صدر مؤخرا عن دار الحوار بسوريا كتاب "في نظرية الاستعمار وما بعد الاستعمار الأدبية" لمؤلفته آنيا لومبا، ترجمة محمد عبد الغني غنوم. يرصد الكتاب نظرية الكولونيالية وما بعد الكولونيالية الأدبية، وذلك من أجل مساعدة النقاد والأكاديميين على استيعابها ومن ثم توظيفها في قراءة النصوص الأدبية لحقبة الاستعمار وما بعدها وخاصة في المحيط الأدبي باللغة العربية. ووفقا لصحيفة "العرب" اللندنية يحتوي الكتاب على مقدمة وثلاثة فصول، وتبدأ المؤلفة مقدمتها بإثارة عدة مشكلات تتصل بغموض مصطلح الدراسات ما بعد الاستعمارية، وبالبدايات الأولى له. وتعرّف آنيا لومبا الاستعمار بأنه "غزو أراضي وممتلكات شعب آخر والسيطرة عليها". ولهذا فإن الاستعمار ليس ظاهرة أوروبية غربية حسب رأيها، بل فإن تاريخه قديم، وقد ارتكبته دول كثيرة. وترى أن "الامبريالية تعني ببساطة في استعمالها المبكر في اللغة الانجليزية "أمرا أو سلطة أعلى". ويعرّف "قاموس أكسفورد للغة الانكليزية كلمة إمبريال على أنها ببساطة ذات صلة بالامبراطورية والامبريالية على انها "حكم إمبراطور وخاصة عندما يكون استبداديا واعتباطيا، مبدأ وروح الامبراطورية وتأييد ما يعتقد أنه مصالح إمبريالية". وتذكرنا المؤلفة بأن لينبن وكاونسكي قد أعطيا "معنى جديدا لكلمة إمبريالية، وذلك من خلال ربطها بمرحلة معينة من تطور الرأسمالية". وفي تقدير المؤلفة فإن الامبريالية يمكن أن تكون رديفا للاستعمار الجديد حيث أنه "يمكن للامبريالية العمل دون مستعمرات رسمية" كما هي حال إمبريالية الولاياتالمتحدة هذه الأيام، لكن الاستعمار لا يستطيع ذلك". وتشير هنا إلى أن التبعية بكل أنواعها لبلد كان مستعمرا سابقا للدولة المسعمِرة سابقا في مرحلة الاستقلال هو ما يجعل من الأخيرة دولة امبريالية، ومن الأولى دولة خاضعة للاستعمار في صورته الجديدة. وهكذا يصبح ما تدعوه آنيا لومبا باختراق المراكز الكبرى للدولة الصغرى اقتصاديا، وثقافيا، وإعلاميا إلخ هو ذاته الاستعمار الجديد. وفي هذا السياق تطرح المؤلفة مصطلح "ما بعد الاستعمار" للنقاش، وتتساءل حول دلالته وماهية اختلافه عن مصطلحي الاستعمار، والاستعمار الجديد إن مصطلح ما بعد الاستعمار لا يشير ضمنيا إلى نهاية الاسعمار، أو إلى وجوده بصفة مطلقة، وإنما يدل على أن كلا من البلدان التي تعرضت للاستعمار، والبلدان التي قامت بالاستعمار لا تزال بقايا علاقات الاستعمار تتحكم في طبيعة التواصل بينهما ثقافيا، واقتصاديا ونفسيا وسياسيا وهلم جرا. إن فرنسا مثلا دولة ما بعد استعمارية بمعنى أن نسيجها البشري والثقافي، والديني على سبيل المثال يتميز بالتعددية، أي يتميز بوجود المستعمَِر سابقا على أراضيها بكل حمولة هويته المختلفة عن هوية سكان فرنسا ذوي الأصل الفرنسي عرقيا ولغويا، ودينيا، وثقافة وحضارة. وهنا ترى آنيا لومبا بأنه "يمكننا أن نستنتج أن كلمة "ما بعد الاستعمار" مفيدة في إظهار عملية عامة لها خصائص مشتركة عبر الكرة الأرضية". وفي الوقت نفسه فإنها تلاحظ بأن مصطلح "ما بعد الاستعمار" يحجب علاقات الهيمنة التي يحاول إظهارها.