أصدرت دار الشروق في القاهرة طبعة جديدة من رواية "فساد الأمكنة" للكاتب صبري موسى، وذلك بعد مرور حوالي 36 عاما على صدور طبعتها الأولى في سلسلة "الكتاب الذهبي" التي كانت تصدرها مؤسسة روزاليوسف، وأحدثت الرواية آنذاك دويا هائلا في الساحة الثقافية المصرية حتى إنها تعد من أهم الروايات التي صدرت في القرن العشرين . ووفق صحيفة "الخليج" الإماراتية كتب الناقد الراحل علي الراعي: "هذه رواية فذة كتبها روح شاعري، يتمتع بحس اجتماعي وسياسي مرهف، وروح تنفذ إلى ما وراء الأشياء، وتستحضر روح الطبيعة والإنسان معا، وتكتب هذا كله بلغة مشرقة؛ أنيقة ورصينة وجميلة، وهي بهذا علامة بارزة في الأدب العربي". وعلى ما يخبرنا الكاتب في المقدمة فإن فكرة الرواية تعود الى ليلة قضاها في "جبل الدرهيب" بالصحراء الشرقية قرب حدود السودان، أي انها ثمرة لقاء غير مدبر بالجبل الذي سيكون مسرح حوادث القصة بل وأحد شخوصها الأساسيين. فإذا ما جئنا إلى بطل الرواية نفسه، أي نيكولا، فهو المهاجر من مدينة روسية صغيرة، مقيماً في تركيا تارة وفي إيطاليا تارة أخرى، وحضور نيكولا شأن حضور ماريو المهندس الايطالي والباشا المصري والخواجة انطون وإيليا، ابنة نيكولا، ولاحقاً حضور صاحب العرش وحاشيته الباحثون عن ضرب من اللهو واللذة مختلف يستجيب إلى شهواتهم الجامحة. ووفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية الصراع الذي يقع ليس ذلك الصراع الأزلي ما بين الطبيعة والانسان، وإنما بين الأهواء والنوازع والمعاني المنسوبة الى كل من يلعب دوراً في هذه الحكاية ما بين الاتحاد والانفصال والتفكك، ما بين البراءة والفساد، وما بين العطاء المنظم والجشع. نيكولا، مثلاً، يحاول الاخلاص لتلك الوحدة الطبيعية التي يمثلها الجبل والمقيمون بجواره منذ البدء. وهو يحاول الذوبان فيها واتخاذها موطناً وأصلاً، غير أن وجوده هناك إنما هو تواطؤ في عملية انتهاك هذه الوحدة وافشاء اسرارها واستنزاف ثرواتها. وتواطؤ نيكولا هذا لا يقتصر على قيادة حفر أنفاق في الجبل واستخراج ما في جوفه من معادن، في اطار عملية لا غرض لها سوى الكسب الخالص، ولكن ايضاً في الشهوة المحرمة التي تراوده تجاه ايليا. فهو لا يختلف كثيراً عن الخواجة انطون أو حاشية السلطان ممن يتخذون الطبيعة وسيلة للثراء المجرد من أية قيمة أو معنى، أو موضوع إشباع رغباتهم الشاذة.