الكويت: انطلقت صباح أمس أولى جلسات ندوة مجلة العربي «الثقافة العربية في عصر جديد»، إذ ترأَّس الجلسةَ الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون بدر سيد عبدالوهاب الرفاعي، كما قُدِّمت ورقتان للباحثَين د. غسان مراد ود. نبيل علي. ووفقاً لصحيفة "الجريدة" قدَّم د. غسان مراد ورقة بحثية تمحورت حول الثقافة العربية ومدى حضورها على الشبكة العنكبوتية، مقدماً أسساً تقييمية استخلص من خلالها أن التطور التقني في العالم العربي أصبح حقيقة فعلية، مشيراً في هذا الصدد إلى ارتفاع نسبة وجود مواقع الويب باللغة العربية بين عامي 2000 و2008 لتصل إلى 2036.7 في المئة، إذ يعتبر عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي، حالياً نحو 30 مليوناً. أي ما يشكل عُشر الشعب العربي، خصوصاً الشباب منهم، مؤكداً أن هذا الاستخدام لايزال فردياً وغير منظم، فالمحتوى العربي على شبكة الإنترنت، باللغة العربية أو باللغات الأخرى، يشمل مواقع دينية وأدبية وعلمية وتجارية وإدارية وإعلامية واجتماعية وإباحية. متسائلاً هل سيصبح الإنترنت المحرك الفعال لنشر الثقافة العربية؟ وهل نشرها مرتبط فقط بوسائل التواصل وإمكان النشر؟ أم أن على هذه الوسيلة ألا تكون الغاية؟ بل وسيلة تحفز على الإنتاج الثقافي؟ وأمام هذه التساؤلات أشار د. غسان مراد إلى ضرورة البحث عن سبل لتقييم حالة الويب العربية، شارحاً بدوره ضرورة خلق بيئة إنسانية ثقافية واجتماعية مواتية لهذا التطور. محورية الثقافة وبدوره، قدم د. نبيل علي بحثا بعنوان «محورية الثقافة في مجتمع المعرفة: رؤية عربية مستقبلية» يهدف إلى بلورة الرؤية المستقبلية الثقافية العربية من منظور معلوماتي، فقد تناولت دراسته ثلاثية: الثقافة والمعرفة والمعلومات، مع اهتمام خاص بشق الفكر الثقافي نظراً إلى افتقار الخطاب الثقافي العربي الراهن إليه، إضافة إلى تناوله علاقة الثقافة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من خلال علاقتها بالهوية، هذا وقد ارتكزت دراسته على تقديم منظومة الثقافة في عصر المعلومات على هيئة منظومة شاملة تتكون من عدة منظومات فرعية، هي التربية والإعلام والإبداع والتاريخ والفكر الثقافي، تتمحور حول منظومة اللغة، التي أكدت أنها البداية الملكية لبناء مجتمع المعرفة العربي، إضافة إلى أهم التوجهات الرئيسية للمنظومات الثقافية الفرعية وكذلك المحاور المتوقعة لتطوير الفكر في الفرع الثقافي المتخصص، وأخيراً تناول المحاضر النواحي المستقبلية المتوقعة لتطور الفكر الثقافي «الثقافة الرابعة» والتي بدورها ترتكز على عدة أسس، أهمها تحالف الحركات والمنظمات غير الحكومية المناهضة للعولمة واستغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطبيق تضييق الفجوة المعرفية والتعامل بشكل مغاير لما هو سائد مع ظاهرة الإحياء الديني. الألفية الثالثة جاءت الجلسة الثانية بعنوان «لغة وخطاب الثقافة العربية والتقنيات الجديدة» وقد ترأسها رئيس مجلس أمناء مؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري عبدالعزيز سعود البابطين. وتناول المحاضر السيد ياسين في بحثه أطروحة «النقد الثقافي العربي في فضاء المعلوماتية» وتناولت دراسته نموذج المجتمع الشبكي Network Society إضافة إلى صعود مجتمع المعلومات العالمي