نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    أسيوط جاهزة لاستقبال ناخبى الدائرة الثالثة    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في السويس    مدبولى: تسهيلات لرجال الأعمال المحليين والأجانب    ترامب: سنعلن عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد أوائل 2026    "كاكست" تطلق برنامجًا لتسريع البحث إلى السوق لدعم اقتصاد المعرفة وتعزيز منظومة الابتكار الوطنية    فيديو | بوتين يستقبل ويتكوف وكوشنر في الكرملين لمناقشة مبادرة السلام الأمريكية    الجيش السوداني يوسّع نطاق سيطرته في جنوب كردفان وينفي شائعات عن سقوط بابنوسة    أمم أفريقيا تربك استعدادات أندية الدوري الاسباني    بابا الفاتيكان يطرح أفكاره بشأن المجمع الذي انتخبه ويتناول الروحانية ورحلاته المستقبلية    كييف تنفي سقوط بوكروفسك لدى قرب زيارة ويتكوف لموسكو    البنتاجون يعلن بدء عملية القضاء على تجار المخدرات    غدا.. 3 مباريات نارية    برشلونة يحسم مصير ليفاندوفسكي ويقرر رحيله بنهاية الموسم    تذاكر المترو ب«الفيزا»    «هنو» يطلق منصة «Cultural Café».. ويؤكد: القصر مفتوح لكل الزائرين    مكتبة اللاهون تنظم محاضرة توعوية حول أهمية الآثار والمتاحف لطلاب المدرسة الابتدائية    مجلس أمناء مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يعقد أولى اجتماعاته برئاسة مشيرة خطاب    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    الوطنية للانتخابات: فرز الأصوات في انتخابات النواب بالدوائر الملغاة يتم بمقار البعثات في الخارج    العثور على مسن ميتا في ظروف غامضة داخل منزله بقنا    أستاذ علوم سياسية: الرئيس السيسي أعطى درسًا شاملًا لكل أطراف العملية الانتخابية    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    وكيل وزارة الشباب بالدقهلية يلتقي كيان اتحاد طلاب تحيا مصر    مدرب العراق: أرغب في تحقيق بداية مثالية في بطولة كأس العرب    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    محافظ الأقصر: افتتاحات يومية لمشروعات في كل المجالات خلال ديسمبر    جامعة سوهاج تبدأ في استلام أجهزة الحضانات لمستشفى شفا الأطفال    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    ماجد الكدواني يواصل التحضير لمسلسل «سنة أولى طلاق»    كأس إيطاليا.. موعد مباراة يوفنتوس ضد أودينيزي والقناة الناقلة    قافلة «زاد العزة» ال 85 تدخل إلى غزة محملة بآلاف من السلال الغذائية    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    تشكيل هجومي للكويت أمام منتخب مصر    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    حبس عامل مدرسة بالإسكندرية 15 يومًا بتهمة الاعتداء على 4 أطفال في رياض الأطفال    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    نائب وزير الإسكان يجتمع مع وفد البنك الإفريقي لمتابعة تنفيذ مشروع الصرف الصحى بالأقصر    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنحي أولمرت يفجر الأزمة داخل إسرائيل / حسين عطوي
نشر في محيط يوم 17 - 09 - 2008


تنحي أولمرت يفجر الأزمة داخل إسرائيل
حسين عطوي
حفلت الساحتان الفلسطينية والإسرائيلية مؤخراً بالتطورات والأحداث، ذات الدلالات الهامة، التي ستكون لها انعكاسات على مجريات الصراع، إن كان على مستوى كل ساحة من جهة، أو على مستوى الصراع بين المقاومة، والاحتلال من جهة ثانية. على أن هذه التطورات طرحت الأسئلة حول المآل الذي ستسلكه والاحتمالات المتوقعة في ضوئه.
انفجار الأزمة السياسية الإسرائيلية على مصراعيها إثر إعلان رئيس الحكومة أيهود أولمرت تنحيه عن منصبه فور انتخاب حزب كاديما رئيسا جديداً له وتوقيت وآفاق الأزمة والاحتمالات المطروحة.
دلالات هذه الأزمة وانعكاساتها على مجريات الصراع العربي الصهيوني. إنجاز اتفاق للتهدئة على جبهة غزة بين حركات المقاومة وإسرائيل بواسطة مصر، والموقف من هذا الاتفاق ودلالاته.
استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن، وآفاق الحوار الفلسطيني الفلسطيني .
انعكاسات كل ذلك على مسار ومستقبل المقاومة.
أولاً: الأزمة الإسرائيلية:
وأخيراً استسلم ايهود أولمرت وسلم، بطريقة غير مباشرة بالهزيمة في حرب يوليو سنة 2006 وقرر أن يلحق بأسلافه ممن سبقوه إلى التنحي على خلفية الإخفاق والفشل في الحرب ( وزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس الأركان دان حالوتس) حيث أعلن اولمرت قراره بالاستقالة من منصبه فور اختيار كاديما رئيساً جديداً له.ومثل هذا القرار المتأخر سنتين عن موعده جاء ليعكس انتهاء مرحلة المناورات التي أطالت بعمر اولمرت وجعلته قادراً على الاحتفاظ بموقعه خلالها، وليؤشر إلى أن إسرائيل قد دخلت مرحلة انفجار الأزمة، المتشعبة والعميقة والنابعة من الفشل والهزيمة أمام المقاومة اللبنانية عام 2006، والعجز عن توليد قيادات تاريخية جديدة، والتخبط السياسي نتيجة مأزق الخيارات العسكرية والسياسية، وحالة التفتت والتندر السياسي والحزبي المعزز بتفاقم أزمة الحكم وصعوبات تشكيل حكومة جديدة.
- في توقيت الاستقالة:
1 يبدو من الواضح أن توقيت الاستقالة، جاء في لحظة شعر فيها أولمرت بان قدرته على الاستمرار في المناورة قد وصلت إلى طريق مسدود، وبالتالي عليه مواجهة ساعة الحقيقة.
فاولمرت تمكن وعلى مدى سنتين من تأجيل هذا الموعد بسبب « إدراكه، الدقيق لحقيقة بأن تمسك السياسيين الإسرائيليين بكراسيهم والامتناع عن إجراء انتخابات مبكرة كان أقوى من الانتقاد الجماهيري لسلطته»، فمعظم الأحزاب السياسية (ما عدا الليكود) ليس من مصلحتها إجراء انتخابات مبكرة لأنها تشعر بان قدرتها على تحقيق نتائج جيدة، أو الاحتفاظ بنفس النسبة من المقاعد في الكنيست ستكون ضعيفة، ولهذا هي تفضل عدم إجراء انتخابات، مع أنها في نفس الوقت كانت تدعو اولمرت إلى الاستقالة، لكنها لا تملك وسيلة للضغط عليه.أما اليوم وبعد أن باتت الأضواء مسلطة على اولمرت، بفعل إثارة فضائح الفساد في وجهه، فانه يحاول اليوم من خلال قراره تحويل الانتباه عنها وعن الأسباب الحقيقية لاستقالته غير أنه كما قال عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس الإسرائيلية (بالنسبة للكثير من الإسرائيليين فان إعلان رئيس الحكومة قد جاء متأخراً مدة سنتين، لأنه بعد أن تصبح تفاصيل التحقيق والفساد ضد أولمرت في بحر النسيان، وبعد المعارك القضائية، المتوقعة وبعد المحكمة، سوف يبقى ذكر حرب لبنان فقط، ويبقى جذر المسألة هو الأيام ال 34 البائسة التي قاد فيها أولمرت إسرائيل إلى الحرب، في أحد أسوأ مظاهر القيادة، حيث حصلت أزمة ثقة بينه وبين الجمهور، وفقد التأييد الشعبي نهائياً، بحيث لم يستجمع قواه إلى حين خطابه الأخير.
2 جاء قرار أولمرت بالتنحي في وقت دخلت فيه إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش مرحلة انعدام الوزن، والقدرة على الفعل مع اقتراب رحيلها مع بدء حملة انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة، ومن المعروف أن بوش كان قد تدخل أكثر من مرة لدعم أولمرت وتأجيل استقالته.
3 في أجواء مرور سنتين على الهزيمة الإسرائيلية في حرب يوليو، أمام المقاومة واستمرار تفاعلات وتداعيات هذه الهزيمة على الكيان الإسرائيلي والتي أسقطت قوته الردعية، ونظريته الأمنية والحروب الخاطفة، وبالتالي وضعت حداً لقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق الهدف المراد منها.
