موروني: أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" أن الاحتفاء بعواصم الثقافة الإسلامية يشكل منطلقاً رحباً يُفضي إلى إبراز مدى تجذر الإسلام في المدينة المحتفى بها، والتعريف بتاريخها وتعدد إنتاجاتها الفكرية والثقافية والفنية. وقال إن هذا الاحتفاء يمكّن سكانَ العواصم الثقافية، من إبراز مدى التزامهم بقيم الحضارة الإنسانية وتشبثهم بهويتهم الثقافية. ووصف هذا الاحتفال بأنه مناسبة لتأكيد أهمية الربط بين عالمية القيم وتنوع الثقافات. جاء ذلك في كلمة وجهها إلى الحفل الرسمي الذي أقيم اليوم في موروني عاصمة جمهورية القمر الاتحادية، وترأسه الدكتور كمال الدين أفريطان، وزير التربية الوطنية والبحث والثقافة والفنون الناطق الرسمي باسم الحكومة، وذلك بمناسبة انطلاق احتفالية موروني عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010 عن المنطقة الأفريقية، وأشار فيها إلى أنه خلال هذه السنة الاحتفاء بموروني إلى جانب تريم في الجمهورية اليمنية، ودوشنبه في جمهورية تاجيكستان، عواصم للثقافة الإسلامية، وهي مناسبة للاحتفاء بحضارة إسلامية حية ومتفاعلة ومؤمنة برسالتها السمحة منذ حوالي خمسة عشر قرناً ومنفتحة على حضارات العالم وثقافاته. وذكر أن المسلمين تركوا، وعلى مدى هذه القرون، بصمات واضحة في مختلف حقول المعرفة، من قبيل ابتكار علم الجبر واكتشاف الدورة الدموية الصغرى والتميّز في علوم الفلك والهندسة والكيمياء والبصريات والطب والزراعة والارتقاء بفن الخط إلى مستويات فنية راقية. وقال إنه بفضل هذه المعارف أبدع المسلمون تحفاً معمارية مبهرة وأعمالاً فنية وأدبية خالدة، كما يشهد على ذلك غنى التراث الثقافي لجمهورية القمر المتحدة وتنوعه. وأوضح المدير العام للإيسيسكو في كلمته التي قرأها بالنيابة السيد نجيب الغياتي، مدير الثقافة والاتصال، أن مما يزيد من عظمة هذا التراث الذي خلفته الحضارة الإسلامية، أن المسلمين يتقاسمونه مع شعوب العالم كلها باعتباره إرثاً إنسانياً مشتركاً. وذكر أن الاحتفاء بالتراث الثقافي لموروني يقتضي أيضاً، الاحتفاء بتراث جزر القمر كلها، وهي التي حافظت على هذا التراث وأغنته حتى إبان الفترة الاستعمارية، مشيراً إلى أن الأعمال والمعالم الثقافية والفنية تتمركز في العاصمة موروني وهي ممتدة إلى التقاليد الموروثة عن فترة دخول الإسلام في القرن الحادي عشر للميلاد. وقال إن الإسلام يغذي الحضارة في جزر القمر منذ الفتح الإسلامي مع الاحتفاظ على التنوع الثقافي القائم بين المجتمعات المحلية وبين مختلف الجزر، وإن من أهم الأعمال الثقافية التي تعد شاهداً على مدى تجذر الإسلام في جزر القمر، المعالم المعمارية كالمساجد والقصور والقلاع، فضلاً عن الأزياء والمخطوطات التي تشمل مختلف حقول العلم والمعرفة والثقافة. وأشار إلى أن الاحتفال المقام اليوم يندرج في إطار المهام المناطة بالإيسيسكو المتمثلة أساساً في مد إشعاع الثقافة الإسلامية والتفاعل مع ثقافات العالم. وقال بهذا الخصوص : «إذا كان إسهام المسلمين في التراث الثقافي للإنسانية إسهاماً فريداً، فإن هذه الفرادة لا تلغي اقتناع المسلمين وإيمانهم بأهمية الإسهام في حوار الحضارات، وهو حوار بمثابة أداة لنقل ثقافة الشعوب والأفراد إلى الآخرين». وأوضح أن الثقافة مَثلها مَثل الأخلاق، شرط لا محيد عنه لتناغم شعوب العالم ولانسجام الفرد مع مجتمعه. وتتجسد هذه الوظيفة المهمة التي تضطلع بها الثقافة تتمثل في إبداعات تعبر عن شخصية الأفراد والشعوب. وأشار إلى أن الاحتفاء بعواصم الثقافة الإسلامية، يعد مناسبة للتعريف بالإنتاج الفكري والثقافي لهذه المدن، وأن الإيسيسكو تحرص على مواكبة هذا الاحتفاء ودعمه من خلال برمجة مجموعة من الأنشطة والعمل على تنفيذها بالتعاون مع الدولة المعنية.