جامعة المنوفية تشارك في زيارة ميدانية لمركز التأهيل الشامل للمعاقين بقرية شبرا بلولة ..صور    دعم متواصل للعمالة المصرية بالداخل والخارج ..أبرز حصاد العمل في إسبوع|صور    افتتاح 3 مساجد جديدة بالفيوم ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    تعرف على آخر سعر للجنيه الذهب اليوم الجمعة 19 سبتمبر    وزير الزراعة يؤكد أهمية تبادل الخبرات والتكنولوجيا لتحقيق استدامة القطاع الزراعي    زيارة ملك إسبانيا لوادي الملوك تضع الأقصر في صدارة السياحة الثقافية العالمية| صور    تفاصيل قصف المصلين في مسجد بمدينة الفاشر السودانية    شوط أول سلبي بين وادي دجلة وطلائع الجيش بالدوري    ضبط عامل ظهر في مقطع فيديو تحت تأثير المخدرات بالجيزة    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التربية والتعليم والأزهر الشريف    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    انطلاق مباراة منتخب مصر للشابات أمام غينيا الاستوائية في تصفيات كأس العالم    حبس موظفة المتحف المصرى 15 يومًا في سرقة أسورة ذهبية وحجز 3 آخرين للتحريات    عمرو دياب يتألق في حفل خاص بسفح الأهرامات    أميرة أديب تطلق أغنية "أحمد" من ألبومها الجديد    وزير الرياضة يعلن انطلاق "اتحاد شباب يدير شباب (YLY)"    طفلان يتعرضان للدغ العقارب في الوادي الجديد    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    موعد صلاة المغرب.. ودعاء عند ختم الصلاة    تقرير برتغالي: فيتوريا قد يعود لمصر من بوابة الأهلي    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    صلاح عبد العاطي: واشنطن شريكة في الإبادة الجماعية بغزة عبر استخدام متكرر للفيتو    لم يُنزّل من السماء كتاب أهدى منه.. إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها    كنز تحت الأقدام.. اكتشاف آلاف الأطنان من الذهب في الصين والكمية لا تٌصدق    خلل صادم في كاميرا آيفون 17 يثير الجدل.. والشركة تكشف سر الصور المشوّهة    كلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة تحتفل بتخريج الدفعة 59    ياسمين عبدالعزيز تظهر بالحجاب وتنشر فيديو من أمام الكعبة وداخل المسجد النبوي    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    وفاة شقيقة الفنان أحمد صيام    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    بدء اجتماعات مصرية كورية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وإدارة المخلفات    نتنياهو: نوجه لحماس ضربات قوية ولن نتوقف    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    استشاري نفسي: تغير الفصول قد يسبب الاكتئاب الموسمي    تعليم القاهرة: انتهاء كافة الترتيبات لاستقبال 2.596.355 طالبا وطالبة بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    الداخلية توضح حقيقة فيديو ادعاء اختطاف طفل بالقاهرة: مجرد تصادم بين سيارتين    كومبانى: هوفنهايم منافس خطير.. لكننا فى حالة جيدة    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفيات كفر الشيخ ويوجه بإصلاحات عاجلة    أول بيان من «الداخلية» عن حقيقة تحصيل أموال من مواطنين بزعم شراء وحدات سكنية تابعة للشرطة    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    صحة غزة: 800 ألف مواطن في القطاع يواجهون ظروفا كارثية    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    عمرو يوسف: مؤلف «درويش» عرض عليّ الفكرة ليعطيها لممثل آخر فتمسكت بها    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    أمينة عرفي تتأهل إلى نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رفضه نوبل .. سارتر حينما روى رحلته مع الكتابة
نشر في محيط يوم 19 - 10 - 2011

بعد أيام وبالتحديد في 22 أكتوبر تحل ذكرى رفض الفيلسوف والأديب الفرنسي جان بول سارتر تسلم جائزة نوبل عام1964، وعلل سبب رفضه الجائزة قائلاً: "هؤلاء الذين يقدمون التشريفات سواء كانت وسام شرف أو جائزة نوبل لا يملكون في الحقيقة تقديمها"، ووصف سارتر الجائزة بأنها "سياسية، مثلها مثل جائزة لينين - جائزة عالمية استحدثها السوفيت لتكريم المفكرين - و لو عرضت علي جائزة لينين أيضا سأرفضها".

وللإقتراب من فكر سارتر نتوقف في السطور التالية عند كتابه الهام "الكلمات" عن دار شرقيات عام 1993 بترجمة الدكتور خليل صابات، الذي يروي فيه سيرته الذاتية.

يقول المترجم أننا لا يمكن فهم هذا الكتاب دون استعراض حياة مؤلفه، سارتر الذي يعد رأس الفلسفة الوجودية ، ويراه البعض شخصية سياسية تدعو إلى كتابة المنشورات، ويحكم عليه آخرون بأنه فيلسوف، وقد ولد في 21 يونيو 1905، وفقد أباه وهو في الثانية من عمره فعاش مع أمه عند جده شفايترز، الذي يصفه سارتر بأنه الذي دفعه إلى اعتبار الشئ المكتوب أكثر واقعية وأهم من الشئ الذي نعيشه ونحياه.

الجد والحفيد

بعد وفاة والد سارتر لم تجد الأم، التي كانت صغيرة السن، غير بيت أهلها يحتويها والطفل، وكان سيد البيت مثقفاً عجوزاً، ذا لحية بيضاء يدرس اللغة الفرنسية للأجانب ولا سيما للألمان الذين يعيشون في باريس.

ولأن سارتر كان ولداً وحيداً فقد حظى بعطف الجميع ، أما عن الصغير فكان يحلو له التسلل لمكتبة قده التي خلقت لديه شغفا عظيما بالقراءة، جاراه فيه أخواله وجده، فتولوا توجيهه. وهكذا راح يقرأ كل ما يقع تحت يديه.

