إيران أسهمت في سقوط بغداد وكابول .. بسهولة! غلاف المجلة محيط – مي كمال الدين حذر العدد الجديد من المجلة الفصلية العراقية "حضارة" من خطورة الدور الإيراني في عراق ما بعد الاحتلال ، كما تميز العدد بدراسات ومقالات لكتّاب عالميين من بينهم مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق الذي دافع عن المقاومة العراقية ، ونعوم تشومسكي الذي سرد تاريخ التعذيب الأمريكي بحق المدنيين العزل. المجلة تعني بالشأن العربي والإسلامي ويصدرها مركز الأمة للدراسات والتطوير ، ويرأس تحريرها أحمد فياض. إيران بعد الاحتلال استهل د.عبد الكريم العلوجي الكاتب والمحلل السياسي العراقي بحثه بتوضيح الدور النشط لإيران في العراق خلال عام 2005 ، وذكر أن إيران قد استفادت من وجود احد المقربين لها "إبراهيم الجعفري" على رأس الحكومة العراقية مما سمح لها بامتلاك مصادر للتأثير السياسي والاقتصادي والأمني على الساحة العراقية. وقد اعترف محمد على ابطحي نائب الرئيس الإيراني السابق بهذا الدور في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل في إمارة أبي ظبي قائلاً "أن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق" ومؤكداً أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة !
أثار الدور الإيراني في العراق ودعمها المعلن للأحزاب الشيعية الكثير من القلق الدولي والإقليمي فصدرت مؤخراً دراسة عن المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدولية جاء فيها "أن حرب أمريكا على الإرهاب أتت بمنفعة كبيرة على تقوية دور إيران في المنطقة إذ أزالت اثنين من الحكومات الإقليمية المنافسة للدولة الإسلامية الإيرانية، فبعد أن أسقطت الولاياتالمتحدة وحلفائها نظام طالبان عام 2001 ونظام الرئيس العراقي صدام حسين في إبريل 2003 فشلت الإدارة الأمريكية في استبدالهما بهياكل سياسية مستقرة ومتماسكة ومنحت هذه الحالة من الفراغ الإقليمي الفرصة لإيران لتحتل مركز القوة الوحيدة في المنطقة ولعب دور مباشر في العراق وجهاً لوجه مع عدوها اللدود أمريكا". أحمدى نجاد الرئيس الأيرانى وتتلخص السياسة الإيرانية في العراق في ثلاثة أهداف إستراتيجية تتطابق مع السياسة الأمريكية هي: أولاً "تصنيع الطائفة" أي تحويل الشيعة العراقيين من مواطنين إلى طائفة مغلقة وهو ما يضمن نسبيا تحويلهم لامتداد إيراني، ثانياً ضمان عدم نهوض الدولة الوطنية العراقية والتي تشكل تهديداً استراتيجيا للنفوذ الإقليمي الفارسي، ثالثاً ضمان النفوذ الإيراني في بغداد بحيث يكون لطهران رجالها المؤثرون في الهياكل السياسية العراقية. ويرى الكاتب أن موقف إيران من المقاومة العراقية لا يقل خطورة عن موقف الأمريكان أنفسهم إلا أن هناك فارق واحد يضعف من خطورة إيران ألا وهو أن الاحتلال الأمريكي مدان عربياً وإسلامياً وعالمياً أما إيران فتقوم بكل ما تقوم به وهي في وضع مريح حيث أمنت أي ردة فعل عربية أو سنية وربما رجع ذلك لعدة أسباب منها الحرب الإعلامية بين أمريكا وإيران والتهديدات التي يطلقها نجاد ضد الكيان الصهيوني مما جعل من الصعب إدانة الإيرانيين والتي تعني إدانتهم الوقوف مع الإمبريالية الأمريكية. مهاتير محمد وقراءة خاصة يقدم لنا د.احمد الجنابي وهو باحث عراقي بجامعة ملايا – ماليزيا بحثاً بعنوان "قراءة في القضية العراقية المعاصرة" من وجهة نظر رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد، الذي انتقد الحرب على العراق وما سبقها من حصار وتبعها من ويلات، ووصفه عدد من المحللين السياسيين بكونه "الضمير العالمي المعبر عن القضية العراقية".
