تم اختيار رواية الكاتبة العراقية انعام كجة جي التي تحمل عنوان "الحفيدة الأمريكية" التي ترجمت إلى الفرنسية، ضمن قائمة أفضل 30 رواية نالت إعجاب أصحاب المكتبات في فرنسا من أصل 659 رواية زخر بها الموسم الأدبي الفرنسي الحالي، كما ذكرت صحيفة "البيان" الإماراتية. الترجمة الفرنسية صدرت عن دار "ليانا ليفي" في باريس بعنوان "إذا نسيتك يا بغداد" وأنجزها المصريان علا مهنا وخالد عثمان. الرواية تدور حول شخصية "زينة بهنام" التي عادت مجنّدةً أميركيةً إلى العراق الذي فرّت منه مع عائلتها وهي مراهقة، حيث عملت كمترجمة مع جيش الاحتلال والتقت جدتها التي تحمل قيما مختلفة أدت إلى مواجهة بين الطرفين. ووفقا لموقع "كتاب العراق"، البطلة زينة مسيحية أمريكية تعمل مترجمةً في المنطقة الخضراء، غير بعيدة عن جدّتها رحمة زوجة العقيد السابق في الجيش العراقي. وهذا ما يدفع زينة إلى التساؤل: كيف يمكن لجدّها المسيحي الكلداني أن يكون قومياً؟ هذه التجربة التي تعيشها زينة تجعل كل مَن حولها يتردد في موقفه منها: هل هي عميلة خائنة؟ أم ضحية النظام الذي فرّ منه والداها؟ حتى إنّ أقاربها يطلقون عليها لقب ال"كلب أبو بيتين". بينما تحتجّ زينة على كجه جي في حوار تضمّنته الرواية بين الشخصيّة والمؤلفة. هكذا، تروح زينة تدافع عن نفسها تجاه وصفها بأنّها ربيبة الاحتلال، الضّالة العائدة فوق دبابة أميركية، وهي التي تقاطعت مع تاريخها واختلفت معه، راثية الوطنية التي ولّى زمانها وتهلهلت شعاراتها. في الواقع، لن تتمكّن زينة المرفوضة من الجدّة والأقارب، من أن تعيد إنتاج عراقيّتها، لأنّها ترى نفسها أمريكية تعيش قطيعة مع القيم العراقية أيضاً. ألم تقع في حبّ أخيها من الرضاعة، رافضةً قيمة ومفهوم أخوّة من هذا النوع؟ بل إنّها تحاول غوايته فتقابَل بالصدّ والنبذ. وهي لم تر أيضاً مشكلة في حب هذا الأخ الذي تجنّد في جيش المهدي، وهذا تناقض آخر تجاه أمريكيّتها. وبينما يرى مهيمن أنّ الهجرة تترك المرء معلّقاً بين زمنين، تجد زينة في الهجرة استقرار هذا العصر، ولا ترى بأنّ الانتماء يتحقق بملازمة مسقط الرأس. مع ذلك، فهي ستهبّ للدفاع عن الطقس الشيعي الكربلائي، حين يقوم رفاقها من العسكر بتقليد الكربلائيات والسخرية منهنّ. وفي الوقت نفسه، تشارك في المداهمات الليلية، لتكون شاهدة على ذل وانكسار الكثيرين. تقدم الكاتبة القهر الأمريكي الكامن في أحياء تكريت وبغداد والموصل، ووصف المداهمات على نحو ساخر، يبيّن عشوائية تحطيم الأبواب ومطاردة المرضى والاشتباه بالأبرياء. تنتهي الرواية على زينة واقفة في مقبرة "آرلنغتن" في واشنطن، حيث يدفن الجنود الذين ماتوا في العراق. لقد تركت بلدها الأصلي بعدما ماتت الجدة التي تنتمي إلى جيل لم يلوث نفسه مع أي نظام، بينما تلوث الباقون، كل واحد بمقدار. وبموت الجدة، ينكشف الواقع الجديد عارياً من القيم القومية والوطنية والحب. واقع وُلد مصاباً بطاعون الأخلاق الحديثة، المعنونة بالولاء والمنفعة التي جاءت مع نظام صدّام، ثم الحصار، ثم الحرب فالاحتلال والإرهاب والقتل والتعذيب. زينة الآن عراقية مصابة بالشجن، كانت الجدّة تريد إعادة تربيتها حين رجعت ببزة عسكرية أمريكية، لكنّ الشجن كفيل بتربيتها في ولاية ديترويت حيث تفتقد الجميع من الأخ الحبيب والجدة الفقيدة، إلى العراق الراحل، وأمريكا التي كانت لها وطناً ذات يوم.