فاس: تعيش مدينة فاس العاصمة الروحية للمغرب على ايقاعات الموسيقى العالمية العريقة، ويحاول مهرجان فاس في دورته الرابعة عشرة من خلال مشاركة فرق موسيقية صوفية عالمية نسج جسور التقارب بين الإبداع بعيدا عن المرجعية الدينية ورسم معالم عالم تحكمه القيم الأخلاقية والروحية. ويحفل المهرجان الذي يستمر وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إلى غاية منتصف الشهر الجاري مزيجا من الإبداعات الموسيقية والغنائية التي تنهل من موروث ثقافات عربية وافريقية واسيوية وأمريكية، ثقافات تختلف لغتها وانتماءاتها الدينية وتوحدها النغمات الموسيقية الروحية. فغالبية الحفلات الموسيقية تجمع بين أكثر من ثقافة وديانة ولغة ، ويسعى منظمو المهرجان من كل ذلك إبراز الإحترام الذي توليه كل ديانة للأخرى وبخاصة الإحترام الذي يكنه الإسلام لمريم والمسيح من منطلق صوفي يستبعد الصراعات الدينية والخلافات الإيديولوجية. وفي اليوم الثاني للمهرجان صدحت نبرات الفنانة اللبنانية غادة شبير وسط العاصمة الروحية للمغرب في مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، ترانيم كنسية شرقية باللغة الآرامية العريقة، مصحوبة بتقاسيم القانون بأنامل الفنانة المسيحية إيمان حمصي، أغاني مسيحية روحية أخذت الجمهور في رحلة عبر الزمن وقت كانت الموسيقى تخاطب الروح وتسمو بالفكر بعيدا عن المادة، تفاعل الجمهور المسلم المسيحي مع أغاني غادة شبير أصابها بالرهبة. وقالت الفنانة حمصي لل "بي بي سي" إنها فوجئت وهي على الخشبة بحضور جمهور جمع بين المسلمين والمسيحيين للإستماع إلى أغاني مسيحية قديمة وغريبة كما تقول. وقد اختير للدورة الرابعة عشر لمهرجان فاس شعار "سبل الإبداع " ابداع بلا حدود ولا يعترف باختلاف المعتقد أو الإنتماء، فكل التعابير الموسيقية حاضرة في فاس، موسيقى افريقية أمريكية صوفية في ليالي روحية، تراتيل أنشدتها في سمفونية صوفية مجموعة الصوت الروحي الأمريكية وفرقة فايز علي فايز الباكستانية. لا يعترف مهرجان فاس حسبما ذكرت "بي بي سي" باختلاف المعتقد أو الإنتماء، فكل التعابير الموسيقية حاضرة مزيج حضاري وثقافي جمع بين الدعوة للتحرر الذي تسعى من أجله المجموعة الموسيقية الأمريكية والتغني بالسلام الذي تتقنه الفرقة الباكستانية، والجمع بين الفرقتين يروم ترسيخ التعايش المفقود. وقالت فاطمة صاديقي مديرة مهرجان فاس للبي بي سي إن المهرجان يواصل مسيرة الحث على الأمل ونشر ثقافة السلام وتصور وجود مبني على القيم الأخلاقية والروحية في مجتمعات تعاني الشك ورفض الآخر. مثالية العالم وخلقت عروض المهرجان نوعا من التناغم بين الألوان الموسيقية على اختلافها، وكما أراد منظمو المهرجان فالأوزان والمقامات ترسم معالم مستقبل أكثر انفتاحا على الحاضر، وعبر مشاركة أكثر من أربعين فرقة موسيقية تبرز الرغبة في الحفاظ على تراث موسيقي جماعي ومنح النبرات والألحان الروحية فرصة تأثيث فضاء عالمي عنوانه التسامح وقبول الآخر. ولعل ذلك ما دفع الأممالمتحدة لمنح المهرجان جائزة تشجيع الحوار بين الحضارات والأديان وتصنيفه ضمن الأحداث العالمية الإثني عشر التي ساهمت في خلق حوار بين الحضارات.