الرباط: صدر عن منشورات الزمن المغربية طبعة جديدة من رواية بديعة وفؤاد للكاتبة اللبنانية الراحلة عفيفة كرم، والتي نشرتها في طبعتها الأولى بنيويورك سنة 1906م، وتعتبر هذه الرواية باكورة أعمال الراحلة والتي كتبتها وعمرها 23 عاما. ووفقا لجريدة "الإتحاد" الإماراتية يقول الدكتور سعيد يقطين في مقدمته لهذا العمل: "نجد أنفسنا أمام رواية متكاملة البناء تتميز بلغتها المتينة وثقافة صاحبتها الغزيرة ووعيها بالشكل الفني الروائي وخصوصيته. يبدو لنا ذلك بجلاء من خلال المقدمة التي صدرت بها هذه الرواية، أو من خلال تحليل دقيقٍ ومتأنٍ للمتن الروائي. تتوزع الرواية على أربعة وأربعين فصلاً تتدرج فيها من لحظة وقوع فؤاد في حب بديعة وعمل أمه وابن خالته على الحيلولة دون إتمام هذا الزواج إلى سفر بديعة إلى أميركا للعمل ومعاناتها هناك من حياة الغربة، ووصول ابن خالة فؤاد إلى هناك لمواصلة دسائسه وكيده ضدها، وصولاً في النهاية إلى انكشاف الحقيقة وزواج بديعة من فؤاد بعد الرجوع إلى الوطن". ويرى الدكتور يقطين أن هذه الرواية بنيت على قصة حب يرفضها المجتمع ممثلاً في الأم حامية التقاليد الزواج من خادمة، لكن هذا الحافز السردي لم يكن سوى إطار للتعرض للعادات والتصورات الاجتماعية السائدة، وانتقاد مختلف أنماط السلوك المهيمنة. وكان اختيار القيم المختلفة والمتصارعة والتي تمثلها شخصيات مختلفة الثقافة والتكوين والإدراك وتباين المجتمع العربي في سوريا أو في المهجر الأميركي، إطاراً ثانياً تتبدى معه التفاوتات بين المجتمعين وكيفية التصرف فيهما من لدن تلك الشخصيات. إن بديعة، بطلة الرواية مثال للمرأة المتمسكة بالهوية الوطنية وبالأخلاق والقيم السامية والثقافة الواسعة والقدرة على إبداء الرأي وإعمال النظر والعقل في كل المواقف مع جرأة وقدرة نافذة على الإقناع والجدال، لذلك نجدها تمثل الضمير الحي والاخلاق الذي يتعامل بوعي ومسؤولية، فيقدر الأمور حق قدرها بعد تقليب كل الوجوه والنظر في العواقب وآثارها على الذات والمجتمع: تنقد التقاليد البالية، والسلوكيات غير الإنسانية في الوطن أو المهجر. تقدر العمل كيفما كان نوعه وتمتدح القيم الإيجابية في المجتمع الأميركي وتعترض على الممارسات التي تراها غير إنسانية أو تهدر كرامة الإنسان أياً كان مؤتيها. لذلك يمكن القول إن الرواية تضعنا أمام رؤيات ومواقف متعددة ومختلفة للإنسان تجاه الإنسان والعالم.