دمشق: صدر مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب بسوريا كتاب "واشنطن والعالم" تايف بيير هاسنر، وجوستان فاييس، ترجمة د. قاسم مقداد. ووفقا لعزيزة السبيني بصحيفة "تشرين" السورية يحاول الكتاب فهم أعماق السياسة الخارجية الأمريكية من خلال التعرف على التيارات الفكرية التي تحرك مؤسساتها والعالم. ويشير المؤلفان إلى سيسويولوجيا النقاش في واشنطن حول السياسة الخارجية ومضمونها، وأكثر ما يثير الانتباه في هذا النقاش مقارنة ببلدان أخرى هو تنوع الآراء وكثرة صيغ التعبير عنه وأشكاله. ونشوء مراكز بحثية خاصة بكل مرحلة، فكانت المرحلة الأولى في مطلع القرن العشرين إبان الفترة التي سادت فيها الأفكار التقدمية، فكانت تقدم الخبرة والشخصيات التكنوقراطية، وتعبئة الأمريكيين وتربيتهم إزاء المسائل السياسية العامة. والمرحلة الثانية جاءت بعد تسلم الولاياتالمتحدة لمسؤولياتها العالمية التي أدت الى تضخم الحكومة الفيدرالية وازدياد الطلب على الخبرة. وفي المرحلة الثالثة حيث تم وضع برنامج سياسي محدد مرفق بتوصيات عملانية قام على إنشائها رؤساء سابقون مثل نيكسون وكارتر. وقد شهدت المرحلة الأخيرة تكاثر المراكز البحثية وتنامي تخصصها ومن بين الأفكار الجديدة المتداولة في السياسة الخارجية المجال العسكري والمنظمات غير الحكومية، وجماعات الضغط، ووسائل الاعلام، والجامعات والنواب والشيوخ ومعاونوهم البرلمانيون. فضلاً عن تجمعات سياسية غير واضحة المعالم قد تؤثر بشكل كبير على المناقشات. وسعى الكتاب -وفقا لنفس المصدر- الى تصنيف مدارس الفكر الأمريكية في مجال السياسة الخارجية معتبرا ان احدى نقاط الانطلاق التقليدية في الحديث عن مدارس السياسة الخارجية هي التمييز بين الويلسونيين "ويلسون" والواقعيين "روزفلت". فكان روزفلت يرى ان مصلحة الأمة تقتضي قيام أمريكا بدور عالمي، وإذا كانت مصالحها تصطدم بمصالح بلدان أخرى كان من واجبها اللجوء الى القوة من أجل تحقيق الانتصار. أما ويلسون فكان يعزو الى أمريكا دوراً ميسيانياً، فكان عليها إشاعة المبادئ التي تحكمها في العالم كله، وليس العمل على تحقيق توازن القوى ومن هنا فإنه خلال إدارة ويلسون أصبحت أمريكا فاعلاً أساسياً في الشؤون الدولية. ويشير المؤلفان الى الرؤى الأمريكية بعد الحرب الباردة عبر نموذجين الأول: هو نموذج النظام العالمي الجديد الذي بشر به بوش الأب إبان حرب الخليج، وان أي عدوان تقوم به دولة على دولة أخرى يتم إيقافه من قبل المجموعة الدولية التي ستردع المعتدي وتحمي الضحية. والنموذج الثاني: هو نهاية التاريخ الذي قال به فوكوياما وهو انه بعد تتابع سقوط كل من الفاشية والشيوعية، لم يبق هناك خصوم أو بدائل للديمقراطية الليبرالية والرأسمالية. وحول الرؤى المتعلقة بالشرق الأوسط يستعرض المؤلفان تطور النقاش الأمريكي حول الشرق الأوسط بعد أحداث سبتمبر، حيث ان صانع القرار الأمريكي لم يهتم بهذه المنطقة إلا في وقت متأخر وتحديداً في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان ينظر إليها بشكل خاص عبر موشور بعض الملفات النوعية: البترول في السبعينيات، لبنان وإيران في الثمانينيات، عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية، والعراق في التسعينيات، واليوم ينظر الى ملف الشرق الأوسط بشكل أكثر شمولية وتطور النقاش نحو تساؤل يتعلق بالتطور التاريخي للعالم الاسلامي، وبإعادة نظر جذرية للموقف الأمريكي في المنطقة. ويتناول الكتاب كذلك آليات اتخاذ القرارات ومضامين السياسة الخارجية الأمريكية من خلال تحليل دور مجموعات الضغط ومراكز الأبحاث، والمسارات التي تتبعها للتأثير على أجهزة ومؤسسات التقرير والتنفيذ الأمريكية.