نعرض اليوم في أخبار العاشقين نوع أخر من العشق وهو الذي لا يوازيه أي عشق أخر في الدنيا وهو العشق الإلهي والذي نظم الشعر فيه الكثير من الشعراء المتصوفين نذكر منهم ابن الفارض وهو أحد الشعراء المتصوفين والذي أطلق عليه لقب "سلطان العاشقين" نظراً لعشقه لله سبحانه وتعالي، عرف أبن الفارض بشعره الذي يتضمن فلسفة تتصل بما يسمى بوحدة الوجود. اشتغل ابن الفارض بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، زهد الدنيا وسلك طريق التصوف، ومن أشعاره الصوفية نذكر "القصيدة الخمرية" ، وقصيدة "نظم السلوك" والتي يطلق عليها أيضاً التانية الكبرى.
من شعره نذكر قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ iiمُتْلِفِي روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم iiتَعْرِفِ لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ iiالذي لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي ما لي سِوَى روحي وباذِلُ iiنفسِهِ في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ iiبِمُسرِف فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد iiأسعَفْتَني يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ يا مانِعي طيبَ المَنامِ iiومانِحي ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي iiالمُتْلِفِ عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ iiمُماطلي والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا iiتُضِعْ سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ iiالمُرجِفِ قصيدته الخمرية شَرِبْنَا على ذكْرِ الحبيبِ iiمُدامَةً سكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق iiالكَرْمُ لها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ iiيُدِيرُهَا هلالٌ وكم يبدو إذا مُزِجَتْ iiنَجم ولولا شذَاها ما اهتدَيتُ iiلِحانِها ولولا سَناها ما تصَوّرها iiالوَهْمُ ولم يُبْقِ منها الدّهْرُ غيرَ حُشاشَةٍ كأنّ خَفاها في صُدور النُّهى iiكتْم فإن ذُكرَتْ في الحَيّ أصبحَ iiأهلُهُ نَشاوى ولا عارٌ عليهمْ ولا إثم ومِنْ بينِ أحشاء الدّنانِ iiتصاعدتْ ولم يَبْقَ منها في الحقيقة إلاّ iiاسمُ وإن خَطَرَتْ يوماً على خاطرِ امرىءٍ أقامتْ به الأفراحُ وارتحلَ iiالهمّ ولو نَظَرَ النُّدْمَانُ خَتمَ iiإنائِها لأسكَرَهُمْ من دونِها ذلكَ iiالختم وقال في قصيدة " التانية الكبرى" سَقَتني حُمَيَّا الحُبَّ راحَةَ iiمُقلَتي وَكَأسي مُحَيَّا مَن عَنِ الحُسنِ iiجَلَّتِ فَأَوهَمتُ صَحبي أنَّ شُربَ شَرابهِم بهِ سُرَّ سِرِّي في انتِشائي بنَظرَةِ وبالحَدَقِ استغنَيتُ عن قَدَحي iiومِن شَمائِلِها لا من شَموليَ نَشوَتي ففي حانِ سُكري حانَ شُكري iiلِفِتيَةٍ بِهِم تَمَّ لي كَتمُ الهَوَى مَعَ iiشُهرَتي وَلَمَّا انقضى صَحوي تَقاضَيتُ وَصلَها وَلَم يغشَني في بَسطِها قَبضُ iiخَشيَةِ وَأَبثَثَتُها ما بي وَلَم يَكُ iiحاضِري رَقِيبٌ لها حاظٍ بخَلوَةِ iiجَلوَتي وقُلتُ وحالي بالصبَّابَةِ iiشاهدٌ وَوَجدي بها ماحِيَّ والفَقدُ iiمُثبِتي هَبي قَبلَ يُفني الحُبُّ مِنِّي iiبَقيَّةً أَراكِ بِها لي نَظرَةَ iiالمتَلَفِّتِ ومُنِّي عَلى سَمعي بلَن إن مَنَعتِ iiأَن أَراكِ فمِن قَبلي لِغيرِيَ لذَّتِ فعِندي لسُكري فاقَةٌ iiلإِفاقَةٍ لَها كَبِدي لَولا الهَوى لم iiتُفتَّتِ وَلَو أَنَّ ما بي بِالجِبالِ وَكانَ iiطُورُ سِينا بها قبلَ التَجلِّي لدُكَّتِ هَوى عَبرَةٌ نَمَّت بِهِ وجَوىً نَمَت بِهِ حُرَقٌ أدوَاؤُها بِيَ iiأودَتِ فَطُوفانُ نوحٍ عندَ نَوحي iiكَأَدمُعي وَإيقادُ نِيرانِ الخَليلِ iiكلَوعَتي وَلَولا زَفيري أَغرَقَتنيَ أَدمُعي وَلَولا دُموعي أَحرَقَتنيَ زَفرَتي وَحُزني ما يَعقوبُ بَثَّ iiأقلَّهُ وكُلُّ بِلى أيُّوبَ بعضُ iiبلِيَّتي وآخِرُ ما لاقى الأُلى عَشِقوا إلى الرْرَدَى بعضُ ما لاقيتٌ أوَّلَ iiمِحنَتي