جبالي: أسماء النواب بصوت عالي لأهمية الجلسة و ليس لإحراج الغائبين    رئيس "صحة النواب": مستعدون لتعديل قانون التأمين الصحي الشامل إذا اقتضى التطبيق    وزير المالية: الموازنة الجديدة فيها نسب استثنائية لمساندة الأنشطة الاقتصادية    وزير الإسكان: ملتزمون بتذليل العقبات أمام المطورين والمستثمرين    بعد فتح المجال الجوي العراقي، إلهام شاهين وهالة سرحان تعودان لمصر    الرئيس الإيراني: لم نسعَ للحرب ولم نبادر بها    الزمالك يكشف حقيقة وصول عرض سعودي لضم ناصر منسي    تعاطى الحشيش وطعنها بشوكة، المشدد 10 سنوات لسوداني قتل أمه بمصر القديمة    محافظ سوهاج: مكتبي مفتوح لمن لديه دليل غش أو فساد بامتحانات الثانوية    وزير الثقافة يصل مبني ماسبيرو لافتتاح استديو نجيب محفوظ    إلهام شاهين وهالة سرحان تغادران العراق بعد تعذر العودة بسبب التوترات الإقليمية    بعد عرضه.. أسماء أبو اليزيد تنشر صورا من كواليس تصوير "فات الميعاد"    الضربة الإسرائيلية لإيران| وكالة الطاقة الذرية: لم تقع أضرار أخرى في منشآت التخصيب الإيرانية    اليوم.. محاكمة 29 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية فى المقطم    طالب يشنق شقيقه بحبل في سوهاج.. السبب صادم    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    قصر ثقافة أبو سمبل يشهد انطلاق برنامج "مصر جميلة" لاكتشاف ودعم الموهوبين    الصحة: إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من الهيئة العامة للتأمين الصحي خلال عام    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    وزير التعليم العالى: بنك المعرفة المصري تحول إلى منصة إقليمية رائدة    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    الإعدام شنقا لجامع خردة قتل طفلة وسرق قرطها الذهبى فى العاشر من رمضان    انخفاض الطماطم.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    وفد من نواب المحافظين يتفقد مشروعات تنموية وخدمية في الوادي الجديد    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    السيسي لا ينسي أبناء مصر الأوفياء.. أخر مستجدات تكريم الشهداء والمصابين وأسرهم    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    موريتانيا.. مظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    ترامب يصل إلى كندا لحضور قمة مجموعة السبع على خلفية توترات تجارية وسياسية    استكمالا لسلسلة في الوقاية حماية.. طب قصر العيني تواصل ترسيخ ثقافة الوعي بين طلابها    انقطاع خدمات الاتصالات في جنوب ووسط قطاع غزة    حالة الطقس اليوم في الكويت    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية تنطلق تجاه إسرائيل    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 16 يونيو 2025    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رفضه نوبل .. سارتر حينما روى رحلته مع الكتابة
نشر في محيط يوم 19 - 10 - 2011

بعد أيام وبالتحديد في 22 أكتوبر تحل ذكرى رفض الفيلسوف والأديب الفرنسي جان بول سارتر تسلم جائزة نوبل عام1964، وعلل سبب رفضه الجائزة قائلاً: "هؤلاء الذين يقدمون التشريفات سواء كانت وسام شرف أو جائزة نوبل لا يملكون في الحقيقة تقديمها"، ووصف سارتر الجائزة بأنها "سياسية، مثلها مثل جائزة لينين - جائزة عالمية استحدثها السوفيت لتكريم المفكرين - و لو عرضت علي جائزة لينين أيضا سأرفضها".

وللإقتراب من فكر سارتر نتوقف في السطور التالية عند كتابه الهام "الكلمات" عن دار شرقيات عام 1993 بترجمة الدكتور خليل صابات، الذي يروي فيه سيرته الذاتية.

يقول المترجم أننا لا يمكن فهم هذا الكتاب دون استعراض حياة مؤلفه، سارتر الذي يعد رأس الفلسفة الوجودية ، ويراه البعض شخصية سياسية تدعو إلى كتابة المنشورات، ويحكم عليه آخرون بأنه فيلسوف، وقد ولد في 21 يونيو 1905، وفقد أباه وهو في الثانية من عمره فعاش مع أمه عند جده شفايترز، الذي يصفه سارتر بأنه الذي دفعه إلى اعتبار الشئ المكتوب أكثر واقعية وأهم من الشئ الذي نعيشه ونحياه.

الجد والحفيد

بعد وفاة والد سارتر لم تجد الأم، التي كانت صغيرة السن، غير بيت أهلها يحتويها والطفل، وكان سيد البيت مثقفاً عجوزاً، ذا لحية بيضاء يدرس اللغة الفرنسية للأجانب ولا سيما للألمان الذين يعيشون في باريس.

ولأن سارتر كان ولداً وحيداً فقد حظى بعطف الجميع ، أما عن الصغير فكان يحلو له التسلل لمكتبة قده التي خلقت لديه شغفا عظيما بالقراءة، جاراه فيه أخواله وجده، فتولوا توجيهه. وهكذا راح يقرأ كل ما يقع تحت يديه.

