صدر مؤخرا كتاب "الاحتلال الأميركي وانهيار الدولة العراقية" للباحث العراقي الدكتور لطفي حاتم. يضم الكتاب ثلاثة فصول، الأول تناول فيه تأثيرات الاحتلال وأزمة العراق الوطنية، مشيراً في البداية إلى السمات الأساسية للتشكيلة الاجتماعية للدولة العراقية قبل الاحتلال، حيث يرى الباحث ان القاعدة الاجتماعية للدكتاتورية المتمثلة بالبيروقراطية الطفيلية، الفئات التجارية ومالكي الأرض، لم تستطع الصمود بعد الغزو بسبب عدم تحولها إلى قوة اجتماعية مهيمنة، الأمر الذي أدى إلى نشوء الفراغ الامني وما نتج عنه من تدمير بقايا الدولة عبر عمليات السلب والنهب والتدمير، وسرعة انهيار أجهزة الدولة وخاصة المؤسسة الدفاعية والأمنية. ووفقا لما جاء بوكالات يتناول الكاتب في الفصل الثاني استخدام الشرعية الانتخابية لبناء الدولة على أسس طائفية مشيراً إلى ان الشرعية الانتخابية كرست، قانونياً، الاصطفافات الطائفية القومية، معللاً سبب ذلك إلى طبيعة تصويت المواطنين، الذي لم يكن تصويتاً للهوية الوطنية، بل جاء تصويتاً لهويات متعددة، طائفية وأثنية. ويشير الباحث إلى أن الشرعية الانتخابية استخدمت لبناء شرعية دستورية يمكن ان يفضي تطورها اللاحق إلى تقسيم العراق إلى ثلاث كتل سكانية، شيعية، سنية وكردية، تقوم العلاقة بينها على الطائفية السياسية، حيث تبنى مؤسسات الدولة استناداً إلى الروح الطائفية القومية. ويلفت الباحث الانتباه إلى ان كثيراً من أسباب تفتت الوعي الوطني تشكلت في مرحلة الدكتاتورية، قبل الاحتلال، حيث يشير إلى إنه بسبب الممارسات الطائفية للحكم، واستبعاد الأكثرية العربية القومية عن المراكز الوظيفية في الجهاز البيروقراطي لم تسد روح المواطنة في الدولة العراقية بل جرى تقسيم المواطنة العراقية على أسس الولاء السياسي وارتباطاته المناطقية" . وفي الفصل الثالث، تناول الباحث التشكيلة السياسية للعراق وتعثر بنائها الديمقراطي، مركزاً على دور التدخلات الدولية وتأثيراتها على استقلال ارادة القوى السياسية. ويقسم الباحث التشكيلة السياسية العراقية الراهنة إلى ثلاتة تيارات، التيار الإسلامي بشقيه الشيعي والسني، التيار القومي بفرعيه العربي والكردي، التيار الديمقراطي بفصائله الليبرالية واليسارية. أخيراً يشير الباحث إلى المخاطر التي تهدد وحدة العراق الجغرافية والسياسية وتجعل استقلاله وسيادته الوطنية واقعتين تحت تأثيرات القوى الخارجية، وخاصة قوى الاحتلال الاميركي ودول الجوار العراقي.