احد معارض المجوهرات والساعات عاد الأميركيون الناجون من الأزمة الاقتصادية الأسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدة والعالم منذ ما يقرب من القرن ينفقون بلا خوف أو تردد، إلا أن ذلك أقتصر على ذوو الوظائف المضمونة، حيث أن هناك قطاعاً كاملاً من المستهلكين مازالوا متمسكين بالتقشف وعدم الإنفاق ببذخ ؛ خوفا من فقد وظائفهم.
ويبدو أن ذلك هو الدافع وراء تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمساعدة الطبقة الوسطى التي تعاني في ظل أسوأ حالة ركود تشهدها البلاد، وذلك من خلال كلمته الأسبوعية عبر الإذاعة وشبكة الانترنت أول من أمس السبت، قائلا أن الاقتصاد الأمريكي بحاجة إلى "طبقة وسطى تنمو وتزدهر".
ووفقا لما أوردته صحيفة ال "فاينانشيال تايمز" بات هذا الانقسام في السلوك الاستهلاكي سمة واضحة في الولاياتالمتحدة؛ واضحاً في مختلف الأماكن مثل المطاعم والمتاجر ومحلات الملابس والقهوة والمشروبات.
ونقلت الصحيفة، وصف ستيفن بيرد رئيس تنفيذي سلسلة سوبر ماركت "سيفواي" الوضع على النحو التالي:"هناك بعض الناس الذين لا يزالون يشعرون بالقلق وعدم الأمان، وهناك آخرون على عكسهم تماماً، فهناك قطاع من الاقتصاد لم يستغن عن موظفيه المطمئنين إلى استقرار أحوالهم، وأولئك الناس انتعشت محافظ استثماراتهم وبدأوا ينفقون بلا أي تحفظ، بينما هناك قطاع آخر من الاقتصاد غير مستقر وغير آمن وبالتالي من يعمل فيه سيتردد في إنفاقه حتى إن ظل في عمله، وبذلك أعتقد أن السلوك الانفاقي منقسم في الولاياتالمتحدة".
إقبال على السلع الفاخرة ومن جانبه، قال سونج وون سوهن بروفيسور علم الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ونائب رئيس متاجر (فوريفر 21): "لا يزيد المتيسرون مادياً إنفاقهم ولكنهم ربما ينفقون بنفس المستويات التي درجوا عليها في السابق، فلا تزال سيارات مرسيدس وبي إم دبليو مثلاً رائجة في السوق، غير أن الفئة متوسطة الدخل من الأميركيين باتوا يفكرون مراراً قبل الإنفاق".
حتى على مستوى الأغذية، فقد سجلت مبيعات سلسلة متاجر "هول فودز" التي تبيع منتجات أغذية عضوية باهظة الثمن زيادة نسبتها 8.8% في ربع السنة الماضي مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت مبيعات سلسلة المطاعم الراقية مثل "ستارباكس" و"بانيرا" و"تشيبوتل" التي تفوق أسعارها أسعار مطاعم الوجبات السريعة التي سجلت أرباحا منخفضة خلال عام 2010.
وعلى صعيد متصل، شهدت الولاياتالمتحدة أعلى مستوى لعدد معاملات الإفلاس منذ عام 2005، في ضوء إحصاءات رسمية عنها خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010، وهو ما يعكس مدى تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد وارتفاع معدلات البطالة. وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "لا تريبون" الفرنسية، أحصى مكتب الخدمات القضائية 422061 دعوى إفلاس خلال الربع الثاني من العام الجاري 2010، أي بزيادة قدرها 9% عنها في الربع الأول، وزيادة قيمتها 11% عنها في الربع الثاني من العام الماضي 2009. ارتفاع حالات الإفلاس وبلغ العدد في خلال سنة من أول يوليو/ تموز 2009 إلى آخر يونيو/ حزيران الماضي 1.57 مليون، بزيادة 20% قياساً إلى الشهور ال12 السابقة للفترة، كما ارتفعت الإفلاسات الشخصية المتعلّق أكثرها بالأسر 21% إلى 1.51 مليون في سنة، وإفلاسات المؤسسات 9% إلى 59608. وتتجاوز هذه الإحصاءات للمرة الأولى حاجز 400 ألف إفلاس خلال فصل واحد من العام، منذ المستوى القياسي الذي سجل خلال الفصل الرابع من 2005 عند 667431 إفلاساً، نتيجة إقرار قانون الإصلاحات الفيديرالية للإفلاس، الذي شدّد المعايير التي تسمح للفرد أو للمؤسسة بأن يكونا في منأى من الدائنين.