يدعو الباحث الفرنسي المعروف جيل كيبل في كتابه "الإرهاب والشهادة" أوروبا إلى الحلول محل أمريكا لأنها أقرب إلى منطقة الشرق الأوسط وأعرف بقضاياها ثم لأن مشروع الرئيس بوش قد وصل إلى الباب المسدود. يضاف إلى ذلك أن أمريكا مشلولة الآن ولمدة ستة أشهر بسبب الانتخابات وبالتالي فيمكن للرئيس ساركوزي، الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي، أن يجلس على عرش العالم محلها ولو لفترة قصيرة. ولهذا السبب عقد مؤتمر الاتحاد الأوروبي المتوسطي في باريس مؤخرا. يصل جيل كيبل إلى النتيجة القائلة وفق ما نقل عنه هاشم صالح بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: لقد وصل مشروع الرئيس بوش والمحافظين الجدد إلى الباب المسدود تماما كمشروع القاعدة والجهاديين السلفيين. ويرى جيل كيبل أن الحل يمكن الوصول إليه عن طريق الاتحاد الاوروبي. وبالتالي فقد آن الأوان لكي تخرج أوروبا من سلبيتها وخوفها من الأمريكان ؛ فهي الجار الأقرب للشرق الأوسط وشمال افريقيا وليس الولاياتالمتحدة التي تبعد بالاف الكيلومترات. وعليها أن تشكل في المستقبل القريب واحدة من أكبر المناطق الجيو استراتيجية في العالم: أي أوروبا كلها بالإضافة إلى العالم العربي بمشرقه ومغربه وكذلك تركيا وإيران. هذا دون أن ننسى إسرائيل. ويرى كيبل أن الضعف الظاهري لأوروبا من الناحية العسكرية قياسا إلى أمريكا هو نقطة قوة بمعنى أنه بعد فشل سياسة العصا الغليظة لأمريكا لم يعد أمام العالم إلا سياسة اليد الناعمة والحضارية لأوروبا. ثم يوضح جيل كيبل مشروعه قائلا وهو يتحدث عن منطقة الخليج العربي والدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في تشكيل هذا الفضاء الواسع الأوروبي المتوسطي: حتى الآن كان الاتحاد الاوروبي يركز أنظاره على الغرب الأطلسي وأمريكا. وكان الخليج العربي يستدير بأنظاره نحو الشرق الأقصى العطشان إلى بتروله والسخي بدولاراته. وبين هذين القطبين المتطرفين ضاعت منطقة البحر الأبيض المتوسط وأهملت. وهذا شيء مؤسف جدا لأن هذه المنطقة مملوءة بالطاقات السكانية والثروات البترولية والغازية. واذا لم تستخدم هذه الطاقات من أجل التنمية فإن المنطقة العربية الإسلامية سوف تستسلم للمشروع الأصولي وتتقهقر وتعود الى القرون الوسطى. وهذا ليس من مصلحة أوروبا على الاطلاق لأنها الأقرب جغرافيا إلى العالم العربي الإسلامي ولأنها تحتوي الآن على خمسة عشر مليون مسلم على الأقل. ثم يقول كيبل - وفقا لنفس المصدر -: لتحقيق هذا المشروع الكبير ينبغي إطفاء الحرائق اولا في المنطقة: أي الحريق الاسرائيلي الفلسطيني من جهة والحريق الايراني العربي، أو حتى السني الشيعي من جهة اخرى.