ويرى مهاتير أن الحرب المسبوقة بحصار ظالم غير متكافئة، واستنكر العقوبات الاقتصادية والحصار والقيود المفروضة على الشعب العراقي بحجة أن القائد غير محبوب لدى الغرب، وقال أن الحملة العسكرية كان بمقدورها أن تأسر الزعيم العراقي وتعتقله ولكنها لم تفعل!. كما أن كافة المبررات التي ساقتها الولاياتالمتحدة وحلفائها لغزو العراق تميزت بالهشاشة وقال في ذلك "لقد أثبتت أمريكا وبريطانيا أنهم مستعدون لاختراع مزاعم كاذبة من أجل شن الحرب وقتل الأطفال والشيوخ والمرضى التي في نظرهم مجرد أضرار جانبية فاليوم يجتاحون بلدا لأنهم يرون أنه غير ديمقراطي وهل فرض الديمقراطية بالغزو أمر ديمقراطي؟. ومن الناحية الاقتصادية رأى مهاتير أن هذه الحرب ستفرز أثارا سلبية على الاقتصاد العالمي وإنها ستزيد من غضب المسلمين وستزيد من أعداد المتطوعين في المنظمات التي يسمونها إرهابية . وقد أيد مهاتير المقاومة العراقية، بالإضافة لاقتراحه إنشاء محكمة جرائم حرب بديلة عن محكمة لاهاي والتي عدها هيئة منحازة.
الشعر العراقي تحت عنوان "الاتجاهات الشعرية بعد احتلال العراق وأثرها في دعم القضية العراقية" تأتي مقالة الباحث والأديب العراقي محمد مساعد آل جعفر، والذي افتتحها قائلاً "أنه لطالما كان المثقف والأديب والفيلسوف أول معلن للثورة ولطالما كان القلم هو السلاح الأول في المقاومة عبر التاريخ". ويتخذ مساعد في مقاله من الشعر نموذجاً لقياس الحركة الأدبية المقاومة والناطقة باسم المقاومة المسلحة في العراق اليوم، ويركز على وجهين رئيسين من أوجه الحركة الشعرية التي ظهرت عقب الاحتلال الأنجلو أمريكي وهما "شعر رثاء الوطن" و"شعر المقاومة العراقية" ويستعرض في رثاء الوطن ديوان الشاعرة العراقية بشرى البستاني بعنوان "أندلسيات لجروح العراق" وتقول في إحدى القصائد:
الجندي الأمريكي يطلق ناراً فوق جبين صبي منتفخ الصدر سقط الطفل ببركة دم إذا فكوا صدره كانت أرغفة الخبز تنزف تحت قميصه كما يرثي الشاعر السعودي عبد الرحمن العشماوي العراق بقصيدة طويلة يقول فيها: يحاصرني من اللقطاء جيش=وبئس الجيش ليس له ضمير تلاحقني مجندة وكلب=فيا الله أيهما الحقير ويطعن عفتي وغد رماني=وفي عينيه شر مستطير ويقرر بعدها أنه ما عاد في العراق الذي كان يعرفه سجين في العراق ولست فيه=لأن عراقنا سجن كبير وما بغداد بغدادي فإني=أراها لا تجار ولا تجير وفي شعر المقاومة يأتي الشاعر محمد سعيد الجميلي بقصائد يتغنى فيها بالمقاومة العراقية ففي قصيدته "خمس عجاف" يقول:
لي في مصابك وقفة وعتاب=ونزيف قلب جرحه أبوابُ وشجون ذكرى تستدر دموعنا=وحطامُ صرحٍ خانه البوّابُ
ويحكي لنا بطولات المجاهدين قائلاً: كنا نصاول في الميادين العدا=وعلى مساجدنا تصول كلاب كنا نخط جهادنا بشريعة=تدعى لدى أعدائنا "إرهاب" ونميط عن غبش الطريق غشاوة=كي يفهم الجهّال والأعرابُ
عراقيات تبكين ذويهن حقوق العراقية الضائعة يناقش ملف العدد من مجلة "حضارة" مشاكل المرأة العراقية في ظل الغزو، من خلال موضوعي "حقوق المرأة في العراق الجديد" بقلم الأديبة والباحثة العراقية هيفاء زنكنة، و"تحقيق الديمقراطية الأمريكية في هموم اللاجئة العراقية" الكاتبة والإعلامية العراقية سارة علي.
