باكستان.. هل انتهى وقت مشرف؟ عطاء الله مهاجراني التقى الجنرال برويز مشرف وزعيمة حزب الشعب الباكستاني بي نظير بوتو في ابوظبي. في البداية حدث نوع من الانكار أو التأكيد بخصوص عقد هذا اللقاء، وفي النهاية اعترفت بوتو في مقابلة صحافية بالاجتماع السري الذي عقد مع مشرف. ويبدو انهما في حاجة الى بعضهما البعض، فمشرف يواجه مشكلتين رئيسيتين، فهو في حاجة الى مساعدة بوتو في تحقيق هدفيه، كما انها في حاجة اليه في قضيتين رئيسيتين. ما هي تلك المشاكل والقضايا الهامة والمعقدة التي تربط بينهما؟ اعتقد ان السبب الرئيسي للاجتماع السري هو الموقف الحالي في باكستان. الجنرال مشرف يريد الاستمرار في منصبه كرئيس بدلا من منصب رئيس اركان الجيش الباكستاني، وهو يميل عادة الى الاصرار على هذا الموقف بالقول ان ملابسه العسكرية هي مثل طبقة ثانية من الجلد، ولهذا السبب واجه بعض المشاكل، على سبيل المثال، ازمة افتخار محمد تشودري التي حدثت بسبب هذه الاهداف. وأزمة تشودري بدأت لأنه انتقد قرار مشرف الاستمرار في عمله كرئيس للبلاد ورئيس للاركان، عندما اقتبس تشودري من هوبس الذي ذكر ان السلطة المطلقة هي سبب الفساد المطلق. وبعد قرار مشرف بطرد افتخار محمد تشودري وقع نزاع حاد بين مشرف والمحامين الباكستانيين، وفي النهاية تجاهل القضاء قرار مشرف وأعاد تنصيب افتخار محمد تشودري رئيسا للمحكمة العليا الباكستانية. وقال مشرف انه سيحترم القرار. وبعد اسبوع واحد بالضبط من اعادة رئيس المحكمة العليا الى منصبه، جرت مظاهرة كبيرة ضد مشرف في المسجد الاحمر في اسلام اباد يوم الجمعة 27 يوليو الماضي، وفي نفس اليوم الذي غادر فيه مشرف اسلام اباد الى ابوظبي للقاء مع بي نظير، قتل 14 شخصا في انفجار في اسلام اباد، وقبل مغادرته اسلام اباد وقعت موجة من العنف عبر باكستان فيما يعتقد انه انتقام لاقتحام الجيش للمسجد الاحمر. وقال مشرف: «سأناقش مجموعة من المواضيع، بما في ذلك التطرف الاسلامي والإرهاب، وبلا ادنى شك فإن الانجاز الاساسي للزيارة التي استغرقت يومين هو لقاء بي نظير بوتو». والآن فإن السؤال الرئيسي الذي يتبادر الى الذهن هنا هو ما هي نتائج اللقاء؟ لقد ذكرت بي نظير بوتو انه لم يتم التوصل الى اي اتفاق مع الجنرال مشرف حول استمرار ارتداء الزي العسكري، كما ان لديه بعض الخطط لإعادة انتخابه رئيسا للبلاد. وقالت بي نظير انها لن تقبل استمرار مشرف قائدا للجيش، وأوضحت «لا نقبل الرئيس مشرف في الزي العسكري»، وهذا يعني انها تقبل مشرف كرئيس ولكنها تريد منه التخلي عن جلده الثاني. والنقطة الثانية هي اعتقاد بي نظير بأن أية محاولة من جانب مشرف لإعادة انتخابه من المجالس الحالية هي غير دستورية. ما هي مطالب بي نظير؟ اعتمادا على هذه القاعدة الذهبية في السياسة، فإن بوتو تواجه مشكلتين، اولا قضايا الفساد ضدها وضد زوجها المنظورة امام المحاكم. والمشكلة الثانية انها تريد ان تصبح رئيسة وزراء للمرة الثالثة. ويبدو ان مشرف وبي نظير قد اقتربا من بعضهما البعض بسبب وضعهما الحالي، فكل منهما في حاجة الى اصلاح وقانون دستوري والأغلبية في البرلمان. وكل من السياسيين يفكر بالآخر، فمشرف يريد الاستمرار في منصبه، ووضعه كقائد للجيش، وفي الناحية الاخرى تريد بي نظير ان تصبح رئيسة وزراء للمرة الثالثة. من الذي يجيب علي هذا السؤال: من يفكر في باكستان؟ باكستان تمر بنقطة تحول تاريخية، وإذا ما كان مشرف وبي نظير يفكران في مصالحهما السياسية اكثر من المصالح الوطنية ومصالح باكستان، فأعتقد ان باكستان، كدولة، ستواجه وقتا صعبا. قال احسان عباس ان مشرف مثل السفينة الغارقة، وان هؤلاء الذين يحاولون الصعود الى السفينة سيغرقون معه. وبالإضافة الى احسان عباس، وفي العدد الاخير من «Foreign Affairs» عدد يوليو/اغسطس 2007، هناك مقالة معمقة كتبها دانييل ماركي تحت عنوان الاختيارات الزائفة في باكستان. وقال ماركي في مقالته بكل صراحة ان مشرف لا يمكنه حل مشاكل باكستان «اميركا تزداد احباطا ازاء التقدم البطيء في باكستان، وقد بدأ العديد من اعضاء الكونغرس والمراقبين للوضع في باكستان، في التعبير عن شكوك اساسية في الشراكة الاميركية مع باكستان.. وقالوا ان على واشنطن قطع علاقاتها مع مشرف والضغط من اجل الانتقال لحكومة ديمقراطية مدنية»، ويعني ذلك ان الولاياتالمتحدة تعتقد ان وقت مشرف انتهى. عن صحيفة الشرق الاوسط 5/8/2007