صدر مؤخرا كتاب "المال السيئ" للمحلل الاقتصادي المعروف كيفن فيليبس . يقول فيليبس في كتابه إن الأزمة الاقتصادية الحالية لم تبدأ في عهد الرئيس جورج بوش، رغم المسؤولية التي تتحملها إدارته في تفاقمها، بل لعب الحزب الديموقراطي، وخاصة في عهد إدارة الرئيس بيل كلينتون، دورا هاما ومحوريا في نشوء وتطور الأزمة المالية العالمية الحالية لتصل إلى ما وصلت إليه الآن. يقول محمد خير ندمان بصحيفة "الوطن" السعودية أن المؤلف يوجه انتقادات حادة إلى الحملة الرئاسية الأمريكية الأخيرة التي أسفرت عن فوز باراك أوباما، وذلك في كلا المعسكرين الديموقراطي والجمهوري، والتي يقول إنها فشلت في طرح ومناقشة أسباب وتداعيات الأزمة الحالية. ويقدم فيليبس عددا من الأسباب لحدوث الأزمة منها أن التوسع الاقتصادي في عهد الرئيس جورج بوش كان أول توسع في تاريخ الولاياتالمتحدة يستثني الطبقة الوسطى. ففي مراحل الازدهار الأخرى، بقيت الطبقة الفقيرة خارج لعبة الثراء لكن الطبقتين الوسطى والغنية كانتا تستفيدان بشكل واضح. أما في مرحلة الازدهار الاقتصادي التي شهدتها أمريكا بشكل خاص في السنوات الأولى لإدارة بوش فلم يستفد منها سوى الطبقة الغنية فقط. فقد بقي دخل الأسرة الأمريكية الوسطى على ما كان عليه في عام 1999. وفي عهد بيل كلينتون أيضا لم تكن الأمور أفضل بكثير، فمنذ عام 1983، حسب دراسة قام بها مركز (بيو) المستقل للأبحاث مؤخرا، زاد دخل الأسرة في الطبقة الغنية أكثر من الضعف، أما الأسرة المتوسطة فلم يزد دخلها أكثر من 29% خلال هذه الفترة نفسها. ويري فيليبس إن هناك عاملين رئيسيين يتعلقان بالبنية الاقتصادية يقفان وراء الأزمة: خلال العقود الثلاثة الماضية، توسعت الخدمات المالية من 11% من إجمالي الناتج المحلي إلى 21% في الولاياتالمتحدة، في الوقت الذي تراجع فيه قطاع التصنيع من 25% إلى 13% في نفس الفترة، وأدى هذا الاعتماد الكبير للاقتصاد الأمريكي على قطاع المال إلى توسع الدين في القطاعين العام والخاص إلى درجة مؤذية ومدمرة. من ناحية ثانية أدى فشل سياسات الطاقة في الولاياتالمتحدة إلى جعلها عرضة للتأثر بتصاعد إنتاج النفط، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الدولار بشكل أكبر لأنه مدعوم بشكل أساسي من اقتصاد البترول العالمي. يقول فيليبس إن هناك مؤشرات كثيرة أفرزتها الأزمة الحالية تشير إلى قرب نهاية الولاياتالمتحدة كقوة اقتصادية عظمى. باختصار إن الإدارة السيئة لقطاع الخدمات المالية في الولاياتالمتحدة لم تسبب خيبة الأمل للشعب الأمريكي فقط، لكنها تسببت أيضا في أن يجر النظام الرأسمالي الأمريكي العالم كله إلى أزمة مالية خانقة لا يبدو أنه سيخرج منها في وقت قريب.