حسنا فعل الرئيس محمود عباس، اولا بتعليقه كافة المفاوضات والاتصالات مع العدو الصهيوني، طلما العدوان مستمراً على غزة، وجيدا رفضه لطلب رايس باستئناف تلك المفاوضات ما لم تزل الاسباب التي دعت الى وقفها. وتاكيده بأن المفاوضات هي خيار استراتيجي.
لم يكتف الرئيس باللقاء مع رايس،التي قالت ان التهدئة وقف اطلاق النار ليس شرطاً لاستئناف المفاوضات، بل ذهب ليكشف ان الازمة مع الاسرائيليين هي عميقة جداً، ولا امكانية لحلها ثنائيا، وايضا ان تدخل بعض الاطراف الاقليمية، المصادرة للموقف الفلسطيني عبر حركة حماس لها تأثيراه، ولا يمكن التقدم دون تدخل امريكي مباشر، ونقلة نوعية في الدور الاوروبي المهمش الى دور محوري في عملية السلام. البارز، ان اجتماع وزراء الخارجية العرب، تقدم ايضا خطوة الى الامام، بالتهديد بسحب المبادرة العربية، اذا بقي هذا العرض من طرف واحد، دون استجابة الطرف الاسرائيلي لها الى جانب القرارات الشرعية ذات الصلة. وهذا الموقف يبنى عليه، وكان من الافضل ان يحدد سقفاً زمنيا للرد الصهيوني قبل انعقاد القمة التي ستتخذ القرار.
وجيدا، ان الرئيس التف حول آلية وشروط الحوار الفلسطيني، مغلبا المصلحة العامة على الخاصة، ونقل الحوار مع حماس عبر المصريين، مع العلم ان الرئيس كان قد عرض تهدئة متبادلة على كل الاراضي الفلسطينية، ولكن امراء غزة لم يتجاوبوا معه، وبما ان الرئيس يريد اكل العنب لا مقاتلة الناطور، ولثقته بالدور المصري، فأنه افسح في المجال لتقوم مصر بدور الوسيط عبر مبادرة النقاط الخمس التي سيناقشها عمر سليمان مع حماس والاسرائيليين، الطرفان اللذان تسببا بالعدوان المحرقة، لا نساوي هنا بين انقلابي واحتلالي، انما نحاكم نتائج دفع الشعب ثمنها.
ماذا لو لم يتقدم الرئيس بهذه الخطوات؟. واي مستوى سترتقي لها الهجمة الاعلامية التي تقودها حماس، بتغطية عجزها وافلاسها عبر تخوين الاخرين، ماذا بعد؟. آلم يخجل الانقلابيون من الدور الذي يقوم به الرئيس من موقع مسؤوليته بحماية الدم الفلسطيني في قطاع غزة الذي هو جزء من الوطن الفلسطيني، ألا يعترفون ان الرئيس هو رئيس للكل الفلسطيني وليس لفريق اخر، ام سيبقى فرض وقائع الانقلاب واستمرار الانقسام السياسي والانفصال كمقدمة لاعلان امارة حماستان.
اذا نجحت الجهود المصرية وتم التوصل الى التهدئة، اليس هذا حوارا بين حماس واسرائيل بطريقة غير مباشرة وملتوية، وأليس ذلك تراجعاً عن برنامج المقاومة واستراتيجيتها الطويلة الامد، ولماذا نتراجع امام الاسرايئليين ونخضع لشروطهم، ونرفض اسس الحوار مع الشرعية الفلسطينية، كل هذا الدم المهدور، وكل هذا التفريط والتقسيم، وكل هذا الاستغلال لشعر المقاومة. ألا يحق لنا، ان نسال الحمساويين ماذا بعد؟.