يقول سارتر عن ذلك : تشبعت بالثقافة وبدأت حياتي كما سوف أنهيها بين الكتب ففي حجرة مكتب جدي كانت الكتب في كل مكان، كنت لا أعرف القراءة بعد ومع ذلك كنت أجلّ هذه الكتب، كان محظوراً تنفيضها إلا مرة واحدة في السنة في شهر أكتوبر قبل عودة المدارس، كنت ألمسها خفية لأشرف يدي بغبارها، ولكن لم أكن أعرف كيف أستعملها. وقد ذهب جدي إلى ناشره وأخذ "قصص" الشاعر موريس بوشور المقتبسة من الأدب الشعبي والموضوعة في أسلوب يتناسب وذوق الطفل ومع مرور الوقت أصبحت الكتب طيوري وأعشاشي، وحيواناتي الأليفة وحظيرتي وريفي. كانت المكتبة هي العالم معكوسا في مرآة.

رحلتي مع الكتابة

كانت الكتابة كما يصفها الفيلسوف الوجودي فرحاً عظيماً، متذكراً أول رواية أكملها وانتهى منها والتي حملت عنوان "من أجل فراشة"، التي تحكي عن عالم وابنته وأحد المستكشفين الرياضيين الذين كانوا يصعدون مجرى نهر الأمازون بحثاً عن فراشة ثمينة، استعار سارتر تفاصيلها وعنوانها وشخصياتها من قصة مصورة ظهرت حينها، وهذه السرقة الأدبية كما يقول كانت تخلصه من قلقه.

لم يقتبس القصة بأكملها، بل قام بتغيير أسماء الشخصيات تلك التغييرات التي كانت تسمح له كما يقول بمزج الذاكرة بالخيال، وبين لحظة وأخرى – والحديث لسارتر – كان يتوقف ويتظاهر بالتردد ليشعر نفسه - وقد تقطب جبينه وشرد نظره – إنه كاتب حقا .

يصف سارتر في كتابه كيف استقبل جده كتاباته: في البداية سر جدي حين علم من والدتي أني بدأت الكتابة، لكنه حين أخذ كراستي وقلّب صفحاتها لوى شفتيه وغادر غرفة الطعام، وقد أغضبه أن يجد بقلمي "بلاهات" صحفي المفضلة، ولم يهتم بعد ذلك بعملي، وحين كانت أمي تتحايل عليه لكي يقرأ لي كان يبعد الكراسة بيده وإن ألقى عليها نظرة كان يشير إلى أخطائي الإملائية في غضب، وانتهى الأمر بأمي إلى الخوف فلما كانت لا تجرؤ على تهنئتي ولما كانت تخشى أن تؤلمني فقد كفت عن قراءة كتاباتي حتى لا تجد ما تقوله لي.

البطل والمبدع

يقول سارتر : في الكتابة قسّمت نفسي إلى قسمين بطل ومبدع، لكن البطل لم يكن يحمل اسمي وكنت لا أتكلم عنه إلا بضمير الغائب، وبدلاً من أن أعيره حركاتي، كنت أصنع له بالكلمات جسماً أزعم أني أراهّ، كان دميتي وكنت أطوعه حسب أهوائي، كان في استطاعتي أن أطعنه ثم أعالجه، كما كانت أمي تعالجني، بطلاً كنت أكافح الطغيان ومبدعاً كنت أجعل من نفسي طاغية.

إن العالم المكتوب كان يقلقني – يضيف الفيلسوف - كنت أكتب فظائع تفوق الطبيعة وكانت أمي حين تقرأ لي مصادفة تقول يا له من خيال، لكن الخيال برأيي لم يكن السبب، فلم أخترع تلك البشاعات بل كنت أجدها في ذاكرتي!.

يقول عن كتاباته : ما كان يظهر عندئذ تحت قلمي كان أنا نفسي، المسخ الصبياني، كان مللي من الحياة وخوفي من الموت، كان تفاهتي وفسادي، وحين عرف جده أنه يريد الكتابة قال له أن الأدب لا يعول صاحبه، مذكّره بكتّاب مشهورين ماتوا جوعاً، وآخرين اضطروا أن يبيعوا أنفسهم ليأكلوا، قائلاً لي: "إن كنت تريد أن تحتفظ باستقلاليتك فعليك اختيار مهنة ثانية".

وعن تصوره للكتابة ولماذا يكتب يقول سارتر في نهاية كتابه: كنت أرى أن الكتابة هي إضافة لؤلؤة لعقد عرائس الشعر، هي ترك ذكرى حياة مثالية للأجيال القادمة، هي الدفاع عن الشعب من نفسه ومن أعدائه، هي إنزال بركة السماء على الناس بقداس احتفالي، ولكن لم يطرأ على بالي أنه يمكننا الكتابة كي نُقرأ.

إني ما زلت أكتب هذه عادتي ثم إنها مهنتي، لقد حسبت قلمي سيفاً زمناً طويلاً، وإني لأعرف الآن عجزه، وهذا لا يهم سوف أكتب وسوف أؤلف كتباً، إن الثقافة لا تنقذ شيئاً ولا شخصاً، ولكنها نتاج الإنسان فهو يعكس نفسه فيها ويعرف نفسه بها، إن هذه المرآة الناقدة هي وحدها التي تقدم له صورته.
إني أدعي بإخلاص أني لا أكتب إلا لزمني، ولكني أغتاظ من شهرتي الحالية، إن ما أحبه في جنوني هو حمايته لي منذ أول يوم من إغراءات "الصفوة"، إن همي الوحيد هو أن أخلص نفسي خالي اليدين وفارغ الجيوب بالعمل والإيمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.