يدور بحث هيفاء زنكنة حول زيف الادعاء الأمريكي بأن تحرير المرأة العراقية والدفاع عن حقوقها أحد الأسباب الرئيسية لغزو العراق، حيث قدمت الصورة الإعلامية التي رسمتها الإدارة الأمريكية المرأة العراقية بوصفها ضحية بحاجة إلى التحرير الأنجلو أمريكي – الصهيوني، وأنها يجب أن تنال حقوقها في ظل عراق ديمقراطي، حتى أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش قال في احد خطاباته "إن التقدم في مجال حقوق المرأة والتقدم في مجال "التحرير" مسألتان غير قابلتان للانفصال"، وإلى جانب هذا ظهرت جماعات "نسويات الاستعمار" وهن اللواتي ساهمن في الترويج الإعلامي للغزو، وربطن بين صورة المرآة الأفغانية المبرقعة المسلوبة الإرادة في ظل طالبان ووضع المرأة العراقية. جاءت بعد ذلك الشهادات الحية للنساء العراقيات والموثقة من قبل منظمات المرأة العالمية وتقارير منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، والمنظمات الإنسانية مثل "الصليب الأحمر الدولي" ، ومنظمات المرأة العراقية، حيث أجمعت كلها على تردي وضع المرأة بشكل مأساوي منذ غزو العراق عام 2003، حيث شكل الاحتلال كارثة إنسانية وأصبح أعداد النازحين والمهجرين حوالي خمسة ملايين شخص ثلثهم من النساء والأطفال، كما تتعرض المرآة طبقاً لتقرير تلك المنظمات للاختطاف والاغتصاب والقتل العشوائي والاعتقال، وأوضاع معيشية سيئة. ودحضت هذه الشهادات والتقارير زيف الصورة الإعلامية المبثوثة من خلال أجهزة الإعلام المتواطئة مع الاحتلال عن حقوق الإنسان في العراق الجديد. أما الكاتبة والإعلامية سارة علي فتناقش هموم اللاجئة العراقية وواقعها المرير والذي كان نتاجاً لما خلفه الاحتلال الأمريكي، وتوضح وضع المرأة العراقية اللاجئة التي تعاني وتضطر لإعالة أسرتها في دولة غريبة بعد فقد الزوج بالخطف أو القتل أثناء الغزو، وتتعرض لمعوقات في سبيل ذلك تتمثل في تصاريح الإقامة القصيرة المدى والتي تعرقل فرصة الحصول على عمل بطريقة قانونية، ولذلك لجأت المراة العراقية إلى العمل في مهن لا تتناسب مع وضعها الاجتماعي كأن تكون خادمة أو عاملة نظافة، وإذا كان هذا وضع المرأة المتعلمة فماذا عن اللواتي لا يملكن أي مؤهل جامعي؟. وبغير ذلك تضطر لخيار الزواج من عربي أو الهجرة غير الشرعية . نعوم تشومسكي . تاريخ التعذيب في أمريكا "تاريخ التعذيب في الولاياتالمتحدةالأمريكية" عنوان المقالة المترجمة للمفكر الأمريكي نعومي تشومسكي وترجمة سيف الجبوري. يقول الكاتب في مقاله أن "مصطلح التدخل لدواعي إنسانية" تم تحويره دائماً ليتناسب مع المرحلة التاريخية لأي حدث أو مكان يكون لأمريكا رغبة في اقتحامه، و أن مصطلح "الحرب على الإرهاب" الذي جاء به بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان الغطاء لكل الممارسات والجرائم البشعة التي قامت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد شعوب العالم في أفغانستان والعراق وكافة بقاع العالم فقط لإرضاء النزعة الإجرامية لدى الإدارة الأمريكية السابقة وإشباع الرغبة في ممارسة العنف لدى أفراد الشعب الأمريكي وتوجيهها إلى الخارج بدلاً من بقائها داخل أمريكا.
ورأى أن تاريخ أمريكا في الممارسات الوحشية طويل، ويأتي اعتراف أمريكا بعد فترة كبيرة من الممارسات الوحشية ضد الهنود على لسان "جون كوينسي آدامز" الذي قال " لقد كنا في سباق لإبادة السكان الأصليين بأكثر الطرق وحشية، وبسبب هذه الجرائم أؤمن بأن الرب سوف يضع هذه الأمة يوماً ما أمام المحاكمة التي أرجوا أن تكون عادلة أكثر من المحاكمات التي نصبناها للسكان الأصليين".