«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنحي أولمرت يفجر الأزمة داخل إسرائيل / حسين عطوي
نشر في محيط يوم 17 - 09 - 2008


تنحي أولمرت يفجر الأزمة داخل إسرائيل
حسين عطوي
حفلت الساحتان الفلسطينية والإسرائيلية مؤخراً بالتطورات والأحداث، ذات الدلالات الهامة، التي ستكون لها انعكاسات على مجريات الصراع، إن كان على مستوى كل ساحة من جهة، أو على مستوى الصراع بين المقاومة، والاحتلال من جهة ثانية. على أن هذه التطورات طرحت الأسئلة حول المآل الذي ستسلكه والاحتمالات المتوقعة في ضوئه.
انفجار الأزمة السياسية الإسرائيلية على مصراعيها إثر إعلان رئيس الحكومة أيهود أولمرت تنحيه عن منصبه فور انتخاب حزب كاديما رئيسا جديداً له وتوقيت وآفاق الأزمة والاحتمالات المطروحة.
دلالات هذه الأزمة وانعكاساتها على مجريات الصراع العربي الصهيوني. إنجاز اتفاق للتهدئة على جبهة غزة بين حركات المقاومة وإسرائيل بواسطة مصر، والموقف من هذا الاتفاق ودلالاته.
استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن، وآفاق الحوار الفلسطيني الفلسطيني .
انعكاسات كل ذلك على مسار ومستقبل المقاومة.
أولاً: الأزمة الإسرائيلية:
وأخيراً استسلم ايهود أولمرت وسلم، بطريقة غير مباشرة بالهزيمة في حرب يوليو سنة 2006 وقرر أن يلحق بأسلافه ممن سبقوه إلى التنحي على خلفية الإخفاق والفشل في الحرب ( وزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس الأركان دان حالوتس) حيث أعلن اولمرت قراره بالاستقالة من منصبه فور اختيار كاديما رئيساً جديداً له.ومثل هذا القرار المتأخر سنتين عن موعده جاء ليعكس انتهاء مرحلة المناورات التي أطالت بعمر اولمرت وجعلته قادراً على الاحتفاظ بموقعه خلالها، وليؤشر إلى أن إسرائيل قد دخلت مرحلة انفجار الأزمة، المتشعبة والعميقة والنابعة من الفشل والهزيمة أمام المقاومة اللبنانية عام 2006، والعجز عن توليد قيادات تاريخية جديدة، والتخبط السياسي نتيجة مأزق الخيارات العسكرية والسياسية، وحالة التفتت والتندر السياسي والحزبي المعزز بتفاقم أزمة الحكم وصعوبات تشكيل حكومة جديدة.
- في توقيت الاستقالة:
1 يبدو من الواضح أن توقيت الاستقالة، جاء في لحظة شعر فيها أولمرت بان قدرته على الاستمرار في المناورة قد وصلت إلى طريق مسدود، وبالتالي عليه مواجهة ساعة الحقيقة.
فاولمرت تمكن وعلى مدى سنتين من تأجيل هذا الموعد بسبب « إدراكه، الدقيق لحقيقة بأن تمسك السياسيين الإسرائيليين بكراسيهم والامتناع عن إجراء انتخابات مبكرة كان أقوى من الانتقاد الجماهيري لسلطته»، فمعظم الأحزاب السياسية (ما عدا الليكود) ليس من مصلحتها إجراء انتخابات مبكرة لأنها تشعر بان قدرتها على تحقيق نتائج جيدة، أو الاحتفاظ بنفس النسبة من المقاعد في الكنيست ستكون ضعيفة، ولهذا هي تفضل عدم إجراء انتخابات، مع أنها في نفس الوقت كانت تدعو اولمرت إلى الاستقالة، لكنها لا تملك وسيلة للضغط عليه.أما اليوم وبعد أن باتت الأضواء مسلطة على اولمرت، بفعل إثارة فضائح الفساد في وجهه، فانه يحاول اليوم من خلال قراره تحويل الانتباه عنها وعن الأسباب الحقيقية لاستقالته غير أنه كما قال عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية (بالنسبة للكثير من الإسرائيليين فان إعلان رئيس الحكومة قد جاء متأخراً مدة سنتين، لأنه بعد أن تصبح تفاصيل التحقيق والفساد ضد أولمرت في بحر النسيان، وبعد المعارك القضائية، المتوقعة وبعد المحكمة، سوف يبقى ذكر حرب لبنان فقط، ويبقى جذر المسألة هو الأيام ال 34 البائسة التي قاد فيها أولمرت إسرائيل إلى الحرب، في أحد أسوأ مظاهر القيادة، حيث حصلت أزمة ثقة بينه وبين الجمهور، وفقد التأييد الشعبي نهائياً، بحيث لم يستجمع قواه إلى حين خطابه الأخير.
