انقلاب الصورة الاميركية وليد الزبيدي لفت انتباهي رسم كاريكاتيري نشرته احدى الصحف العربية ، وعاد هذا الرسم بذاكرتي الى الأيام الاولى للحرب الاميركية على العراق ، وتذكرت احدى اللقطات التلفازية، التي اختارتها احدى الفضائيات ، واصبحت لازمة في جميع الفواصل التي رافقت التغطيات الاخبارية المتواصلة للحرب الاميركية على العراق. يظهر في الرسم الكاريكاتيري حمار بائس متعب يجر عربة صغيرة متهالكة بعجلة واحدة ، ويجلس الرئيس الاميركي داخل العربة البدائية العتيقة ، التي تسحب خلفها دبابة اميركية عملاقة حديثة مجهزة بجميع انواع المدافع والاتصالات المتطورة والاسلحة الاخرى ، وكتبت على جانب الحمار عبارة تقول(استراتيجية بوش في العراق) ، ويبدو الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش في حالة من العصبية العالية ، وهو يوجه سوطه بقوة الى الحمار المسكين ، الذي يتعرض للجلد ليسرع بسحب الرئيس الذي يجلس في تلك العربة البالية ، وتسير خلفه الدبابة الاميركية المتطورة التي يبدو أنها بدون طاقم ، والتفسير هنا، اما ان افرادها قد قتلوا او فروا من ساحة الحرب ، وربما سقطوا اسرى في اخر المطاف في واحدة من المعارك،التي يخشى الأميركيون وقوعها في القواعد الاميركية ويسقط ضباطهم وجنودهم بين اسرى أو قتلى على ايدي رجال المقاومة في العراق . اما اذا كان القصد ، عدم وجود وقود لتسيير هذه الدبابة العملاقة واضطرار الاميركيين اللجوء الى الحمار المتعب لإخراجها من ساحة الحرب والجحيم في العراق ، فإن الصورة تكتمل من زاويتها الأخرى، حيث يفقد الأميركيون كل شئ ، ولم يعد باستطاعتهم فعل أي شئ لمساعدة قواتهم حتى على الهروب من العراق. اما الصورة المغايرة تماما ، التي ذكرني بها هذا الرسم الكاريكاتيري، فكانت تصور الإمكانات العراقية البدائية إزاء ما تملكه الإدارة الأميركية من قوة هائلة استخدمتها في غزو العراق ، وتظهر لقطة تلفازية مواطن عراقي يقود عجلة هوائية بدائية بسيطة ويسير في الطريق متجها إلى المجهول ، وتمر فوقه طائرة اميركية مقاتلة حديثة جدا ، وبينما يجهد العراقي نفسه لقطع عدة امتار على عجلته البدائية ، تحلق الطائرة الاميركية بعيدا صوب اهداف الغزو التي جاءوا لتحقيقها . ان المقارنة بين تلك الصورة، والكاريكاتير الذي يظهر الحمار المتعب والقيادة الاميركية واستخدامها للسوط لإرغام الحمار على الاسراع بالخروج ، وتلك الدبابة المتطورة وكيف يسحبها الحمار، يكشف عن تفاصيل هائلة وكبيرة عن الحال الذي وصل إليه المحتلون الأميركيون في العراق ، وعن الإرادة العراقية المقاومة، التي تمكنت من قلب الصورة وافشال مشروع الغزو بكل ما يملك من امكانات عسكرية وتقنية واقتصادية واعلامية. احدثت كل هذا الانقلاب الكبير في كل شيء خلال اربع سنوات من المواجهة اليومية ضد قوات الاحتلال الاميركي الغزي. عن صحيفة الوطن العمانيه 29/9/2007