صدر مؤخرا عن دار طلاس كتاب "الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى وأثرها في تكوين الفكر الأوروبي" لمؤلفه رياض زركلي. يقع الكتاب في تسعة فصول ويتوزع على 224 صفحة، أما الهدف من هذا الكتاب كما يقول المؤلف: ".. الإسهام في إحياء التراث العلمي الضخم الذي خلّفه الأجداد وإبراز مقدار مساهمة العرب المسلمين في فترة العصور الوسطى في مضمار الحضارة الإنسانية والإنجازات التي قدموها في مختلف ميادين العلم والمعرفة في وقت كان بريق الحضارة العربية الإسلامية يخلب ألباب طالبي المعرفة الغربيين فيتسابقون إلى المدن العربية في بغداد وقرطبة وصقلية وغيرها لينهلوا من نهر المعرفة ويستمتعوا بدفء شمسها، ثم حين خرج العرب من الأندلس ومن صقلية انكب علماء الغرب على مئات المخطوطات التي خلفها العرب بعد رحيلهم عاكفين على ترجمتها إلى لغاتهم والتعرف إلى العشرات من العلماء العرب في مختلف العلوم كالطب والرياضيات والفلسفة وغيرها من العلوم الأخرى". ومن الموضوعات التي ناقشها الكتاب وفق صحيفة "الثورة" السورية "الأثر الموسيقي العربي على الغرب" يقول المؤلف: وخطت الموسيقى العربية في العصور الوسطى خطوات واسعة في مضمار التطور وبلغت حد الكمال في عديد من الحواضر العربية كمكة والمدينة ودمشق وبغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة، وخصوصاً في فن الغناء والعزف وفي التعرف على قواعد الموسيقى وأصولها وكذلك صناعة الآلات الموسيقية وتطويرها. وفي الوقت الذي لم تكن فيه أوروبا في هذه العصور على دراية بأي صنف من أصناف الانسجام الموسيقي فإنها شرعت بإرسال الوفود من إسبانيا وفرنسا وألمانيا إلى المعاهد والجامعات العربية لدراسة علوم الموسيقى العربية كما نقلت أوروبا اعديد من مؤلفات العرب في الموسيقى إلى لغاتها كمؤلفات أعلام الموسيقيين العرب والمسلمين من أمثال الكندي والفارابي والرازي وثابت بن قرة وابن سينا والأرموي وإخوان الصفا وابن باجة وغيرهم. وبلغ من تأثر حكام إسبانيا بالموسيقى العربية أنه كان في بلاط حكام قشتالة في شمال إسبانيا موسيقيون من المدجنين وهم المسلمون الذين بقوا في الأندلس بعد خروج العرب منها فكان الإسبان يتسامحون معهم في بادئ الأمر ويسمحون لهم بالبقاء ومزاولة أعمالهم. وقد التحق الطلاب الأوروبيون بالمعهد الموسيقي الذي أنشأه المغني المشهور"زرياب" في قرطبة والذي كان يتم فيه تدريس أصول الموسيقى والغناء والعزف على مختلف الآلات الوترية وكذلك فنون الشعر الغنائي والرقص. وفي ميدان الفلسفة استطاع الفلاسفة العرب والمسلمين أن يثيروا في الغرب حركة فكرية قوية خصوصاً بما حاولوه من التوفيق بين الفلسفة والدين، وفي مجال العمارة والزخرفة دلت الآثار التي خلفها العرب في الأندلس وصقلية وغيرها والتي تضمنت نماذج لمختلف الأبنية والقصور والقلاع والشوارع على المدى الذي بلغه العرب في ميدان العمارة.