2 جاء قرار أولمرت بالتنحي في وقت دخلت فيه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش مرحلة انعدام الوزن، والقدرة على الفعل مع اقتراب رحيلها مع بدء حملة انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة، ومن المعروف أن بوش كان قد تدخل أكثر من مرة لدعم أولمرت وتأجيل استقالته.
3 في أجواء مرور سنتين على الهزيمة الإسرائيلية في حرب يوليو، أمام المقاومة واستمرار تفاعلات وتداعيات هذه الهزيمة على الكيان الإسرائيلي والتي أسقطت قوته الردعية، ونظريته الأمنية والحروب الخاطفة، وبالتالي وضعت حداً لقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق الهدف المراد منها.
- آفاق واحتمالات الأزمة:
فور إعلان أولمرت قراره بالتنحي، انفجرت الأزمة وكشفت مدى عمقها على أكثر من مستوى.
- مستوى تأجيج الصراع على السلطة داخل حزب كاديما الذي يتنافس على زعامته أربعة من قادته طمعاً في الوصول إلى احتلال منصب رئاسة الحكومة.
- احتدام الصراع على الزعامة في الكيان الإسرائيلي في وقت يتكشف فيه أن البدائل المطروحة لأولمرت لن تكون على شاكلة القيادات التاريخية البائدة من أمثال شارون أو اسحق شامير، واسحق رابين بل على شاكلته مثل وزيرة الخارجية تسيبى ليفني ووزير النقل شاؤول موفاز، بينما تشير استطلاعات إلى انه إذا أجريت انتخابات مبكرة سوف يفوز بنيامين نتنياهو الذي جرب سابقاً في رئاسة الحكومة وفشل.
- وهذا يشير إلى أن إسرائيل باتت تفتقد إلى الزعامات والقيادات القوية، وأن البدائل المطروحة لقيادتها اضعف من أن تقود إسرائيل إلى الحرب أو السلام، الأمر الذي يجعلها تدخل مرحلة من التخبط والضبابية التي تتميز بها الأزمة.
- ظهور مأزق جديد يتمثل في صعوبة تشكيل حكومة ائتلافية من قبل الرئيس الجديد لحزب كاديما الأمر الذي يعكس حالة الانقسام والتندر الحزبي والسياسي الذي يميز الكنيست الإسرائيلي.
- وفي ضوء ما تقدم تبدو الأزمة مفتوحة على عدة احتمالات:
- الاحتمال الأول: فوز شاؤول موفاز في انتخابات حزب كاديما، وتمكنه من تأليف حكومة وحدة واسعة تضم جميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحالي، ويراهن موفاز على استمالة حزب شاس وبقية أحزاب اليمين وخصوصا « إسرائيل بيتنا برئاسة أفيغدور ليبرمان».
- الاحتمال الثاني: أن تفوز، ليفني برئاسة كاديما والتي تعطيها استطلاعات الرأي حظاً أكبر من موفاز غير أن إعلانها نيتها تأليف حكومة وحدة وطنية بمشاركة حزبي الليكود والعمل، في ظل استبعاد قبول شاس والأحزاب اليمينية الانضمام إلى أي ائتلاف ترأسه، سرعان ما ووجه برفض من الليكود، الأمر الذي يجعل فرص نجاح ليفني في تشكيل الحكومة ضعيفة.
- الاحتمال الثالث: الدخول في أزمة تشكيل الحكومة وانتهاء المهلة الدستورية، وبالتالي حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة يتوقع أن تحصل في مارس 2009، ومثل هذا الاحتمال يحبذه نتنياهو، ويدعو إليه النائب الأول لأولمرت في رئاسة الوزراء حاييم رامون الذي قال إنه لا يعتقد « بوجود فرص كثيرة لتأليف حكومة بقيادة كاديما لأن الأجواء السياسية دخلت منطقة من الاضطرابات حيث من الصعب جداً عودة الهدوء إليها..
- الاحتمال الرابع: في ظل العجز عن تأليف حكومة، والذهاب إلى خيار حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة فان اولمرت سيبقى رئيساً لحكومة انتقالية تحوز كامل صلاحيات الحكومة الطبيعية الأمر الذي يجعل اولمرت يتمتع بهامش كبير من المناورة ، وهذا ما دفع العديد من المراقبين والمحللين إلى القول بان هذا الاحتمال كان من ضمن حسابات أولمرت عندما قرر التنحي، ويستدل على ذلك إنه ركز في خطاب الاستقالة، عزمه على مواصلة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ما دام رئيساً للحكومة.