- آفاق واحتمالات الأزمة:
فور إعلان أولمرت قراره بالتنحي، انفجرت الأزمة وكشفت مدى عمقها على أكثر من مستوى.
- مستوى تأجيج الصراع على السلطة داخل حزب كاديما الذي يتنافس على زعامته أربعة من قادته طمعاً في الوصول إلى احتلال منصب رئاسة الحكومة.
- احتدام الصراع على الزعامة في الكيان الإسرائيلي في وقت يتكشف فيه أن البدائل المطروحة لأولمرت لن تكون على شاكلة القيادات التاريخية البائدة من أمثال شارون أو اسحق شامير، واسحق رابين بل على شاكلته مثل وزيرة الخارجية تسيبى ليفني ووزير النقل شاؤول موفاز، بينما تشير استطلاعات إلى انه إذا أجريت انتخابات مبكرة سوف يفوز بنيامين نتنياهو الذي جرب سابقاً في رئاسة الحكومة وفشل.
- وهذا يشير إلى أن إسرائيل باتت تفتقد إلى الزعامات والقيادات القوية، وأن البدائل المطروحة لقيادتها اضعف من أن تقود إسرائيل إلى الحرب أو السلام، الأمر الذي يجعلها تدخل مرحلة من التخبط والضبابية التي تتميز بها الأزمة.
- ظهور مأزق جديد يتمثل في صعوبة تشكيل حكومة ائتلافية من قبل الرئيس الجديد لحزب كاديما الأمر الذي يعكس حالة الانقسام والتندر الحزبي والسياسي الذي يميز الكنيست الإسرائيلي.
- وفي ضوء ما تقدم تبدو الأزمة مفتوحة على عدة احتمالات:
- الاحتمال الأول: فوز شاؤول موفاز في انتخابات حزب كاديما، وتمكنه من تأليف حكومة وحدة واسعة تضم جميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحالي، ويراهن موفاز على استمالة حزب شاس وبقية أحزاب اليمين وخصوصا « إسرائيل بيتنا برئاسة أفيغدور ليبرمان».
- الاحتمال الثاني: أن تفوز، ليفني برئاسة كاديما والتي تعطيها استطلاعات الرأي حظاً أكبر من موفاز غير أن إعلانها نيتها تأليف حكومة وحدة وطنية بمشاركة حزبي الليكود والعمل، في ظل استبعاد قبول شاس والأحزاب اليمينية الانضمام إلى أي ائتلاف ترأسه، سرعان ما ووجه برفض من الليكود، الأمر الذي يجعل فرص نجاح ليفني في تشكيل الحكومة ضعيفة.
- الاحتمال الثالث: الدخول في أزمة تشكيل الحكومة وانتهاء المهلة الدستورية، وبالتالي حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة يتوقع أن تحصل في مارس 2009، ومثل هذا الاحتمال يحبذه نتنياهو، ويدعو إليه النائب الأول لأولمرت في رئاسة الوزراء حاييم رامون الذي قال إنه لا يعتقد « بوجود فرص كثيرة لتأليف حكومة بقيادة كاديما لأن الأجواء السياسية دخلت منطقة من الاضطرابات حيث من الصعب جداً عودة الهدوء إليها..
- الاحتمال الرابع: في ظل العجز عن تأليف حكومة، والذهاب إلى خيار حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة فان اولمرت سيبقى رئيساً لحكومة انتقالية تحوز كامل صلاحيات الحكومة الطبيعية الأمر الذي يجعل اولمرت يتمتع بهامش كبير من المناورة ، وهذا ما دفع العديد من المراقبين والمحللين إلى القول بان هذا الاحتمال كان من ضمن حسابات أولمرت عندما قرر التنحي، ويستدل على ذلك إنه ركز في خطاب الاستقالة، عزمه على مواصلة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ما دام رئيساً للحكومة.