يقول سارتر عن ذلك : تشبعت بالثقافة وبدأت حياتي كما سوف أنهيها بين الكتب ففي حجرة مكتب جدي كانت الكتب في كل مكان، كنت لا أعرف القراءة بعد ومع ذلك كنت أجلّ هذه الكتب، كان محظوراً تنفيضها إلا مرة واحدة في السنة في شهر أكتوبر قبل عودة المدارس، كنت ألمسها خفية لأشرف يدي بغبارها، ولكن لم أكن أعرف كيف أستعملها. وقد ذهب جدي إلى ناشره وأخذ "قصص" الشاعر موريس بوشور المقتبسة من الأدب الشعبي والموضوعة في أسلوب يتناسب وذوق الطفل ومع مرور الوقت أصبحت الكتب طيوري وأعشاشي، وحيواناتي الأليفة وحظيرتي وريفي. كانت المكتبة هي العالم معكوسا في مرآة.

رحلتي مع الكتابة

كانت الكتابة كما يصفها الفيلسوف الوجودي فرحاً عظيماً، متذكراً أول رواية أكملها وانتهى منها والتي حملت عنوان "من أجل فراشة"، التي تحكي عن عالم وابنته وأحد المستكشفين الرياضيين الذين كانوا يصعدون مجرى نهر الأمازون بحثاً عن فراشة ثمينة، استعار سارتر تفاصيلها وعنوانها وشخصياتها من قصة مصورة ظهرت حينها، وهذه السرقة الأدبية كما يقول كانت تخلصه من قلقه.

لم يقتبس القصة بأكملها، بل قام بتغيير أسماء الشخصيات تلك التغييرات التي كانت تسمح له كما يقول بمزج الذاكرة بالخيال، وبين لحظة وأخرى – والحديث لسارتر – كان يتوقف ويتظاهر بالتردد ليشعر نفسه - وقد تقطب جبينه وشرد نظره – إنه كاتب حقا .

يصف سارتر في كتابه كيف استقبل جده كتاباته: في البداية سر جدي حين علم من والدتي أني بدأت الكتابة، لكنه حين أخذ كراستي وقلّب صفحاتها لوى شفتيه وغادر غرفة الطعام، وقد أغضبه أن يجد بقلمي "بلاهات" صحفي المفضلة، ولم يهتم بعد ذلك بعملي، وحين كانت أمي تتحايل عليه لكي يقرأ لي كان يبعد الكراسة بيده وإن ألقى عليها نظرة كان يشير إلى أخطائي الإملائية في غضب، وانتهى الأمر بأمي إلى الخوف فلما كانت لا تجرؤ على تهنئتي ولما كانت تخشى أن تؤلمني فقد كفت عن قراءة كتاباتي حتى لا تجد ما تقوله لي.

البطل والمبدع

يقول سارتر : في الكتابة قسّمت نفسي إلى قسمين بطل ومبدع، لكن البطل لم يكن يحمل اسمي وكنت لا أتكلم عنه إلا بضمير الغائب، وبدلاً من أن أعيره حركاتي، كنت أصنع له بالكلمات جسماً أزعم أني أراهّ، كان دميتي وكنت أطوعه حسب أهوائي، كان في استطاعتي أن أطعنه ثم أعالجه، كما كانت أمي تعالجني، بطلاً كنت أكافح الطغيان ومبدعاً كنت أجعل من نفسي طاغية.

إن العالم المكتوب كان يقلقني – يضيف الفيلسوف - كنت أكتب فظائع تفوق الطبيعة وكانت أمي حين تقرأ لي مصادفة تقول يا له من خيال، لكن الخيال برأيي لم يكن السبب، فلم أخترع تلك البشاعات بل كنت أجدها في ذاكرتي!.

يقول عن كتاباته : ما كان يظهر عندئذ تحت قلمي كان أنا نفسي، المسخ الصبياني، كان مللي من الحياة وخوفي من الموت، كان تفاهتي وفسادي، وحين عرف جده أنه يريد الكتابة قال له أن الأدب لا يعول صاحبه، مذكّره بكتّاب مشهورين ماتوا جوعاً، وآخرين اضطروا أن يبيعوا أنفسهم ليأكلوا، قائلاً لي: "إن كنت تريد أن تحتفظ باستقلاليتك فعليك اختيار مهنة ثانية".

وعن تصوره للكتابة ولماذا يكتب يقول سارتر في نهاية كتابه: كنت أرى أن الكتابة هي إضافة لؤلؤة لعقد عرائس الشعر، هي ترك ذكرى حياة مثالية للأجيال القادمة، هي الدفاع عن الشعب من نفسه ومن أعدائه، هي إنزال بركة السماء على الناس بقداس احتفالي، ولكن لم يطرأ على بالي أنه يمكننا الكتابة كي نُقرأ.

إني ما زلت أكتب هذه عادتي ثم إنها مهنتي، لقد حسبت قلمي سيفاً زمناً طويلاً، وإني لأعرف الآن عجزه، وهذا لا يهم سوف أكتب وسوف أؤلف كتباً، إن الثقافة لا تنقذ شيئاً ولا شخصاً، ولكنها نتاج الإنسان فهو يعكس نفسه فيها ويعرف نفسه بها، إن هذه المرآة الناقدة هي وحدها التي تقدم له صورته.
إني أدعي بإخلاص أني لا أكتب إلا لزمني، ولكني أغتاظ من شهرتي الحالية، إن ما أحبه في جنوني هو حمايته لي منذ أول يوم من إغراءات "الصفوة"، إن همي الوحيد هو أن أخلص نفسي خالي اليدين وفارغ الجيوب بالعمل والإيمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.