القاهرة: تعقد مساء اليوم بنادى القصة بالقاهرة مناقشة لرواية "مواقيت الصمت" للروائي خليل الجيزاوي ، يناقش الرواية أ.د. عبد المنعم تليمه ، د. أماني فؤاد ، د. محمد زيدان ، ويديرها الأديب محمد قطب ، وبحضور عدد كبير من الأدباء والنقاد والكتاب. يذكر أن رواية (مواقيت الصمت) صدرت عن الدار العربية للعلوم للنشر ببيروت، بالاشتراك مع مكتبة مدبولى للتوزيع بالقاهرة. وهي الرواية الرابعة من المشروع الإبداعي للروائي خليل الجيزاوي، بعد رواية "يوميات مدرس البنات" 2000، ورواية "أحلام العايشة" 2002، ورواية "الألاضيش" 2003، ومجموعتين قصصيتين "نشيد الخلاص" 2001، "أولاد الأفاعي" 2004. من الفصل الأول للرواية .." أعود للبيت منكسرة، أصعد الدور الثالث منهكة، لكن يدفعني ألف سؤال كي أبحث، أسأل مرة ثانية، ثالثة، أفتش عن الحقيقة، أدخل الشقة، تُواجهني الصالة كئيبةً باردةً، أجري ناحية غرفة بابا، أقلّب أدراج المكتب، أقف أمام مكتبة والدي الصغيرة، أفتح دولابه الكبير، تتبعثر أوراق كثيرة، قديمة! أعود للصالة، تُواجهني صورة أبي في إطارها، أنظر إليه دامعة، ينظر ناحيتي، يبتسم حانياً، أرتجف، أفزع، أشاهد أبي ينفض غبار الأيام من على بدلة الإطار. أراه يمد رجله يخرج من عتبة جدار الصورة، تتحرك كنبة الأنتريه ناحيته، يهبط أبي من الصورة، يسند برجله على الكنبة، الثانية تلامس سجادة الصالة، يجلس على كرسي الأنتريه المخصص له طوال عشرين عاماً، يُشير ناحيتي أن أجلس أمامه على كنبة الأنتريه، يقول: أعرف يا بنتي أنك تعذبت كثيراً! يصمت مُستدركاً، يعود قائلاً: كلنا تعذبنا، كلنا انكتب علينا أن نشرب من هذا الكأس، إنه القدر يا بنتي، لا حيلة لنا فيه، كلنا تعذبنا، تألمنا، لكن كان ألمك أشد، أقوى! هل تودين الآن معرفة الحقيقة؟ أو على الأقل سر هذا العذاب الذي يُطاردك، يُصيبك بالفزع، القلق! نعم يا بنتي، بالتأكيد لا أعرف من منكما تجلس أمامي الآن؟ نعم كان لك أخت، توأمك، تشبهك تماماً، فرحنا بكما، كل أب يسعد، يطير من الفرح، متى يرى وجه أول مولود له، ما بالك حين يرى ابنتين جميلتين دفعةً واحدةً! اخترت لكما اسمين جميلين: هبة، هند، صممت على ذلك، رغم اعتراض أمكما كالعادة، مرّ العام الأول بسلام، فجأة ماتت هبة، بدأ الصراخ يملأ البيت من توأمها هند، صُراخاً ليس له حدود، يُشبه عراك القطط الليلي، احتار كل أطباء الأطفال، فشلوا في تشخيصه، سمعنا كلاماً كثيراً، من القصص، الحكايات الشعبية، عن اقتران أرواح التوأمين بالقطط، قالوا: إن روح أختك لا تزال في البيت. نبهت علينا أم شحته بعدم ضرب القطط! أمك طبعاً، قاطعتها قائلة: إيه التخاريف دي! لكن لما شافت إنك بتنامي بدون صراخ طول ما القطة جنبك قالت: بسيطة يا أم شحته، خليها تنام في حضن القطة! يمكن ترحمنا من صراخها! سنين طويلة مرت على مصاحبتك للقطط، ضربك للكلاب، مطاردتك لهم دوماً! بدأت ألاحظ حبك للمكان، الشارع، البيت، للقعدة على السلم مع القطط، يوم ما رفضتي تنتقلي مع أمك مصر الجديدة، بدأت أخاف عليك! نعم كان خوفي عليك هو السبب المباشر، الحقيقي في كتمان حكاية التوأم! لكني الآن بعد عشر سنين من وفاتي، أفتح لك، وأمامك دفتر الحقيقة، من حقك الآن أن تعرفي كل الحقيقة".