار على القيادي الاستخباراتي غير الشيوعي فلاديمير بوتين ولاحقا تولى منصب رئيس الجمهورية بعد ان اضطر يلتسين إلى الاستقالة، ويمكن القول انه منذ ذلك الحين وحتى اليوم خضع جهاز السلطة العليا الروسية لنفوذ ال كي جي بي.
تولى بوتين منصب الرئاسة وقلبه مفعم بالأسف والغضب تجاه ما منيت به روسيا من تحقير وإذلال وتدمير على أيدي القيادات اليهودية المرتبطة بالغرب، وانطلاقاً من هذا الأسف والغضب أخذ يرسم أجندته.
وكانت أولوياته هي استعادة هيمنة السلطة في إدارة البلاد وتقوية نفوذها السياسي عن طريق تحييد مراكز القوى التي أنشأتها العصابة اليهودية وعلى رأسها شركات القطاع العام التي استولى عليها رأس المال اليهودي بعد خصخصتها وتحجيم المنظمات السياسية «غير الحكومية» التي خلقها التنظيم اليهودي لملء الفراغ السياسي الناجم عن تراجع نفوذ الحزب الشيوعي الروسي وإعادة سيطرة الدولة على الوسائل الإعلامية الرئيسية وتغيير حكام الولايات.
بإيجاز عمد بوتين، مستندا على قاعدة ال كي جي بي، إلى «تنظيف البيت» أولا كخطوة أساسية أولية تمهد لانطلاق روسيا على صعيد الساحة الدولية. خلال زمن قياسي استعاد الاقتصاد الروسي عافيته بعد أن استعادت الدولة ملكيتها في القطاعات المفتاحية، الطاقة والبنوك والاتصالات والزراعة.
وبعد أن انتهى الأمر بالشخصيات اليهودية النافذة إلى الإفلاس أو السجن أو الهروب إلى الغرب، وجدت روسيا بوتين نفسها في موقف جديد يمكنها من تحدي الولاياتالمتحدة في صراعات الساحة الدولية على أساس الندية والتكافؤ.
الغرب قلق، ومما يضاعف من قلقه احتمال قيام محور تحالفي استراتيجي بين روسيا والصين. عن صحيفة البيان الاماراتية 17/10/2007