يمثل صدور العدد الخامس عشر من مجلة "المجال" الجامعية للثقافة والعلوم قفزة نوعية فى طريق الإبداع الصحفي، حيث تواصل هذه المطبوعة المتخصصة صدورها فصلية من جامعة عمر المختار، منذ نحو أربعة أعوام، مؤكدة حضورها الراقى فى الأوساط الأكاديمية والثقافية والعلمية الليبية والعربية. يكتب رئيس التحرير الروائى الليبى سالم الهنداوى فى افتتاحية العدد عن ثقافة الحوار بين الجامعة والمجتمع، مؤكداً وفقاص لجريدة "العرب أون لاين" أن رسالة "المجال" هى رسالة الجامعة، فى نشر الوعى العلمى والثقافي، وإدارة حوار مختلف بين الوسط الأكاديمى والمجتمع الجماهيري، وقد كانت هذه المهمة النبيلة قد شكلت الحافز على الاستمرار والإصرار على مواصلة المشوار رغم معوقاته الكثيرة! يضم العدد الجديد ملفات وتحقيقات ومقالات تتناول قضايا وموضوعات متنوعة، ذات صلة بالحياة الجامعية، والجامعة وعلاقتها بالمجتمع، وفى هذا الصدد تفتح "المجال" ملفاً مهماً فى آفاق التنمية، حيث تثير موضوع زراعة الصحراء ومستقبل الحياة بعد النفط، وذلك من خلال تسليط الضوء على تجربة ليبية متميزة فى زراعة الصحراء بنبات "الهوهوبا"، وقد كتب اللواء غيث إبراهيم غيث دراسة ميدانية موسعة عن هذه التجربة الناجحة فى منطقة الكفرة، موضحاً أن "الهوهوبا" نبات صحراوى المنشأ، يمكنه النمو فى مناطق قد لا تنجح فيها عدة محاصيل أخرى، بسبب نقص المياه، وهو يتحمل العطش كلما تقدم فى العمر، حيث يضرب بجذوره عميقاً فى الأرض، كى يحصل على الماء، ويتميز نبات "الهوهوبا" بإنتاجه الوفير من البذور التى تحتوى نسبة عالية من الزيوت التى تسمى "الشمع السائل" وتستخدم فى أغراض طبية وصناعية عديدة، حيث يمكن أن يسمى نبات "الهوهوبا" بالذهب الأخضر أو ذهب الصحراء. وفى صفحات الثقافة نقرأ إبداعات وتحقيقات ومقالات أدبية وثقافية عديدة، حيث يطل من شرفات "المجال" الشاعر محمد عفيفى مطر، عبر قراءات بأقلام عربية تلامس أبعاد تجربة الشاعر السبعينى الكبير، الذى يثير الأسئلة المغايرة فى الحياة والوجود، كلما أراد التحول من الصخب إلى الطمأنينة النائية، حيث رائحة الأرض، تعبق بأسرار الحياة. وفى زاوية أصوات يرتفع صوت العاشقة الدمشقية الكاتبة نسرين طرابلسي، التى تنوعت اهتماماتها بين مختلف أشكال الكتابة الإبداعية والمسرحية والإعلامية، فكانت تمثل القلم المبدع والوجه الجميل. وفى إبداعات قصة قصيرة بعنوان "دقيق البطاطا الناعم" للقاص الليبى داود حلاق، وقصيدة بعنوان "أقاصيص بحجم العقلة" للشاعر رمضان بوعجيلة الشلوي، وقصيدة أخرى للشاعرة خلود الفلاح بعنوان "بُعدك على بالي"، كما يكتب الشاعر عبد الرزاق الربيعى "لحظات من الزمن المر". ونقرأ من جهات الكتابة حسبما ذكرت "العرب اون لاين" عن التجربة الشعرية والكون البرّى للشاعر والكاتب العُمانى سيف الرحبي، ويسلط يحى عبد المبدي، من واشنطن، الضوء على الكتاب الجديد والمهم بعنوان "الفرصة الثانية" الذى ينتقد فيه بريجنسكى سياسات ثلاثة رؤساء أمريكيين. ومن خلال إطلالة على الأدب العالمى يتحدث الناقد علاء اللامى عن الكاتب البرازيلى باولو كويليو فى روايته الجديدة "إحدى عشرة دقيقة" من خلال مقاربة المدنس لفهم المقدس! وفى "قاب قوسين من الحقيقة"، يرصد الدكتور محمد فلحى ظاهرة تضييع الوقت بين الإفراط والتفريط فى مقالة بعنوان "رصيدك على المكشوف". هذا بالإضافة إلي عدد من الأبواب المهمة والمتنوعة أخيراً، فإن إصرار "المجال" على الصدور، رغم المعوقات والصعوبات الكثيرة، وحرصها على التميز، يمثل قيمة حقيقية للإبداع الصحفي، تستحق أن تفتخر بها جامعة عمر المختار فى مدينة البيضاء الليبية.