أولمرت..إقالة وليست استقالة! د. فايز رشيد واخيرا سقط رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت وانزياحه عن منصبه السياسي ، الذي تشبث به كثيرا، هو إقالة اكثر منها استقالة، واثبتت الاحداث انه قابل للتدمير والعزل، وهو الذي كان قد وصف نفسه (بغير القابل للتدمير)!. تأتي استقالة اولمرت في سبتمبر القادم، وعدم دخوله للانتخابات على رئاسة حزب كاديما تنفيذا لاتفاق مع حزب العمل، وشريكه الاساسي في الائتلاف، جرى توقيعه في يونيو الماضي بعد إثارة فضيحة جديدة له في سلسلة فضائحه الكثيرة، وبعد ان هدد حزب العمل، بالتصويت على حل الكنيست الامر الذي حدا باولمرت للحفاظ على ماء وجهه من خلال الاستقالة الطوعية وعدم الترشيح لقيادة حزبه في الانتخابات التي ستجري في بداية سبتمبر القادم. سقوط اولمرت هو احد الاسباب البعيدة ايضا لاخفاق اسرائيل في حربها العدوانية على لبنان في عام 2006، وبعد ان حمله تقرير فينوغراد مسؤولية غير مباشرة في التسرع في اتخاذ قرار الحرب وعدم الاستعداد جيدا لخوضها، وليس فقط بفعل فضائحه المالية الكثيرة، التي كانت سببا مباشرا في ازدياد الضغوط الداخلية عليه، حتى في صفوف حزبه من اجل مغادرة موقعه السياسي بعد ان ازكمت رائحة فضائحه انوف الاسرائيليين وفقا لأحد المعلقين السياسيين الاسرائيليين وبعد ان وصلت شعبيته الى الحضيض والى ادنى مستوى يصل اليه أي رئيس وزراء اسرائيلي سابق. ردود الفعل جاءت سريعة من واشنطن والتي قال المتحدث باسم خارجيتها، بان الولاياتالمتحدة ستعمل بالجدية اللازمة مع اي رئيس وزراء اسرائيلي قادم، وبخاصة على صعيد التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين، ومن المعروف ان العاصمة الاميركية ستستضيف مباحثات (سلام) قريبة قادمة بين الجانبين بإشراف وزيرة الخارجية كوندواليزا رايس. رام الله ايضا لم تتأخر في التعليق على الاستقالة، واعتبر المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، انها شأن داخلي اسرائيلي. كثيرون من المراقبين السياسيين يعتبرون ان استقالة اولمرت ستسبب نكسة للتسوية مع الفلسطينيين وستؤثر سلبا على المباحثات غير المباشرة التي تجريها اسرائيل مع سوريا في أنقرة وبوساطة تركية ولهؤلاء نقول: أين هو التقدم الذي تحقق على صعيد التسوية منذ يناير عام 2006 (وقت تسلم اولمرت لمنصبه بعد مرض شارون) وحتى الآن؟ فما يزيد على اثنتي عشرة جلسة من المفاوضات بين اولمرت وعباس، وما يزيد على العشرين لقاء بين قريع وليفني، عدا عن الزيارات المكوكية الكثيرة التي قامت بها رايس الى الجانبين، لم تحقق أي تقدم على صعيد التسوية نتيجة للتعنت الاسرائيلي الرافض مطلقا للحقوق الوطنية الفلسطينية، بما يعني انه وحتى لو قدر لأولمرت بان يبقى في منصبه لسنوات اخرى طويلة، فبالمعنى الفعلي والواقعي، لن يتم احراز اي تقدم يذكر بسبب اللاءات الاسرائيلية، فالقدس ستبقى العاصمة الأبدية والموحدة لاسرائيل، ولا انسحاب من المناطق التي جرى احتلالها في عام 67، والمستوطنات في الضفة الغربية سيتم ضمها لاسرائيل، ولا لحق عودة الفلسطينيين، ولا لدولة فلسطينية ذات سيادة (مثل باقي الدول)، بالتالي فأين هو تأثير استقالة اولمرت على ما يسمى بمباحثات (السلام)؟ المراقبون ابتدأوا التكهن حول خلافة اولمرت، لكن غالبيتهم تجمع على احتمال ان تتولى رئاسة الحكومة وزعامة حزب كاديما، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ابنة الصهيوني اليميني البارز، والتي خدمت في صفوف المخابرات لسنوات طويلة، لكن الصراع على زعامة الحزب (وبالتالي على منصب رئاسة الوزراء) لن يكون سهلا، وبخاصة مع المرشح الثاني شاؤول موفاز، وزير النقل وقائد الجيش السابق ووزير الدفاع الاسبق والأخير له مؤيدوه الكثيرون في أوساط كاديما. كافة استطلاعات الرأي تشير الى ان بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، هو الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس الوزراء فيما لو أجريت انتخابات للكنيست في هذه المرحلة. وهذا الاحتمال قائم ايضا في حالة اي إخلال بشروط الاتفاق المبرم بين كاديما والعمل او مع الاحزاب الصغيرة الاخرى الداخلة في الائتلاف الحكومي، والاحتمال وارد ايضا في حالة حدوث تغييرات او مفاجآت دراماتيكية غير متوقعة في انتخابات زعامة حزب كاديما، الامر الذي يبقي على كافة الاحتمالات، بان تكون مفتوحة. يبقى القول، ان ايهود اولمرت قد سقط اخيرا. عن صحيفة الوطن العمانية 3/8/2008