- أن هذه الأزمة التي تدفع إسرائيل نحو إجراء انتخابات نيابية، سوف تفتح الباب واسعاً أمام عودة الليكود إلى الحكم حيث تشير استطلاعات الرأي على تقدمه بفارق كبير على بقية منافسيه من الأحزاب الأخرى، وأن نتنياهو يأتي في مقدمة المرشحين للفوز برئاسة الحكومة، يليه ليفني وباراك.غير أنه من الواضح أن الانتخابات القادمة إذا ما حصلت في مارس 2009، فسوف تؤدي إلى زيادة حالة الانقسام والتندر الحزبي والسياسي، مما يعني أن الحكومة التي ستشكل ستكون ولادتها صعبة إلى جانب كونها حافلة بالتناقضات والتباينات التي تجعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، فيما أي رئيس حكومة سيأتي لن يكون أفضل من اولمرت، لأن عصر إنتاج الزعامات التاريخية القوية في إسرائيل قد ولى، وهذا ما يفاقم الأزمة ويجعلها أكثر عمقاً وحدة، خصوصاً وأنها تتزامن مع ازدياد مأزق وعجز القوة الإسرائيلية بعد الهزيمة في حرب يوليو وتنامي خط المقاومة والممانعة في كل المنطقة.
- ثانياً: التهدئة في غزة:
شكل اتفاق التهدئة على جبهة غزة بين حركات المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي نقطة تحول في الصراع، وأثار النقاش والأسئلة حول ما إذا كان هذا الاتفاق إنجازا للمقاومة أم يمثل تراجعاً من قبلها.
- ان المتابع لمجريات الصراع يلحظ أن اتفاق التهدئة يشكل تحولاً غير مسبوق في الصراع لعدة أسباب:
- السبب الأول: كونه أول اتفاق تهدئة تنتزعه المقاومة عبر سلاحها وصواريخها، وصمود الشعب الفلسطيني، وبعد معركة استنزاف قاسية حوصر خلالها قطاع غزة وكان خلالها العمق الصهيوني في جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 عرضة لقصف صواريخ المقاومة.
- السبب الثاني: لأول مرة توافق إسرائيل مكرهة، على اتفاق تهدئة متبادل، بعد أن عجزت عن القضاء على المقاومة، وفشلت في وقف حرب الاستنزاف التي تتعرض لها مستوطناتها في جنوب فلسطين المحتلة، وبعد أن درست كل الخيارات، من اجتياح غزة إلى مواصلة حرب الاستنزاف ووجدت أنها ليست في مصلحتها ولن توصلها إلى أي نتيجة.
- السبب الثالث: لأن الاتفاق جاء بعد سنة كاملة من الحصار الذي شارك فيه الاتحاد الأوروبي وأميركا وبعض الدول العربية وحتى السلطة الفلسطينية التي تقف حتى الآن وراء عرقلة فتح معبر رفح بصورة شاملة وبالتالي فان هذا الحصار لم يتم رفعه إلا بفعل المقاومة وقدرتها على خوض معركة عض أصابع.
- أن المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، اجبر إسرائيل في نهاية المطاف على التسليم بعجزها، على قهر إرادة الشعب الفلسطيني أو القضاء على مقاومته، ولذلك لم يكن أمامها سوى القبول باتفاق التهدئة الذي وللأسباب التي ذكرت آنفا، يشكل انتصاراً مهما للمقاومة، ويعطيها الفرصة كي تلتقط أنفاسها وتستعد للمرحلة القادمة من الصراع.
- ثالثاً: أن الأزمة الإسرائيلية في احد أوجهها، عجز القوة الإسرائيلية عن القضاء على المقاومة الفلسطينية من جهة، وفشل خطة الانطواء التي وضعها ارئيل شارون من جهة ثانية، حيث اضطرت حكومة اولمرت إلى وقف تنفيذها بعد أن فشلت هذه الخطة في غزة، وتمكن المقاومة من كسر الحصار واقتحام موقع عسكري إسرائيلي وأسر الجندي جلعاد شاليط الذي عجزت حكومة اولمرت عن إطلاق سراحه أو معرفة مكانه.ولذلك فان تفجر الأزمة داخل إسرائيل على خلفية هزيمة الجيش الإسرائيلي في عدوان يوليو في لبنان، والفشل في غزة، سوف يؤدي إلى انعكاسات إيجابية لصالح خيار المقاومة، وسلبية على مسار المفاوضات.