- أن هذه الأزمة التي تدفع إسرائيل نحو إجراء انتخابات نيابية، سوف تفتح الباب واسعاً أمام عودة الليكود إلى الحكم حيث تشير استطلاعات الرأي على تقدمه بفارق كبير على بقية منافسيه من الأحزاب الأخرى، وأن نتنياهو يأتي في مقدمة المرشحين للفوز برئاسة الحكومة، يليه ليفني وباراك.غير أنه من الواضح أن الانتخابات القادمة إذا ما حصلت في مارس 2009، فسوف تؤدي إلى زيادة حالة الانقسام والتندر الحزبي والسياسي، مما يعني أن الحكومة التي ستشكل ستكون ولادتها صعبة إلى جانب كونها حافلة بالتناقضات والتباينات التي تجعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، فيما أي رئيس حكومة سيأتي لن يكون أفضل من اولمرت، لأن عصر إنتاج الزعامات التاريخية القوية في إسرائيل قد ولى، وهذا ما يفاقم الأزمة ويجعلها أكثر عمقاً وحدة، خصوصاً وأنها تتزامن مع ازدياد مأزق وعجز القوة الإسرائيلية بعد الهزيمة في حرب يوليو وتنامي خط المقاومة والممانعة في كل المنطقة.
- ثانياً: التهدئة في غزة:
شكل اتفاق التهدئة على جبهة غزة بين حركات المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي نقطة تحول في الصراع، وأثار النقاش والأسئلة حول ما إذا كان هذا الاتفاق إنجازا للمقاومة أم يمثل تراجعاً من قبلها.
- ان المتابع لمجريات الصراع يلحظ أن اتفاق التهدئة يشكل تحولاً غير مسبوق في الصراع لعدة أسباب:
- السبب الأول: كونه أول اتفاق تهدئة تنتزعه المقاومة عبر سلاحها وصواريخها، وصمود الشعب الفلسطيني، وبعد معركة استنزاف قاسية حوصر خلالها قطاع غزة وكان خلالها العمق الصهيوني في جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 عرضة لقصف صواريخ المقاومة.
- السبب الثاني: لأول مرة توافق إسرائيل مكرهة، على اتفاق تهدئة متبادل، بعد أن عجزت عن القضاء على المقاومة، وفشلت في وقف حرب الاستنزاف التي تتعرض لها مستوطناتها في جنوب فلسطين المحتلة، وبعد أن درست كل الخيارات، من اجتياح غزة إلى مواصلة حرب الاستنزاف ووجدت أنها ليست في مصلحتها ولن توصلها إلى أي نتيجة.
- السبب الثالث: لأن الاتفاق جاء بعد سنة كاملة من الحصار الذي شارك فيه الاتحاد الأوروبي وأميركا وبعض الدول العربية وحتى السلطة الفلسطينية التي تقف حتى الآن وراء عرقلة فتح معبر رفح بصورة شاملة وبالتالي فان هذا الحصار لم يتم رفعه إلا بفعل المقاومة وقدرتها على خوض معركة عض أصابع.
- أن المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، اجبر إسرائيل في نهاية المطاف على التسليم بعجزها، على قهر إرادة الشعب الفلسطيني أو القضاء على مقاومته، ولذلك لم يكن أمامها سوى القبول باتفاق التهدئة الذي وللأسباب التي ذكرت آنفا، يشكل انتصاراً مهما للمقاومة، ويعطيها الفرصة كي تلتقط أنفاسها وتستعد للمرحلة القادمة من الصراع.
- ثالثاً: أن الأزمة الإسرائيلية في احد أوجهها، عجز القوة الإسرائيلية عن القضاء على المقاومة الفلسطينية من جهة، وفشل خطة الانطواء التي وضعها ارئيل شارون من جهة ثانية، حيث اضطرت حكومة اولمرت إلى وقف تنفيذها بعد أن فشلت هذه الخطة في غزة، وتمكن المقاومة من كسر الحصار واقتحام موقع عسكري إسرائيلي وأسر الجندي جلعاد شاليط الذي عجزت حكومة اولمرت عن إطلاق سراحه أو معرفة مكانه.ولذلك فان تفجر الأزمة داخل إسرائيل على خلفية هزيمة الجيش الإسرائيلي في عدوان يوليو في لبنان، والفشل في غزة، سوف يؤدي إلى انعكاسات إيجابية لصالح خيار المقاومة، وسلبية على مسار المفاوضات.