ومنهجية التحليل الثقافي، وكذلك تحليل ثقافي للمدونات الإلكترونية، والتي بحسب ما جاء به من خلال دراسته تجسد أهم التغيرات التي لحقت ببنية المجتمع العالمي وهي الانتقال من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات العالمي، هذا وقد ركز السيد ياسين على موضوع المدونات والمدونين، موضحاً: «أننا نعيش في بداية الألفية الثالثة لعصر العولمة بكل أبعاده، وقد ظهر هنالك العديد من أشكال التفاعلات الاجتماعية والثقافية والسياسية، أخذت أشكال المدونات التي تنوعت أشكالها وتعددت أنماطها وتراوحت بين التعبير عن المشاعر الذاتية والتحليلات السياسية، وممارسة النقد العنيف للأنظمة السياسية العربية السلطوية». مشيراً إلى أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر أساسا في المجتمعات العربية الشمولية والسلطوية التي تضيق فيها إلى حد كبير دوائر حرية التفكير وحرية التعبير لانعدام المجال العام، وعدم إمكان إنشاء منظمات أهلية غير حكومية، أو أحزاب سياسية في ظل تعددية معترف بها. وأوضح ياسين أن ظهور مجتمع المعلومات الذي تقع شبكة الإنترنت في قلبه أدى إلى زيادة التدفقات السياسية والاقتصادية والمعرفية بمعدلات لم تشهدها الإنسانية من قبل. لدرجة أن التشبيه القديم بأن العالم أصبح قرية صغيرة يقصر كثيرا عن شرح مدى اتساع المجال العالمي الذي فتحته ثورة الاتصالات. وأضاف ياسين أن العالم الآن –كما يقرر بعض ثقات علم الاجتماع- أصبح متصلا بعضه ببعض. وأصبحت هذه الاتصالية الكونية -إن صح التعبير– مجالا لتبادل الآراء وطرح الأفكار الجديدة، بل ونشر الدعوات الأيديولوجية المستحدثة، والاحتجاج بصور شتى على الممارسات السياسية التقليدية سواء تمت في دول ديمقراطية أو في دول نامية سلطوية. تحديات تلا ذلك بحث أ.د كمال عبداللطيف «ملاحظات أولية لمواجهة تحديات تقانة المعلومات» تناول من خلاله جوانب وأبعاد مشروع إصلاح اللغة في مجالات الترجمة والإبداع المتصلة بتطور الحساسيات الثقافية العربية، بحكم انفتاح تلك المجالات على عوالم جديدة وثقافات وافدة، هذا وقد قسم المحاضر الإصلاح اللغوي إلى قسمين، أولهما الموقف العدمي من اللغة، الذي بدوره يتحدث عن موت اللغات والثقافات المحلية، والآخر يتمثل في النقاش السياسي والأيديولوجي في موضوع واقع اللغة العربية واللغات الأخرى، التي تتمتع -بحسب ما جاء- بحضور مبدع وفاعل في العالم، مشيراً إلى أن اللغة تشكل في الغالب عاملاً من العوامل المركزية في عملية الانخراط في الإبداع، وسط رصيد القيم والسجلات المعرفية التي ركبتها اللغات الأكثر تقدماً في العالم، لتزداد أهميتها باختزال زمن تطور تقنيات التواصل لبناء لغات جديدة داخل اللغة، مشدداً على ضرورتها لاستيعاب مستجدات الترميز التي تصنع شبكات التواصل المنظم والسريع، بوسائط ورموز جديدة. تكريم كرمت «العربي» في حفلها الافتتاحي عدداً من المؤسسات الثقافية، وفي ما يلي الجهات المكرّمة: من البحرين: موقع جهة الشعر الذي يشرف عليه الشاعر البحريني قاسم حداد. من دولة الإمارات العربية: موقع «الوراق» الذي يشرف عليه الشاعر محمد أحمد السويدي. من الكويت: مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك. من الكويت: مركز الكويت للدراسات والبحوث الكويتية. من مصر: قناة النيل الثقافية.