1 على صعيد المقاومة: سوف يكون لحالة الانقسام والتخبط داخل إسرائيل، وفقدان القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية، في ظل سيطرة مناخ العجز داخل المؤسسة العسكرية عن تحقيق أهدافها من خلال أي اجتياح أو عدوان، وعدم قدرة إسرائيل على تحمل حرب استنزاف، انعكاسات إيجابية في صالح المقاومة التي سوف تعمل خلال هذه المرحلة من اجل تعزيز قدراتها وبنيتها وتحصين الوضع الفلسطيني الداخلي بما يمكنه من المواجهة والصمود والانتصار في أي معركة مقبلة مع الاحتلال الصهيوني.
2 على صعيد المفاوضات:
يحصل ذلك في وقت تشهد فيه المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية طريقا مسدوداً منذ فترة، وهي، رغم استئنافها بضغط أمير كي، في واشنطن إلا أن الأمل في أن تفضي إلى نتيجة معدوم، لعدة أسباب :
السبب الأول: أن الشروط الإسرائيلية المطروحة لأي تسوية نهائية، لا تلبي الحد الأدنى من مطالب السلطة الفلسطينية، فكيف بمطالب الاجماع الوطني الفلسطيني، فالسلطة لا تستطع الموافقة على التسليم بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، ولا على تمرير الإلغاء التام لحق العودة، أو تكريس الاستيطان في الضفة الغربية وجدار الفصل العنصري.
السبب الثاني: أن إسرائيل غير قادرة اليوم على اتخاذ أي قرار يقضي بالتراجع عن ثوابت الإجماع الصهيوني بما خص التسوية النهائية، لان الحكومة الحالية برئاسة أولمرت باتت حكومة انتقالية وهي أضعف من أن تتخذ قراراً بهذا الشأن، أما البديل فانه سيكون على شاكلة اولمرت من حيث ضعف التأثير والفعل .
أما في حال أجريت انتخابات مبكرة في ربيع 2009 وفاز نتنياهو فان الأخير يطرح شعار السلام مقابل السلام.
السبب الثالث: أن السلطة الفلسطينية، التي هي نتاج اتفاق اوسلو وتعيش على أمل المفاوضات وحلم التسوية الزائفة، إذا ما أجبرت وأكرهت على الموافقة على اتفاق نهائي على أساس الشروط الإسرائيلية للحل، فانها لن تكون قادرة على تمريره فلسطينيا لأن موازين القوى المختلة لصالح حركات المقاومة لن تسمح لها بذلك فيما يتوقع أن تؤدي مثل هذه الموافقة إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة وسقوط السلطة.ومثل هذا الوضع في الحالتين حالة رضوخ السلطة لشروط الحل الإسرائيلي أو استمرار المفاوضات من اجل المفاوضات سيؤدي إلى ازدياد القناعة لدى أبناء الشعب الفلسطيني بان لا خيار أمامه سوى الانحياز إلى جانب المقاومة، مما يعني حصول اختلال حاد في موازين القوى لصالح قوى المقاومة وإضعاف السلطة الفلسطينية وعزلها شعبياً.
- على صعيد الحوار :
يبدو من الواضح أن الحوار الفلسطيني الفلسطيني المجمد بقرار أميركي - إسرائيلي، لن ينطلق وتكون له فرص للنجاح، إلا إذا أقلعت السلطة الفلسطينية عن مواصلة الرهان على المفاوضات، وظلت أسيرة الشروط الأميركية الإسرائيلية، لأن أي حوار يتطلب بالضرورة القبول بصيغة الإجماع الوطني التي تشكل ركيزته المقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية.وكان واضحاً أن الدعوة الأخيرة لرئيس السلطة محمود عباس إلى القبول باستئناف الحوار بدون شروط والتي لاقت تأييد القوى الفلسطينية وفي مقدمها حركة حماس، قد جرى تعطيلها سريعاً من قبل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي سارعت للاتصال ب عباس لهذه الغاية.ولذلك يبدو اليوم الحديث عن الحوار والسجال الحاصل بين الفينة الأخرى، من قبيل رفع العتب ومحاولة التهرب من المسؤولية عن الإقرار بالأسباب الفعلية التي تحول دون انطلاق الحوار وتحقيق مطلب الشعب الفلسطيني بالوحدة الوطنية.
عن صحيفة الوطن القطرية
17/9/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.