1 على صعيد المقاومة: سوف يكون لحالة الانقسام والتخبط داخل إسرائيل، وفقدان القدرة على اتخاذ قرارات مصيرية، في ظل سيطرة مناخ العجز داخل المؤسسة العسكرية عن تحقيق أهدافها من خلال أي اجتياح أو عدوان، وعدم قدرة إسرائيل على تحمل حرب استنزاف، انعكاسات إيجابية في صالح المقاومة التي سوف تعمل خلال هذه المرحلة من اجل تعزيز قدراتها وبنيتها وتحصين الوضع الفلسطيني الداخلي بما يمكنه من المواجهة والصمود والانتصار في أي معركة مقبلة مع الاحتلال الصهيوني.
2 على صعيد المفاوضات:
يحصل ذلك في وقت تشهد فيه المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية طريقا مسدوداً منذ فترة، وهي، رغم استئنافها بضغط أمير كي، في واشنطن إلا أن الأمل في أن تفضي إلى نتيجة معدوم، لعدة أسباب :
السبب الأول: أن الشروط الإسرائيلية المطروحة لأي تسوية نهائية، لا تلبي الحد الأدنى من مطالب السلطة الفلسطينية، فكيف بمطالب الاجماع الوطني الفلسطيني، فالسلطة لا تستطع الموافقة على التسليم بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، ولا على تمرير الإلغاء التام لحق العودة، أو تكريس الاستيطان في الضفة الغربية وجدار الفصل العنصري.
السبب الثاني: أن إسرائيل غير قادرة اليوم على اتخاذ أي قرار يقضي بالتراجع عن ثوابت الإجماع الصهيوني بما خص التسوية النهائية، لان الحكومة الحالية برئاسة أولمرت باتت حكومة انتقالية وهي أضعف من أن تتخذ قراراً بهذا الشأن، أما البديل فانه سيكون على شاكلة اولمرت من حيث ضعف التأثير والفعل .
أما في حال أجريت انتخابات مبكرة في ربيع 2009 وفاز نتنياهو فان الأخير يطرح شعار السلام مقابل السلام.
السبب الثالث: أن السلطة الفلسطينية، التي هي نتاج اتفاق اوسلو وتعيش على أمل المفاوضات وحلم التسوية الزائفة، إذا ما أجبرت وأكرهت على الموافقة على اتفاق نهائي على أساس الشروط الإسرائيلية للحل، فانها لن تكون قادرة على تمريره فلسطينيا لأن موازين القوى المختلة لصالح حركات المقاومة لن تسمح لها بذلك فيما يتوقع أن تؤدي مثل هذه الموافقة إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة وسقوط السلطة.ومثل هذا الوضع في الحالتين حالة رضوخ السلطة لشروط الحل الإسرائيلي أو استمرار المفاوضات من اجل المفاوضات سيؤدي إلى ازدياد القناعة لدى أبناء الشعب الفلسطيني بان لا خيار أمامه سوى الانحياز إلى جانب المقاومة، مما يعني حصول اختلال حاد في موازين القوى لصالح قوى المقاومة وإضعاف السلطة الفلسطينية وعزلها شعبياً.
- على صعيد الحوار :
يبدو من الواضح أن الحوار الفلسطيني الفلسطيني المجمد بقرار أميركي - إسرائيلي، لن ينطلق وتكون له فرص للنجاح، إلا إذا أقلعت السلطة الفلسطينية عن مواصلة الرهان على المفاوضات، وظلت أسيرة الشروط الأميركية الإسرائيلية، لأن أي حوار يتطلب بالضرورة القبول بصيغة الإجماع الوطني التي تشكل ركيزته المقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية.وكان واضحاً أن الدعوة الأخيرة لرئيس السلطة محمود عباس إلى القبول باستئناف الحوار بدون شروط والتي لاقت تأييد القوى الفلسطينية وفي مقدمها حركة حماس، قد جرى تعطيلها سريعاً من قبل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي سارعت للاتصال ب عباس لهذه الغاية.ولذلك يبدو اليوم الحديث عن الحوار والسجال الحاصل بين الفينة الأخرى، من قبيل رفع العتب ومحاولة التهرب من المسؤولية عن الإقرار بالأسباب الفعلية التي تحول دون انطلاق الحوار وتحقيق مطلب الشعب الفلسطيني بالوحدة الوطنية.
عن صحيفة الوطن القطرية
17/9/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.